الدمام – هدى اليامي القحطاني: «إقرار الذمة المالية» لابد أن يشمل من سبق له العمل الحكومي. آل تويم: «الإدارة بالرشاقة» تحول دون تضخم الأجهزة الرقابية. خاشقجي: أتمنى أن يشمل «إقرار الذمة المالية» كافة موظفي الدولة. لابد من التعويض المادي لتعزيز مبدأ النزاهة بين العاملين في الجهات الرقابية. الأجهزة الرقابية يجب أن تعتمد على «مؤشرات للأداء» في رصدها الجهات الحكومية. «الإدارة المحلية» تعزز دور «مجالس المناطق» في تحديد أولويات كل منطقة. اقتراح ل «هيئة مكافحة الفساد» بدعوة الأجهزة الرقابية الأخرى إلى منتدى تنسيقي. تعد عملية الرقابة الإدارية أمراً بالغ الأهمية في سير أي منظومة كانت؛ حيث تتأكد الرقابة من أن تنفيذ الأهداف المطلوب تحقيقها في العملية الإدارية تسير سيرا صحيحا بحسب الخطة، والتنظيم والتوجيه المعد لها. ولأن الفساد الإداري والمالي يعتبر أهم عائق من الممكن أن يبرز في وجه التنمية في أي بلد، كان تفعيل الرقابة الإدارية هو الوسيلة الأنجع في سبيل مقاومة مثل هذا الفساد. وفي المملكة أنيطت مهمة الإشراف الرقابي الحكومي بأكثر من جهاز، كديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إضافة إلى بعض الجهات التي تمارس هذا الدور بحكم الاختصاص، كالذي تقوم به وزارة المالية من خلال تعيين ممثل مالي عنها في الوحدات الحكومية المختلفة، لمراجعة العمليات المالية قبل الصرف، حيث يطلع هذا الممثل أو المراقب المالي بدور رقابي مباشر، إلا أن المشكلة التي تبرز إلى السطح مع تعدد مثل هذه الجهات الرقابية، هو غياب عملية «التنسيق» الفعلي بين هذه الأجهزة، مما يؤدي حتما إلى إحداث «خلل» في البنية الرقابية، و»ازدواجية» الصلاحيات فيما بين هذه الجهات. «الشرق» التقت بعض المختصين، وسألتهم عن هذه الضبابية التي تخلقها مثل هذه «الازدواجية» في الصلاحيات والمسؤوليات بين الجهات الرقابية في المملكة، وعن ما إذا أدى «ضعف التنسيق» فيما بينها إلى ضعف العملية الرقابية الصحيحة، وبالتالي قصورها في وظيفة الكشف عن الانحرافات والمخالفات وتحديد المسؤولية الإدارية المباشرة عنها. وهي الغاية التي أوجدت مثل هذه الأجهزة لتحقيقها، والتنويه عن أوجه القصور إن وجدت من طرف هذه الجهات الرقابية، هو للحيلولة دون تشكيلها هي الأخرى عبئا إضافيا على كاهل الدولة، يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة «فاتورة» الفساد بدلا من تقليصها، من خلال ارتفاع «كلفة الرقابة» مقابل كلفة الهدر المالي المضبوط من قبل هذه الأجهزة. أمر غير مجدٍ عبدالوهاب القحطاني نوه أستاذ الإدارة الاستراتيجية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبدالوهاب بن سعيد القحطاني، إلى أن الهدف بشكل عام من الرقابة الإدارية التي تمارسها الأجهزة المنوط بها من قبل الدولة مهمة الإشراف الرقابي على مجمل الوحدات الإدارية المختلفة، هو التحكم في انسيابية وسير أداء هذه الوحدات حتى لا تنحرف عن الأداء المطلوب، وبالتالي يصبح انحرافها هدرا للموارد المالية المتاحة. ولفت القحطاني إلى أن الرقابة تنظم سير الأداء لهذه الوحدات الإدارية وتساعدها بشكل أمثل في استغلال مواردها المالية المتاحة بالطرق الصحيحة، وبالتالي تكون الكفاءة الإنتاجية عالية. ورأى أنه من الطبيعي أن يكون لكل من الرقابة المالية والرقابة على الأداء، تكاليف مالية بيد أنه لا يجب أن تتجاوز