عبر عدد من الأدباء والمثقفين عن فرحتهم بحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله على الأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والتبريكات، وسطروا تأملاتهم من خلال هذه الصفحة. الثوب المزركش تتجه طفلتك بثوبها الجديد المزركش وشعرها المتموج فرحا، تقبلها وتتعانق ضحكاتكما، تمد لها ورقة نقدية، تتألق عيناها بصفاء، فتتذكر أيام طفولتك وأنت مستلق على فراشك الصغير تنتظر إشراقة شمس العيد، وتبدع مخيلتك في رسم الصور المختلفة، فتارة تتراءى لك هيئتك وأنت مرتد ثوب العيد الأبيض المنسوج من صفاء قلبك، وتارة تخمن كم ستحصل من العيدية. وتعد بأصابعك الصغيرة الأشخاص الذين يمدون لكن بالعيدية، تتكئ على ذاكرتك في معرفتهم وعدد الريالات التي يعطيك اياها كل شخص منهم، يحملك الشوق والحنين إلى رؤية أبناء عمك الذين يأتون من مدن بعيدة عن مدينتهم، تنسج الأحلام والصور الملونة الزاهية، وتكسر مسلسل ذكرياتك مجيء ابنك الصغير، يقبل رأسك ويهنئك بالعيد. ويواصل العليو: فالعيد شرفة تطل على الحياة بثوب جديد يتعلق بالشكل الخارجي الجديد، بل يغوص في عقل الإنسان وقلبه، وهو انطلاقة لعلاقة مع الآخر القريب والبعيد، فهذا يعني وداعا للأفكار السوداوية التي تدرك أعماقك أنها رائحة منتنة لا تتناسب مع رائحة البخور والعطور التي تشع في أيام العيد، فالعيد ذاكرة طفولة بريئة وذكريات جميلة نمتح منها البياض والنقاء لحاضرنا ومستقبلنا رغم قتامة الجو حولنا. أفواه الناس فيما تختلف رؤية الشاعر زكي الصدير حيث يقول: لا أعتقد أن هنالك فرحة حقيقية في هذا العيد والمسلمون والعرب يقاتلون بعضهم بعضاً ليشهدوا أضرحة أحبابهم، وتشييع شهدائهم، وسفك دم ضحاياهم تحت أعلام ترفرف باسم التوحيد، وأفواه تصرخ لمعبود واحد! منذ ثلاث سنوات والفرحة العربية بعيدنا التقليدي فرّت من أفواه الناس، وغابت عن تضاريس الأمكنة، فللأسف الشديد لم يتبقَ إلا شواهد الموت دليلاً علينا. كل عام والأمة العربية والإسلامية بخير. وطني الحبيب ويضيف الشاعر جاسم عساكر: ليس بمقدوري في يوم العيد سوى أن أبدأ بالتهنئة والدعاء الصادق لوطني الحبيب أن يحرسه الله قلعة صامدة أمام صولات الإرهاب والتخريب، وإلى ذات الفضل عليّ بعد الله والدتي المتكئة على عصا أعوامها السبعين وهي ما زالت تبللني وإخواني بأنهار الدموع من عينيها وجريان الدعاء على شفاهها في أفق المناجاة. العيد هو رسالة سلام إلى الأمة جميعاً تنبهنا إلى أهمية ما تمثله حقيقة الوئام بيننا وبين الآخرين من ترابط الصف وصفاء السريرة. وكذلك هو استشعار لوجود الألفة والبعد عن كل أسلحة الحقد الفتاكة والمدمرة. وهو مقاومة مستمرة تقف إلى جانب الدفاع عن القيم الإنسانية العليا التي هي بمثابة الإرث الذي خلفه لنا آباؤنا الطيبون حينما كتبوا لنا أنشودة الحب. وهو أيضاً احتجاج صارخ وصريح على حياة البؤس، وإعلان ضمني تضامني لانتصار الفرح، وطموح لا حدود له بأن تصبح الحياة جنة عدن لكل المحرومين والمقهورين والمعذبين والمختبئين وراء خطوط الطول والعرض على خارطة النسيان. وكذلك هو تحرير للعواطف المعتقلة في زنازين الحبر والكلمات، وإطلاق لطيور المحبة المسجونة في قفص الإنسان الصدري. ويرى عساكر: العيد فرصة كي نطلي سياج أحلامنا مع من يستقبله من الفقراء والرعاة والأرامل وهو الأولى بحسن الجوار وصلة الرحم لجميع الساكنين قريباً من القلب عبر نبذ العصبيات والأحقاد والضغائن والترهات والتشويه والوشاية وكل ما في قاموس الشر من مفردات... المصافحة والتقبيل ويؤكد الباحث عبدالله الرستمي أن كلا منا ينتظر تلك اللحظات التي يلتقي فيها الأخ لمصافحة أخيه، وكأنها بداية صفحة