إذا تأكدت صحة هذه الروايات التي نشرتها صحيفة «التايمز» البريطانية من أن دولة زيمبابوي وقعت عقدا سريا لبيع اليورانيوم الخام، وهي المادة الرئيسية المستخدمة في تصنيع أسلحة نووية، لإيران فان هذا يعتبر انتكاسة أخرى للعلاقات المضطربة بين إيران والغرب بشأن برنامجها النووي المثير للجدل وزيادة في التأزم واستمرارا في مقارعة المجتمع الدولي وخرقا للعقوبات الدولية المفروضة عليها. كانت صحيفة « التايمز» البريطانية أولى الصحف التي تنشر القصة، مستشهدة بمقابلة لجيفت شيمانيكيري، نائب وزير المناجم في زيمبابوي والذي كشف فيها النقاب عن توقيع زيمبابوي مذكرة تفاهم لتزويد إيران باليورانيوم. حيث قال»رأيت عقداً يتعلق بتصدير اليورانيوم إلى إيران.» إلا أن شيمانيكيري أوضح أن هذا الاتفاق وقع بدون علمه ولم تعرف به إلا «حفنة من الأشخاص في قمة السلطة». وطبقاً لشروط تلك الصفقة؛ فإن إيران ستستطيع الوصول إلى ما يقدر ب 455 ألف طن من اليورانيوم الخام الذي يمكن أن ينتج 20 ألف طن من اليورانيوم المخصّب في السنوات الخمس القادمة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقة تعود إلى عام 2007 وذلك عندما زار موجابي طهران بحثاً عن النفط بسبب الضغوط الدولية التي مورست عليه نتيجة السياسة التي انتهجها منذ بداية حكمه والتي تقوم على نزع ملكية الأراضي من البيض من أصول أوروبية ومنحها إلى الأفارقة، خاصة بعد تاريخ طويل من الفصل العنصري في تلك الدولة التي كانت تحت سيطرة بريطانيا حتى 1965م، مما أدى إلى عزلة دوليا وجعلته ينضم إلى معسكر المعادين إلى الغرب وجعلته يلتفت إلى الشرق من أجل ايجاد حلفاء أقلّ انتقاداً له، والبحث عن أسواق مفتوحة لبلاده في الشرق الأوسط وفي آسيا. وفي غياب سياسة عربية موحدة كانت إيران جاهزة لملء هذا الفراغ فسعت إلى التقارب من زيمبابوي وتمخض هذا التقارب عن توقيع عدد من اتفاقيات التعاون المشترك في مجال الطاقة وتكرير النفط والزراعة، كما تعهد السفير الإيراني في هراري بمساعدة بلاده لزيمبابوي في صد العقوبات التي تستهدفها. في المقابل كانت إيران تسعى من هذا التقارب الى الحصول على اليورانيوم من زيمبابوي والتي اشارت كثير من المصادر الى وجود رواسب اليورانيوم في وادي زامبيزي لزيمبابوي. وفي 2010 زار الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد هراري، عاصمة زيمبابوي وخلال الزيارة، حصل على تأييد موجابي لحق طهران في امتلاك برنامج نووي وتم توقيع الاتفاق السري الذي كشفت عنه الصحيفة. ولفهم أعمق لهذا التقارب الايراني الزيمبابوي فلابد من وضعها في اطارها التاريخي للتغلغل الايراني في افريقيا. فالتدخل الايراني في افريقيا قديم لكنه أخذ يتطور بشكل متسارع في فترة احمدي نجاد الرئيس السابق لايران في سبيل كسر الحصار الغربي الذي فرض على ايران بسبب برنامجها النووي. ففي 29 يناير 2008 اعلن منوشهر متقي أن هذا العام سيشكل حدثاً هاماً في العلاقات بين إيران وافريقيا، وبعد ثلاثة أيام وأثناء حضوره قمة الاتحاد الافريقي في أديس أبابا أعلن متقى استضافة طهران للاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الأفارقة. وان كان الاجتماع كان لجميع الدول الافريقية الا انها كانت شرارة لتقوية العلاقات مع هذه الدول الثلاث كالسنغال وجامبيا وجنوب افريقيا وزيمبابوي. وأخيرا اذا كان الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني حسب تصريحه الأسبوع الماضي من أن «بلاده مستعدة لتهدئة كل المخاوف بشأن برنامجها النووي وان الخلاف بشأنه يمكن ان يحل سريعا» فالسؤال المطروح هو اذا تأكدت صحة هذه الروايات هل هذا سيدفع بروحاني إلى الإسراع بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم الذي يدعمه المرشد الأعلى للثورة الايرانية علي خامنئي ويحاول ايجاد حل جذري للازمة ويعمل على تخفيف التوتر مع الغرب والمجتمع الدولي والعمل على رفع الحصار المفروض على بلاده أم على مزيد من التأزم.