منذ عام تقريباً نشرت الصحف تصريحات رسمية بالعزم لإنشاء مترو يربط مدن حاضرة الدمام وأنه سيكون عبارة عن قطار خفيف مدعم بحافلات ذات سعة كبيرة وسريعة لها مسارات خاصة وحافلات أصغر تصل للأحياء وتغذي العناصر الأخرى لنظام النقل. ثم ساد الصمت. بالأمس القريب أعلن عن تحالفات لبناء وتشييد مترو الرياض بتكلفة قدرها 84 مليار ريال سعودي، وحدثتكم بأن رحلة إقرار مترو الرياض من الفكرة إلى الإعلان عن بدء أعمال تشييد المترو استغرقت أكثر من عقد من الزمن. ما مر به مترو الرياض من انتظار كان تجربة وطنية يجب أن يستفاد منها، حتى لا نكررها، إذ يبدو أن تأخير وتأجيل وتسويف المشاريع يعني مزيداً من التكاليف. كمواطن سعيد أنه سيكون للرياض مترو، وأرجو أن يرى النور ضمن المدى الزمني المقرر المشروع ولا يزيد. وكمواطن ستكتمل سعادتي إن استفدنا من تجربة الانتظار لمترو الرياض وأطلقنا مشاريع المترو في المدن الرئيسية، إذ أن خلو المدن السعودية من نظام موثوق ومتكامل للنقل العام يحقق خسائر اجتماعية واقتصادية لا يستهان بها، ويمكن هنا الاستفادة من دراسة أجراها منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الأخيرة حول النقل داخل المدن السعودية. ومن أهم ما خلصت إليه الدراسة أن المملكة تخسر 47 مليار ريال سنوياً بسبب الحوادث المرورية، إضافة إلى التلوث البيئي وضياع الوقت واستهلاك السيارات وهدر الوقود، كما لفتت الدراسة إلى أن مدن المملكة تضم أكثر من 4 ملايين طالب وطالبة، في حين أن الخدمة الحالية لنقل الطلاب لا تغطي إلا نحو 25% من الطلب، كما أن النمو السكاني السريع بالمملكة والتوسع العمراني الكبير، يتسبب في تفاقم أزمة النقل داخل المدن، ونبهت إلى أن عدد الرحلات المتولدة في بعض المدن بلغ 6.5 مليون رحلة يومياً، وقد يصل إلى 15 مليون رحلة في عام 1442ه، إضافة إلى تضاعف حجم الحركة المرورية بالنسبة لسعة الطرق، مما أدى إلى تكدس الطرق وانخفاض متوسط السرعة في بعض المدن من 52 20 كم /ساعة، كما أن متوسط السرعة المرورية يتدنى سنوياً في ظل هذه الأزمة بمقدار 3 كم/ ساعة. وتجدر الاشارة الى أن شبكات المترو ستعني توفر خيار حقيقي لتنقلنا للقيام بأنشطتنا على تنوعها بوسيلة عدا السيارة الخاصة، وسيعني كذلك أن نوفر للملايين من العمال الوافدين خياراً للتنقل عدا امتلاك سيارة متقادمة تنفث عوادمها وتستهلك الكثير من البنزين الرخيص السعر. كما سيوفر خياراً آمناً ومقبولاً (اجتماعياً) لتنقل نسائنا وبناتنا والطلاب والطالبات بعيداً عن منظومة السيارة والسائق الوافد. ولا أقول هنا ان المترو بديل لقيادة المرأة للسيارة، بل أقول انه بديل لركوب الليموزين غير المنظم والذي يعوزه أساسيات كالنظافة مثلاً. ولذا، فإن تشييد مشاريع المترو سيمنح مدننا حيوية جديدة، وسيريح شوارعنا من جزء مهم من زحام السيارات الخاصة؛ فعوضاً عن مشاهدة الكثير والكثير من السيارات التي بداخلها شخص أو اثنين سنرى -او نأمل أن نرى- السيارة في كراج المنزل والشخص او الاثنين ينتقلان بواسطة المترو من حي المباركية في الدمام إلى الراكة أو إلى الهدا أو إلى حي الكوثر. لكني أعود لأقول، كل هذا جميل بل قد يتهمني أحدهم بأنني أحلم، وحتى نعود للواقع أسأل: هل من تقدم في مشروع مترو الدمام بعد صمت دام عاما؟ تويتر: @ihsanbuhulaiga