جديدة من الحياة الاجتماعية والعلاقات العامة، وبما أن الشكل يتحقق في المصافحة والتقبيل، فحبذا لو كان فعلاً أن تكون بداية صفحةٍ جديدة بين المتخاصمين أو من يضخمون حجم بعض المشاكل وكأنها لا تُحل!! ويضيف الرستمي: فالعيد من أعظم المحطات الروحية التي تلي شهر رمضان، حيث ينبغي أن يسودها جوٌ من الصفاء ونسيان الماضي وترسباته السلبية في الذهن، وقد تكون تلك الترسبات صعبة النسيان، لكن التفكر في رضا الله عز وجل -خصوصاً بعد ثلاثين يوما وليلة من العبادة والتوجه لرب العباد بالرحمة والمغفرة ونحو ذلك- لهو من الأمور المطلوبة على مستوى حياة الفرد بجميع أبعادها الروحية والاجتماعية والصحية؛ ليتسنى له أن يعيش بكرامةٍ مستمدة من الله عز وجل. مملكة الإنسانية ويقدم الدكتور القاص احمد عسيري ارفع واسمى آيات التهنئة والتبريك لقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين, والتهنئة موصولة الى كل مواطن غيور يحمل هم امن ورفاه هذه البلاد التي حباها المولى باقدس البقاع, واخرج منها خيرا وفيرا طالها وكافة أنحاء المعمورة تجلى في مواقف مشرفة لمملكة الإنسانية شهد لها القاصي والداني, مستقاة من تعاليم إسلامية سمحة أصلت التآزر ولم الشمل وفضل الحوار وحسن الجوار وساوت بين الجميع بغض النظر عن اية انتماءات عرقية او طائفية طالما الانتماء الاكبر هو لوطن يسكننا ونسكنه, ولا فضل ولا تفضيل الا بالتقوى عند احكم الحاكمين, ونبذت تعاليم ديننا الحنيف الفرقة والفتن المؤدية الى التشرذم وإضعاف الكينونة. وفي ظروف عاصفة تشهدها المنطقة بكثير من التحولات التي أدت الى مزيد من التوتر وتفجر الموقف في غير مكان باذكاء الصراعات الطائفية والمذهبية, ومن متشددين أعمتهم نظرتهم الأحادية للأمور وممن لا يجد ذاته في السلام ومدفوعا بمؤثرات خلافية عفى عليها الزمن. وفي ظل هذا الواقع الأليم فالكل مطالب باليقظة وعدم الانقياد لمثيري الفتن والشغب والنيل من استقرار وكينونة الوطن لأطماع إقليمية أججها خيال مريض. ويرى عسيري: برأيي ان دور المفكر والاديب والمثقف هو دور مضاعف الجهد خاصة فيما يتعلق بالجانب الفكري والايدلوجي فهو دقيق للغاية في مثل هذه الظروف, لانه يمثل الريادة في البحث والتنقيب واظهار الحقائق المجردة والمنصفة والموضوعية التي تدحض اي افكار مضللة او ادعاءات يجانبها الصواب, ايضا يقع الجانب التنويري كضرورة من المفكر والمثقف لاحداث النقلة المرحلية وبتدرج مدروس وكشف الافكار الدخيلة والتحذير منها وبما يتوافق مع مؤثرات الرأي العام ودرجة الرضا والقبول. وأسأل المولى سبحانه ان يديم نعمه وفضله علينا والمسلمين كافة, وان يعيد كل متجاوز حسابه مع ذاته بتغيير يقربه من ربه ويخدم وطنه نحو الافضل, وما اصدق الحق في محكم تنزيله اذ قال جل وعلا: «ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». أجمل الذكريات فيما يرى الشاعر احمد النمر ان ذكريات العيد من أجمل الذكريات التي يحملها الانسان طيلة حياته- وقد تجاوزنا العقد الخامس- تلك الذكريات الجميلة عن أيام العيد والبهجة فيه. البهجة بكل معانيها الجميلة، ربما لا يمكن استلال مفهومها الكبير من غير ذكريات الطفولة والتي يمثل ركنها الأساس وقاعدتها الأصلب العلاقة بين الصغار والكبار. يحمل العيد بابتسامة أفقه في قلوب الجميع ليكنس أوجاعا وآلاما فتخفي قسراً- ولو خلال أيامه التي لا تختفي مظاهرها دون ان يبتسم الجميع من الصغار والكبار. ولكن العلامة البارزة هي تلك الذكريات الرائعة المرتبطة بالأطفال ومعالم البهجة المرتسمة في تعابير وجوههم والتي لا يشابهها غير ألوان ملابسهم التي يرتدونها. كل عام والجميع في خير وبهجة وسعادة.