47 مليار سنوياً نزيف خسائر الحوادث المرورية يؤكد خبراء اقتصاديون أن خطة مشروعات النقل العام والتي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حفظهم الله حاليا برصد الخطوات والإجراءات التنفيذية لتأهيل الشركات التي تقدمت بعروضها للبدء بالتنفيذ في عدد من مناطق ومدن المملكة الرئيسية وخصوصاً منطقة الرياض ومكة المكرمة ومدينة جدة والمنطقة الشرقية ستضع المملكة ضمن خريطة الدول المتقدمة في مجال النقل، كما ستسهم في تحقيق مردود اقتصادي واجتماعي وبيئي وحضاري كبير، إضافة إلى أنها ستخدم البيئة الاستثمارية في المملكة وتسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وتوقعت دراسة أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمشاركة جهات مختصة لتشخيص حجم الأزمة المرورية بالرياض واقتراح حلول علمية وجذرية وشاملة للأزمة، أن يرتفع إجمالي عدد الرحلات البرية للنقل من نحو 202 مليون رحلة في عام 2009م إلى نحو 365 مليون رحلة في عام 2014م بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 3.8%، وهو ما يدق ناقوس الإنذار لتفاقم مشكلة النقل، وضرورة سرعة التحرك لإيجاد حلول سريعة وجذرية للمشكلة ووقف مضاعفاتها التي تكلف الرياض وحدها 3 مليارات ريال سنوياً في السنوات الماضية، بينما يتوقع أن ترتفع إلى 5 مليارات ريال في العام القادم، إذا استمرت عوامل الأزمة تتفاقم دون تدخل. دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي تشخص الأزمة وكانت قضية النقل داخل المدن قد شغلت اهتمام منتدى الرياض الاقتصادي ، حيث شكلت القضية أحد المحاور الرئيسية للمنتدى في دورته الخامسة التي عقدت في ديسمبر عام 2011، ودقت الدراسة التي أعدها المنتدى في هذا الخصوص ناقوس الإنذار من جراء التأخر في التعامل مع المشكلة والغوص في أعماقها، بحثاً عن حل جذري يوقف نزيف الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها المجتمع نتيجة تراكم مضاعفات مشكلة النقل. وخرجت الدراسة بالعديد من التوصيات المهمة التي طالبت بتوفير ودعم خدمات النقل العام ونقل الطلاب، مع الأخذ في الاعتبار أن الجدوى الاقتصادية من توفير خدمات النقل العام (العائد المباشر والغير مباشر) يفوق تكلفة المشاريع المطلوب تنفيذها، وطالبت الدراسة بسرعة توفير وسائل متنوعة للنقل العام بكفاءة عالية مثل القطارات والحافلات السريعة مع توسيع وتحسين شبكة الطرق والتخطيط العمراني وتوفير نقل مدرسي وتعديل أوقات الدوام في المدارس ومرافق العمل الأخرى وتوفير الموافق الخاصة للسيارات، إضافة إلى أهمية تطبيق الإدارة الذكية للنقل داخل المدن، وإيجاد مخطط شامل للنقل داخل كل مدينة، وقد كان للدراسة والتوصيات المهمة التي خرجت بها صداها لدى المجلس الاقتصادي الأعلى. واستطاعت الدراسة أن تشخص مشكلات النقل في مدينة الرياض والمدن الكبرى مؤكدة أنها تستدعي سرعة التحرك لإيجاد حلول جذرية، حتى لا تتفاقم المشكلة وتزداد تعقيداتها وكلفتها مع مرور الوقت، ورصدت أهم تلك المشكلات في الاختناقات والحوادث المرورية والتلوث، والتي تتسبب في خسائر كبيرة تعوق التنمية الشاملة، ولفتت الدراسة إلى أهمية توفر البنية التحتية كعنصر مساند وداعم إلى أنها تندرج تحت مسؤولية الدولة التي تقوم بتوفير البنية العلوية من مركبات وتجهيزات وتشغيل وصيانة عن طريق مشاركتها مع القطاع الخاص وتوفير الدعم اللازم لإنجاحه. الحوادث المرورية تستنزف الكثير من المال الحوادث المرورية تكبد المملكة 47 ملياراً سنوياً واستنتجت دراسة منتدى الرياض الاقتصادي أن أي تحسينات أو تطويرات في النقل بمقدار مليون دولار تساعد على إضافة مليوني دولار من العوائد جراء ذلك التحسين، حيث يساهم ذلك في جعل المدينة أكثر جاذبية للاستثمار والتنافسية، ويوفر أموالاً طائلة ويجنب خسائر كبيرة على المجتمع، في الوقت الذي تستفيد منه الدولة في الرفع من مكانتها وتنافسيتها