تعتبر الرقابة على المشاريع الحكومية وجها من وجوه حوكمة المشاريع من خلال معايير رقابية حسابية ومالية وسلوكية حتى لا تستغل بشكل خاطئ يسيء للمال العام سواء من المسئول الحكومي أو من المتعاقد لتنفيذ المشروع. الرقابة على المشاريع وظيفة ذات اهمية كبيرة لأسباب كثيرة. اولاً تعتمد كفاءة المشروع على التكلفة المالية، لذلك تصبح الرقابة اهم مصادر الجودة في الكفاءة. ثانياً يتشكل السلوك البشري في تصريف المال العام بوجود الرقابة، حيث ينتشر الفساد المالي في غيابها. ثالثا يبالغ المسئولون عن المشاريع في تكاليفها لأسباب شخصية منها مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة. رابعاً تصبح جودة المشاريع متدنية في حال غياب الرقابة المخلصة. ولا تتوقف مسئولية الرقابة على المشاريع الحكومية عند الجودة، بل يجب أن تشمل استحدام المواد الخام والمنتجات الوطنية لتشجيع الصناعات الوطنية وتوظيف الأيدي العاملة الوطنية. إن وجود نظام رقابة فعال يزيد من الميزة التنافسية للدولة ويجعلها تستغل مواردها بالطريقة الأمثل، ناهيك عن كونه ميزة تنافسية. ونجد اليوم أن المشاريع الحكومية في المملكة ذات تكاليف عالية ومضاعفة مقارنة بمثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي ودول نامية أخرى ما يؤكد على عدم كفاءة استغلال المال العام إما بسبب الفساد أو عدم القدرة على التقدير الصحيح لتكاليف المشاريع الحكومية. ومن المؤكد انه يمكن الحكم على المشاريع التي لا تشتمل على خطة للتحكم في التكاليف ومعايير للجودة بأنها مشاريع مكلفة وعلى جودة متدنية ومشجعة على الفساد بشتى اشكاله وبالتالي يعد هذا هدرا للمال العام. وتصنف العديد من المنظمات والهيئات الدولية المهتمة بالشفافية والحوكمة الحكومات في العالم من حيث الشفافية والفساد والاخلاقيات وتوافر انظمة تحكم حكومية او خاصة في نظافة الاجراءات والعطاءات لطرح المشاريع. وقد قيمت منظمة الشفافية الدولية Transparency International الدول طبقاً لمعايير منها وجود نظام شفاف للتحكم في تكاليف المشاريع الحكومية، حيث كان تصنيف المملكة متأخراً جداً في هذا الشأن. ويجب أن تؤخذ جودة المشاريع في الاعتبار فلا تعطى لشركات لا تستطيع تنفيذها بجودة عالية حتى وإن كانت تكاليفها عالية. وهنا احذر من الشركات التي تقبل تنفيذ المشاريع بتكلفة متدنية لأنها ستخفض النفقات على حساب الجودة لتحقق أرباحاً عالية على حساب الجودة لتصبح مشاريع سيئة الجودة لا تقدم المطلوب منها لمدة زمنية طويلة. وأطرح في هذا المقال الحاجة لتأسيس هيئة متخصصة في الرقابة على المشاريع الحكومية، بحيث تكون وظيفتها رقابية مالية واجرائية وتحقيق الجودة والشفافية والنزاهة في المناقصات. وأرى أن تكون الهيئة هيكلياً مرتبطة مباشرة بالمقام السامي في أدائها وتقاريرها وقراراتها. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]