هذه التكلفة المالية الفائدة من النظام الرقابي أو أن تكون متداخلة مع أنظمة أخرى مناط بها مهام مزدوجة، بحيث يتحول الأمر إلى إلقاء المسؤولية بشكل غير منظم وبالتالي تتدنى الكفاءة الإنتاجية ويزيد الفساد الذي قد يكون «مستتراً»، ولكن بصورة «نظامية». تعطيل اتخاذ القرارات وأوضح القحطاني أن تعدد الأجهزة الرقابية مسألة غير مجدية، كون تعدد أوجه الرقابة بدون مبرر يؤدي إلى تعطيل اتخاذ القرارات، حين تلقي كل جهة مسؤولية التقصير على جهة أو جهات اخرى في الإشارة إلى القصور في الأداء الوظيفي أو فيما يتعلق بالفساد المالي في أي وحدة حكومية، مما يزيد من تراخي النظام الرقابي في البلد ويقلل من فائدته، وقد رأى القحطاني أن قانون إقرار الذمة المالية الذي تشترطه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على الراغبين في الالتحاق بالعمل لديها، لا بد أن يكون المعني الأول به، هم الموظفون ممن سبق لهم العمل في الدولة، وتحديدا تقلدوا مناصب سابقة في أي جهة حكومية، ويسعون لأن يلتحقوا بالهيئة، لا الموظف الجديد الذي لا يملك تاريخا وظيفيا سابقا مع الدولة، وبالتالي لا جدوى من أن يشمله قانون كهذا. تفعيل مبدأ النزاهة ناصر آل تويم وأكد أستاذ الإدارة العامة في جامعة الملك سعود، الدكتور ناصر آل تويم، أنه متى ما كان هناك إطار تنظيمي، وحدود معلومة وواضحة، في المهام والصلاحيات، فلا بأس حينها من تعدد الأجهزة الرقابية. لكن متى غابت مثل هذه الحدود المعلومة بين هذه الأجهزة وتداخلت الصلاحيات، وطغت الضبابية على المشهد، أعطى ذلك الأمر مجالا أكبر لتمرير الفساد، ناهيك عن الكلفة المالية العالية، التي تأتي نتيجة الهدر في الصرف المالي. وذكر آل تويم أنه من المهم لزيادة فعالية الأجهزة الرقابية، أن لا تصاب مثل هذه الأجهزة بالتضخم، بحيث تعمد إلى أسلوب يعرف وبحسب وصف الدكتور التويم ب «الإدارة بالرشاقة» الذي يشبهه بإنسان سمين بمعنى «متضخم» صاحب حركة بطيئة و«صعبة» بخلاف الإنسان الرشيق سريع الحركة، وهو الوصف المطلوب في حركة الأجهزة الرقابية، داعياً إلى أن يتم «تعويض» العاملين في الأجهزة الرقابية في المملكة، بحوافز مادية ومعنوية. وذلك تزامنا مع تطبيق معيار الإقرار بصحة الذمة المالية للعاملين في هذا المجال، وفي محاولة لاستقطابهم للعمل في هذه الجهات بعد تقديمهم لإقرار بذممهم المالية كهذا الإقرار. كي يتمكنوا من أن يتفرغوا للعمل في هذا المجال ذي الرسالة السامية لخدمة الوطن والمواطنين. وبما يضمن تعزيز مفهوم النزاهة في أوساط العاملين في هذه الأجهزة الحساسة. الفصل بين السلطات وأكد آل تويم أن على مجلس الشورى كسلطة تشريعية أن يفعل دوره الرقابي على الأجهزة الرقابية في المملكة، من خلال تزويده بتقارير الأداء لهذه الأجهزة، ومناقشتها مع المسؤولين عنها، وبحث مواطن التقصير إن وجدت، وتذليل العقبات أمام هذه الأجهزة الرقابية، حيث تكفل مثل هذه الرقابة من قبل المجلس تفعيلا لما يعرف ب «الرقابة التشغيلية»، المتزامنة مع سير الخطط والبرامج المعدة. انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات، وأوضح أنه لابد من الاعتماد على ما يعرف ب «KPI» أو مؤشرات الأداء في كل قطاع، وخصوصا في القطاعات التي تعنى بالجانب الرقابي، لأنها تحوي رصداً للجهات الحكومية الأخرى. كما طالب بالانتقال من ما يعرف ب «الإدارة اللامركزية» إلى ما يسمى