علينا اختيار الشخصيات التي نودعها أسرارنا بعناية فليس كل صديق قادرا على حفظ السر ، فابحث عن شخص يشبه حذيفة بن اليمان في كتمانه لتودعه سرك. صدورنا مستودعات «أسرار» متفاوتة الحجم ، فالقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات الخاصة بنا أو بالآخرين متباينة من شخص لآخر ، فالبعض بئر أسراره عميقة لا تصلها العيون ، وبعضنا الآخر علب زجاجية مكشوفة لكل المارة. مفهومنا للخصوصية يحدد طريقة تعاملنا مع الأسرار ، فالبعض حياته كتاب مفتوح ، ويتعامل بشفافية عالية تضيق معها مساحات الخصوصية وبالتالي يقل منسوب الأسرار في خزائنه ، والبعض الآخر يؤمن أن للغموض جاذبية أكثر من جاذبية تفاصيل الخصوصية ولا أعلم لماذا تتآمر الثقافات والأجيال على المرأة وتصفها بأنها لا تستطيع الاحتفاظ بالسر ، فهذا برناردشو وكعادته في التحامل على المرأة يقول: (السر في قلب المرأة كالسم .. إن لم يخرج منها قتلها) ، ويستثني فولتير سراً واحداً عند المرأة: (السر الوحيد الذي تستطيع المرأة أن تحتفظ به هو عمرها) ، وأضاف أحد الظرفاء على هذا السر سراً آخر وهو «وزنها»، وقد اطلعت على دراسة أمريكية في جامعة ميشيغن قامت بها الدكتورة مارغريت باول عنوانها «المرأة أقدم وكالة أنباء عالمية» ذكرت من نتائجها أن المرأة المصرية لا تستطيع حفظ السر أكثر من ثمانية وثلاثين ساعة !. والأصل في كثير من الأسرار هو الإفشاء ، وكما يقول الفرنسيون: (سر الثلاثة سر الجميع) ، فالسر إذا أردت كتمه لا تخبر به أحداً ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (ما أفشيت سري أحداً قط فأفشاه فلمته إذ كان صدري به أضيق) ، فالناس لن تتعامل مع خصوصياتك كما تتعامل معها أنت ، بل يذهب الفيلسوف الألماني نيتشه لأبعد من ذلك عندما يقول: (نادرون أولئك الذين لا يتاجرون بأخطر أسرار أصدقائهم عندما يعجزون عن إيجاد موضوع للمحادثة). مفهومنا للخصوصية يحدد طريقة تعاملنا مع الأسرار ، فالبعض حياته كتاب مفتوح ، ويتعامل بشفافية عالية تضيق معها مساحات الخصوصية وبالتالي يقل منسوب الأسرار في خزائنه ، والبعض الآخر يؤمن أن للغموض جاذبية أكثر من جاذبية تفاصيل الخصوصية ، والأصل في الأشياء الستر إلا ما ثبت ضرورة كشفه ، ولكن يتفق الجميع في النهاية على أن هناك أشياء خاصة يحرم انتهاكها مثل ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه). من الأشياء التي لا ندرسها بشكل جيد وهي مهمة في باب الأسرار هو توقيت إفشاء المعلومة، فالأسرار غالباً لها تاريخ صلاحية على غرار الطريقة الغربية في كشف الوثائق السرية بعد مرور ربع قرن ، ونحن قد نفسد العمل بالنشر عنه في التوقيت الخطأ ، وكم صفقة طارت لأن الأخبار خرجت قبل وقتها ، وفي الحديث قيل: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، وكذلك علينا اختيار الشخصيات التي نودعها أسرارنا بعناية فليس كل صديق قادرا على حفظ السر ، فابحث عن شخص يشبه حذيفة بن اليمان في كتمانه لتودعه سرك. دربوا أطفالكم على توسيع مستودعات أسرارهم ولا تخترقوها ..