حتى نهاية مساء يوم أمس الأول، أي يوم الاحتفال بتولي الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني مسئولياته الجديدة وبعد خطابه في البرلمان، لم يتغير أي شيء في العاصمة الإيرانية لا الروح ولا النفس ولا المواقف ولا الشعارات ولا الخطب ولا المصطلحات، بل اضيفت عبارات جديدة في نطاق حملة التضليل المستمرة مثل القول ان إيران هي «مرسى استقرار المنطقة» المضطربة، وهذه شهادة لا تتفق مع الواقع وجرأة أكثر من اللازم على الحقيقة المجربة المعاشة في كل أنحاء المنطقة بأن طهران، ومنذ عقود، لا مهمة لها ولا وظيفة إلا إثارة الاضطرابات وزرع الفتن في كل مكان تحل فيه، أو تمتد إليه أصابعها. وهذا يعني أن على أبناء الخليج العربي وعلى كل العرب وعلى مواطني الدنيا والعالم أن يستعدوا للتعايش مع نسخة أخرى من نظام شمولي متطرف يدمن ثقافة الصراع ويمتهن وظيفة تدمير العلاقات في كل مكان تصل إليه أذرعه ومخالبه ومعاوله الهدامة. ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد قد بالغ كثيراً أيضاً حينما قال إن طهران تعارض تغيير الأنظمة بالقوة، وطبعاً يقصد في هذا المعارضة نظام الأسد في سوريا، ولكنه ينسى أن خلايا طهران وميلشياتها في البحرين واليمن لم تنشغل، ومنذ سنتين ونصف، إلا بمحاولات قلب أنظمة الحكم وتغييرها بالقوة. وكنا نأمل أن يعلن الرئيس الإيراني الجديد سياسة إيرانية جديدة تعترف بالأخطاء الفادحة الشديدة الخطورة للسياسة الإيرانية المتهورة وتواجه حقيقة الواقع بأن ثلاثة عقود من العربدة الإيرانية لم تنته إلا إلى حرب طائفية في سوريا وفي لبنان والعراق واليمن والباكستان وسفك دماء طاهرة في مدن عربية وإسلامية كثيرة، وتهييج المجتمعات الآمنة وزرع الفتن في ربوعها وتبديد ثروات طائلة في ايران وبلدان إسلامية وعربية كثيرة بسبب النزوات والسلوكيات العدوانية الإيرانية. وكان يمكن أن تتجنب طهران كل هذا وتمنح لنفسها وللشعوب المسلمة الفرصة للتنفس والسكينة والطمأنينة لو أن طهران جنحت إلى السلم والسلام والكلمة السواء ومدت حبل المودة التعاون مع البلدان الإسلامية ومع الخيرين في العالم، وتخلت عن الغطرسة وأعمال الظلام والتآمر وتأييد سفاكين للدماء مثل نظام بشار الأسد الشمولي ونشر الاضطرابات في كل مكان من الوطن العربي. كان يمكن للرئيس الإيراني أن يفتح نافذة أمل للشعوب على ضفتي الخليج وأن يقدم إيران دولة إسلامية مسئولة أمام المجتمع الإسلامي والدولي نفخر بها جميعاً بدلاً من أن يعيد نسخ نفس الروح التي جربها الناس ويمقتها كل الكرام المخلصين لإسلامهم وأوطانهم وكرامة شعوبهم. ولكن حينما نرى كبار الحاضرين لتتويج الرئيس روحاني وفي مقدمتهم ممثل نظامي الأسد وكوريا الشمالية فيبدو أن طهران غداً هي نسخة من طهران الأمس.