أعلنت السعودية أمام أكبر تجمع عربي لحماية المال العام من الفساد والرشوة والمحسوبية التزامها بتطبيق أحدث المعايير الدولية في الرقابة المالية لضمان الشفافية والنزاهة في المعاملات المالية داخل أجهزة الدولة، وكشف رئيس ديوان المراقبة العامة جعفر فقيه عقب افتتاحه «الدورة العاشرة للجمعية العامة للمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة» بالرياض أمس عن إضافة ثلاثة فروع للديوان لتصبح عشرة فروع. وأكد فقيه أن السنة المالية المقبلة سيكون لدى الديوان فرع في كل منطقة إدارية في المملكة بحيث يختص بمراجعة حسابات الجهات التي تقع في إطار اختصاصه الجغرافي، حيث سيتم تبني المعايير المهنية في المراجعة والمحاسبة الصادرة عن المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة: «وبالتالي يصبح ما يصدر عن المملكة من تقارير وميزانيات عن مؤسساتها وشركاتها وفقا لهذه المعايير الدولية»، وأوضح أن ذلك التوجه يندرج تحت المشروع الكبير الضخم الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين للتعاملات الإلكترونية بين الجهات الحكومية؛ حيث يسير ديوان المراقبة وفق خطة مرسومة لتفعيل دور الرقابة الداخلية في كل جهاز حكومي مشمول بالرقابة بحيث تكون رقابة ذاتية وآنية على جميع الأعمال بغرض التحقق من أن الخطط التنموية المعتمدة تسير وفق الميزانيات الضخمة المخصصة لهذه المشروعات، مشيرا إلى أن الديوان أعد الخطة الاستراتيجية الثانية للأعوام 1431 – 1435 ه، وفق أسس منهجية وعلمية وفق معايير الرقابة المالية المطبقة في الدول المتقدمة. وأكد رئيس ديوان المراقبة العامة أن دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة يتجاوز المفهوم الضيق للرقابة المالية اللاحقة ورصد الأخطاء والمخالفات إلى تحقيق مفهوم الرقابة الإيجابية الشاملة، وترسيخ مفاهيم ومبادئ الشفافية والإفصاح والمساءلة، وتحقيق الانضباط المالي والإداري، وقال: «لقد زادت أهمية دور أجهزتنا الرقابية في ظل تنامي حجم الإنفاق العام في دولنا لتلبية متطلبات مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها منطقتنا العربية الأمر الذي يحتم علينا جميعا توثيق التعاون والتنسيق مع الأجهزة الوطنية المختصة بحماية المال العام ومكافحة الفساد والرشوة والمحسوبية بكافة صورها لضمان الاستخدام الرشيد للموارد المالية والاقتصادية والطبيعية المتاحة وتعظيم مردودها على الاقتصاد الوطني لبلداننا». وأكد فقيه أنه قبل وضع الخطة الخمسية الثانية للديوان تم تقويم نتائج الخطة الأولى بأحدث الأساليب العلمية للوقوف على مواطن الضعف والقوة، وصولا إلى جملة من الأهداف الرئيسية والفرعية وفقا لتوجيهات مجلس الوزراء للديوان بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المتخصصة في تطوير النظام المحاسبي الحكومي للدولة، والانتقال من الوسائل التقليدية في العمليات المالية والمحاسبية وإعداد الميزانيات والحسابات الختامية إلى أحدث الوسائل التقنية. وفي سياق حديث الشفافية لرئيس ديوان المراقبة العامة اعترف فقيه بأن الديوان لا يستفيد من خريجي الجامعات الذين يوجهون للعمل بالديوان بغرض التدريب لمدة عام، وقال إن الديوان يستقبل على مدار العام الموظفين الجدد من خريجي الجامعات الذين يوجهون للعمل في الديوان لمدة عام: «لكن لم نتمكن من الاستفادة من هؤلاء الشباب خلال فترة تدريبهم لدينا». من جانبه كشف الأمين العام للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الانتوساي» الدكتور جوزيف موزر عن أهم المعوقات أمام أجهزة الرقابة المالية بالعالم العربي وهي عدم استقلالية تلك الأجهزة الرقابية عن أجهزة الدولة وكبار المسؤولين الذين يمارسون أحيانا نفوذهم السياسي على تلك الجهات وبدرجة تعرقل عملها، داعيا إلى الفصل التام بين الأجهزة الرقابية والتنفيذية وتوفير الحصانة الكاملة للجهات الرقابية في محاكمة المتورطين في قضايا الفساد المالي. وردا على سؤال ل«شمس» عن الخطط الاستراتيجية التي تجمع بين الدول العربية لمراقبة المال العام، قال إن الخطة الاستراتيجية سواء خطة الإنتوساي أو خطة المجموعة العربية أو الخطة الاستراتيجية للأجهزة الرقابية الفردية تعتبر الأساس الذي يقوم عليه عمل الأجهزة الرقابية ونشاطاتها، مثمنا التجربة السعودية في الرقابة المالية وملاحقتها إلى أحدث التقنيات في عالم الرقابة المالية والمحاسبية. وحول إمكانية قيام «الإنتوساي» بالتوفيق بين التشريعات الخاصة في كل دولة لحماية المال العام من الفساد، قال جوزيف «إننا نواجه تحديات تشريعية عديدة ولدينا نظم رقابية مختلفة ومتصلة بالنظم السياسية المختلفة بالتقاليد والعادات والثقافات المختلفة، وتبذل الإنتوساي جهودا واسعة للتوفيق بين هذه الأنظمة وفق المعايير الدولية». وأشار الأمين العام لمنظمة «الإنتوساي» إلى وجود مشروع سيتم تنفيذه من خلال المنظمة الدولية العام المقبل لضمان الجودة في أجهزة الرقابة والمحاسبة. من جانبه أكد رئيس الجهاز النرويجي للرقابة يورجان كوزمو قدرة الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة في المجموعة العربية على المشاركة بشكل أكبر ولعب دور أكبر في المستقبل القريب خاصة أنها تساهم بشكل مميز في عدد من اللجان الدولية في هذه المجالات ومن بينها السعودية الرئيس الحالي للدورة العاشرة للجمعية، واتفق مع رؤساء الأجهزة العليا العرب على أهمية التدريب والتأهيل وبناء القدرات والعمل المؤسسي في المجموعة العربية