العالمية، وأهم النتائج التي خرجت بها الدراسة أن المملكة تخسر 47 مليار ريال سنوياً بسبب الحوادث المرورية، والتي راح ضحيتها (6680) شخصاً في عام 1430ه، إضافة إلى التلوث البيئي وضياع الوقت واستهلاك السيارات وهدر الوقود. ولفتت الدراسة في إطار رصدها لمضاعفات المشكلات الناجمة عن تراكمات أزمة النقل العام إلى أن مدن المملكة تضم أكثر من 4 ملايين طالب وطالبة، في حين أن الخدمة الحالية لنقل الطلاب لا تغطي إلا نحو 25% من الطلب، كما أن النمو السكاني السريع بالمملكة والتوسع العمراني الكبير، يتسبب في تفاقم أزمة النقل داخل المدن، ونبهت إلى أن عدد الرحلات المتولدة في بعض المدن بلغ 6.5 ملايين رحلة يومياً، وقد يصل إلى 15 مليون رحلة في عام 1442ه، إضافة إلى تضاعف حجم الحركة المرورية بالنسبة لسعة الطرق، مما أدى إلى تكدس الطرق وانخفاض متوسط السرعة في بعض المدن من 52 20 كم /ساعة، كما أن متوسط السرعة المرورية يتدنى سنوياً في ظل هذه الأزمة بمقدار 3 كم/ ساعة. وشددت الدراسة على أن الحوادث المرورية تعد من أهم المشاكل التي يعاني منها المجتمع بسبب فقدان أحد أفراده أو ممتلكاته، وأضحت هذه الحوادث تمثل شبحاً يخيم على المدن، وعللت الدراسة أسباب الحوادث بأنها ترجع عالمياً بنسبة 80% لأخطاء وسلوكيات بشرية، لافتة إلى أنها تتسبب في خسائر اجتماعية مباشرة وغير مباشرة تصل إلى ما يقارب 4% من إجمالي الناتج الوطني لبعض الدول، وتحصد في الغالب شريحة الشباب من سن 20 إلى 35 سنة، وبذلك تفقد الدول عمادها للمستقبل. ووفقاً للإحصاءات العالمية فإن الحوادث المرورية تحتل المرتبة السادسة كأكبر مسبب للوفيات في العالم، وتحتل أفريقيا المراتب الأولى في عدد الوفيات. الرياض تخسر 5 مليارات وتتهم السرعة العالية والمتهورة، والتجاوز المخالف، والالتفاف من أقصى الطريق، وقطع الإشارات، وعدم التقيد بتعليمات الإشارات التنظيمية والتحذيرية والإرشادية، بأنها أهم أسباب الحوادث المرورية، وتقدر الخسائر الاقتصادية لمدينة الرياض نتيجة الحوادث المرورية بحوالي 3 مليارات ريال سنوياً (1427ه)، ويخشى أن ترتفع إلى حوالي 5 مليارات ريال سنوياً في العام المقبل ( 1435ه)، وحذرت الدراسة من أن التجارب الدولية أثبتت أن التأخر في حل مشكلات النقل داخل المدن، يكلف الاقتصاد والمجتمع خسائر كبيرة، بل وتتضاعف بمرور الوقت إذا لم يتم التصدي لها، بينما تكون تكلفة وضع الحلول وتنفيذها أقل من تكلفة خسائر التباطؤ فيها، كما أن سرعة طرح الحلول يأتي بنتائج إيجابية مباشرة وغير مباشرة على التنمية الشاملة في المدى القريب. شبكتان للحافلات والقطار الكهربائي ولهذا جاء مشروع النقل العام بالرياض الذي سبق أن أقره مجلس الوزراء في أبريل عام 2012م ليضع حلولاً علمية وجذرية لأزمة النقل العام بالرياض، وهو المشروع الذي جاء كبداية لمشاريع النقل العام بالمدن الرئيسية بالمملكة، ويتضمن مشروع الرياض تنفيذ شبكة القطار الكهربائي (المترو) وشبكة الحافلات، حيث شرعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المنوط بها مع جهات حكومية مختصة الإشراف على تنفيذ المشروع، شرعت في فحص العروض المالية لشبكة القطار. والمشروع الثاني المكمل لمشروع النقل العام بالرياض وهو شبكة الحافلات فإنه يشتمل على شبكة متكاملة من الحافلات تغطي كامل العاصمة، ويهدف لتوفير وسائل التنقل الآمن والسهل لجميع شرائح المجتمع، لتوفر بالتكامل مع شبكة القطارات، خيارات متعددة وكافية لخدمات التنقل داخل مدينة الرياض، مع الحد من الازدحام الذي تعاني منه المدينة، والتخلص من آثارها السلبية اقتصادياً واجتماعياً، وصنع منظومة سهلة وسلسة لتنقل السكان من مواطنين ومقيمين بين كافة أحياء الرياض، وتحقيق معالجة جذرية للآثار التي يتكبدها المجتمع نتيجة الزحام وبطء الحركة، ووقف الهدر في الوقت والطاقة والحد من الآثار السلبية على البيئة والصحة وإيجاد بيئة استثمارية أفضل.