أمران مهمان تقوم عليهما فلسفة الإدارة والتعاطي معها .. أولهما المدة أي بقاء صاحب منصب في منصبه أو إدارته سنين مديدة ، وأزمنة عديدة .. كنّا نتخيل أن أربع سنوات رسمية مدة مقررة وكافية .. لكي ينعم ويتنعم هذا المسئول أو ذاك .. على كرسي السلطة .. ثم يتركه لغيره .. ولكن من يشاهد و(يتمقل) بتركيز وبحضور ذهني وقلبي عميق يجد أن مشهد كرسي الإدارة بعيد عن فكرة وحكمة المدة المحددة والمقررة .. فوجدنا أن فن الالتصاق بالكرسي أجاده وتمكن منه الكثير من المسئولين .. ومضت سنون طويلة أكثر من أربع وعشر وحتى عشرين والمدير هو المدير .. المسئول وهو منشغل ما بين الالتصاق وبين النسف يضيع مصالح كثيرة تهم المواطن فتكثر الشكوى لإحساسه أن الزمن زمنه وانه يحق له ما لا يحق لغيره فيختمر عقله ، ويتخدر جسده فيطمئن بذلك ثم يغفل. والوكيل هو الوكيل .. والمسؤول هو المسؤول .. هو .. لماذا تكون هناك شكاوى كثيفة على بعض الرؤساء أو المدراء في جهات مختلفة ، ولماذا يتهمون بأمور كبيرة لعل أحد الاسباب طول المدة وشدة السطوة ، والأمان على الكرسي.. حيث المسئول لدينا لا تنتهي مدة سلطته إلا بأربع إما يخطئ فيعفى عنه ، أو يقذفه (التقاعد) خارجا وبلا تمديد .. أو لا قدر الله يتعرض لعارض صحي يمنعه .. أو يتوفى والله المستعان .. فماذا ننتظر أحدها وكثير من المصالح تتآكل حولنا ، وجمّ من المنافع تتعطل بيننا بانتظار لعل فلان يذهب مع الريح .. ثانيهما ما يمكن أن اسميه فلسفة (النسف) لدى كثير من المسئولين .. فلا يكاد مسئول كبر أو صغر يتم تعيينه ويمنح السلطة إلا وتجده يجهّز معول النسف .. طبعا نسف كل ما قام به سابقه من خطط وبرامج وسياسات وشيء من الأنظمة ليبدأ هو من جديد فلا يبالي بما تم انجازه أو يستكمل خط سير سابقه بأسلوبه .. وهنا تكمن المشكلة الكبرى وهي أن كثيرا من الجهات الحكومية وخصوصا الخدمية لا تضع لها سياسة مبرمجة باتجاه واحد لا تتغير بتغير الأشخاص .. فتكون المعضلة أن كل شيء ينقض لحظة مقدم شخص جديد .. ختام القول: المسئول وهو منشغل ما بين الالتصاق وبين النسف يضيع مصالح كثيرة تهم المواطن فتكثر الشكوى لإحساسه أن الزمن زمنه وانه يحق له ما لا يحق لغيره فيختمر عقله ، ويتخدر جسده فيطمئن بذلك ثم يغفل.. فلو كان هناك تحديد رسمي فعلي ، ونفاذ ، وعادل لمدة بقاء المدير على كرسيه مع ثبات السياسة العامة والمبرمجة سابقا للجهة لوجدنا اختلافا كبيرا .. وتغيرا مهما في فلسفة الإدارة خصوصا عند يقين احدهم أن الكرسي سينتهي دورانه قريبا .. فتتلاشى فكرة أن يتعامل مسئول ما أن الجهة التي يعمل بها ليست ملكا لأبيه .. ويضعه ثبات السياسة العليا للجهة في مدار التوازن والعمل لتلك السياسة وليس لنفسه. @aziz_alyousef