لم تركن أم محمد للفقر وتلجأ لسؤال الناس رغم ما تعيشه من ظروف مادية سيئة فبادرت بالعمل ضمن برامج الأسر المنتجة، لتشارك بمنتجاتها في المعارض، لتتمكن من سد جزء من احتياجات أسرتها بعد أن طلقها زوجها وتركها مع ابنائها دون عائل يرعاهم لتبدأ بالعمل في خياطة الملابس النسائية وشراشف الصلاة وصناعة البخور والطبخ. أم محمد تمثل حالة من النساء اللاتي يعشن ظروفا صعبة بعد طلاقهن فتقول: انها لم تجد لها من يساندها من اخوانها كما انها وحيدة والديها من الإناث، وجدت نفسها بين ليلة وضحاها خارج قفص الزوجية، فدخلت حياة المطلقات، فلم تهتم لما أصابها ولم تتألم فيما اختاره الله لها من قضاء. الخالة (نُهيا) أم محمد جاوزت الستين من العمر، روت حكايتها والدموع تسبق أحرفها، لم تسأل الناس إلحافا في يوم من الأيام حياء وعفة حتى لا تسقط من أعينهم، كان أقسى ألم هو فقدان بيتها الذي باعه زوجها قبل 30 سنة ليرحل إلى مدينة أخرى ويتركها مع أبنائها الصغار (ابنتين وولدين) تصارع الحياة دون ملجأ، لم تمض سنوات إلا ويزداد همها وألمها سوءًا بوفاة والديها، والتي كانت بحاجت لهما في وقت أزمتها. تروي أم محمد معاناتها فتقول: تزوجت منذ 45 سنة وعشت عيشة طيبة ولكن للأسف انقلبت الحياة ورحل عني زوجي وتزوج ثانية، وأمضيت حياتي مع ابنائي وهما (ولدان وبنتان) وكنت صابرة في هذه الحياة، خصوصا أن اخواني تركوني وانشغلوا مع زوجاتهم، فلم يعد لي أحد والعيشة أصبحت صعبة. وتشير الخالة نهيا إلى أنها اضطرت إلى أن تسكن مع بنت خالتها وأبنائها في منزل شعبي لفترة محدودة، حتى تكرمت إحدى قريباتها فساعدتها واستأجرت لها شقة صغيرة في مدينة الدمام، وعن أبنائها وبناتها أشارت أم محمد إلى توقف تعليم ابنها الصغير بعد أن أنهى المرحلة المتوسطة بسبب ظروف الحياة القاسية وصعوبة توفير الطلبات المدرسية، طالبا من والدته أن تسامحه وترجوه ان يذهب ليعمل حتى يؤمن لقمة العيش وتكاليف الإيجار، فاضطرت والدته مرغمة لقبول طلبه. وعن حياتها الحالية قالت: الآن انا أهتم ببناتي وأبنائي مع زوجاتهم وأبنائهم، وعندي بنت خالتي مطلقة وساكنة معي وكلنا في بيت واحد، مشيرة إلى أن أبنائي والحمد لله يبرون بي ويطيعونني ولا يعصونني والحمد لله ودائما إذا طلبت منهم طلبا يقومون به على أحسن وجه، وهذا توفيق من رب العالمين أنه يكرم الأم بأبناء وبنات بارين بهم. وعن حاجتها، أشارت إلى أن أكثر ما يؤرقها هو إيجار السكن والبالغ 26 ألف ريال، واضطرارها لأن تستلف، لأن الراتب التقاعدي لا يكفي لتأمين الاحتياجات، فهي كانت موظفة ببند الأجور في الرئاسة العامة لتعليم البنات. وتقول: الخياطة هوايتي منذ الصغر، وأقوم بإنتاج وخياطة الملابس النسائية وشراشف الصلاة وصناعة البخور وغيرها، وكذلك أعمل في طباخة الأكل وبيعه مثل الأرز واللقيمات والمكرونة وغيرها، كما أحمد الله على كل شيء.