ب «الإدارة المحلية»، لأنها الوحيدة القادرة على ترتيب أولويات واحتياجات كل منطقة على حدى. وفي هذا الصدد طرح آل تويم اقتراحا رأى فيه تفعيلا لدور «مجالس المناطق» وهي المجالس المنوط بها تفعيل مفهوم «الإدارة المحلية»، حيث ترتبط هذه المجالس مباشرة بهيئة يرأسها الملك وينوب عنه فيها سمو ولي العهد، والأمانة العامة لسمو وزير الداخلية. وهذا الاقتراح كفيل كما يرى بتعزيز دور الإدارة المحلية، وهي الإدارة القادرة على تعزيز الجانب التنموي في المناطق المختلفة. منتدى تنسيقي وقدم الدكتور آل تويم اقتراحا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لأن تدعو الأجهزة الرقابية المختلفة في المملكة إلى منتدى تنسيقي فيما بينها، تطرح فيه أوراق عمل، تناقش من خلالها آليات لتطوير الأداء، وبحث تشكيل فرق عمل فيما بين هذه الأجهزة، أشبه ب «مركز عمليات وإنذار مبكر» مهمته التنبه مسبقا للأخطاء والانحرافات الإدارية قبل وقوعها، فيما يشبه «الرقابة السابقة» على سير إجراءات العمل. مبدأ الرقابة الإدارية جمال خاشقجي وقال الكاتب جمال خاشقجي «إن المملكة ومنذ بدايات تكوينها الإداري، حرصت على وجود أجهزة رقابية تمارس مراقبة أجهزة الدولة المختلفة، وتوصي بالعقوبات الجزائية في حق الجهات المخالفة أو المتهمة بالفساد. فديوان كديوان المراقبة العامة يعنى بما يعرف بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها، وكذلك مراقبة كافة أموال الدولة المنقولة والثابتة، ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها. كما يختص بالرقابة على أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدام الجهات المشمولة بالرقابة لمواردها بكفاءة اقتصادية، والتحقق من نجاح تلك الجهات في تحقيق الأهداف المرسومة لها. ويضيف خاشقجي، بينما تعمل «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» مثلا بشكل أعم وأشمل في الكشف عن أوجه الخلل المتعددة والمتنوعة، خاصة في المشروعات المتعثرة، من خلال تتبع أوجه القصور بالبحث والتحري والتقصي الميداني، وأسباب ذلك ومن المتسبب؟ ولماذا لم تتخذ الإجراءات الرسمية لوقفها؟». إقرار الذمة المالية وذكر خاشقجي في معرض تعليقه على تصريح سابق لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، حول إحجام بعض المتقدمين لشغل وظائف في الهيئة بسبب شرط الإقرار بالذمة المالية الذي تشترطه الهيئة عليهم، أنه يتمنى أن تتوجه الهيئة للرفع للمقام السامي، بلائحة لإقرار الذمة المالية للنظر في اعتماد تطبيقها على موظفي الوزارات الحكومية ككل وليس موظفي الهيئة فقط. حتى يمكن اعتماد ذلك الأمر كثقافة عامة يتبناها المجتمع، ويؤمن بها، لتعزيز مبدأ الشفافية والوضوح، في أوساط المواطنين، وأجهزة الدولة المختلفة على حد سواء. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) في سطور * تأسست وفق مرسوم ملكي بتاريخ 13/4/1432ه. * يرأسها محمد بن عبدالله الشريف بمرتبة وزير. * هدفها الرئيس والمعلن: حماية النزاهة، تعزيز مبدأ الشفافية، مكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه. * تعتمد شرطي «الإقرار بالذمة المالية»، وأداء «القسم الوظيفي»، على شاغلي الوظائف لديها. * تتلقى يومياً في المتوسط 100 بلاغ من قبل المواطنين للإبلاغ عن قضايا فساد. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد