لقد انشغل العم المسئول ومنذ بداية تسنمه مهام عمله انشغل بصناعة الطقوس الخاصة بالاستقبال والتوديع ، وابتداع الإجراءات العجيبة للدخول عليه ، واختراع المصطلحات الغريبة لمكاتبته كل ذلك عبر استشارات مستشاري الهم و المقاعد المريحة .. فأخذوا يُجيّشونه وفق جغرافية المكان ، وتضاريس الأنا .. و عندما يستخدم قلمه الفاخر المليء بالحبر والخالي من الفكر تجده يشعر أنه يطأ العالم بقلمه الفخم ، ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهه فهو العمّ المسئول الذي يدير ما حوله متناسيا أن الكرسي هو ما يديره حقا .. سكرة المسئولية ، وسطوة المنصب لم ينج منها أحد إلا من رحم ربي .. والقلوب التي تتقلب بين الحق والباطل هي قلوب مريضة ليست وفيّة ولا صادقة مع ذاتها ، ومن يتحدث بلغتين واحدة خارج المنصب ، والأخرى حين يصل إلى المنصب فهو شخص مذبذب خال من الرشد واليقين فيكون مسئولا بلا مسئولية ولا حس ولا دم العم المسئول ردّدها أكثر من مرّة أثناء هرولته في منصبه فأمسى يقول : سَأَحْلُمْ وأحلم فقط كي أعيش( أنا .. وخرج إلى متاهات التعطيل للضروري ، فالتعجيل لنقيضه .. و أسرع حين رغب الناس في الإبطاء بالقرار ، وتأخر حين احتاج الناس للقرار .. ولم يعرف إلا ما يريده هو لا ما يريد المستحقون .. فانعزل في صومعة حواسه ، وحبس خلف قضبان فكره .. مشكلة أي عمّ مسئول أنه حين كان خارج المسئولية تجده هماما متحفزا ، ومدافعا عن حقوق الناس وحاجاتهم ، و ناقدا وجلادا لهذه الجهة أو تلك ، فتأتيه الفرصة ليكون مكان من ينتقد ، وجالسا على نفس الكرسي الذي جلده سابقا .. فجأة .. وبعدما تمسّكن .. تجده يتمكن فيمتطي كرسي المسئول فيرفل بوثير مسئوليته ومنصبه .. فينقلب رجلا آخر ، ويتبدل لسانه ، وتتغير لغة جسده ، وتصبح حواسه في فوضى عارمة فيستنكر النقد ، ويحنق من الجدل ، ويغضب من الجلد .. فيكون نسخة من سابقيه ، ويكرر إبداعات أعمامه المسئولين القدماء. ختام القول : سكرة المسئولية ، وسطوة المنصب لم ينج منها أحد إلا من رحم ربي .. والقلوب التي تتقلب بين الحق والباطل هي قلوب مريضة ليست وفيّة ولا صادقة مع ذاتها ، ومن يتحدث بلغتين واحدة خارج المنصب ، والأخرى حين يصل إلى المنصب فهو شخص مذبذب خال من الرشد واليقين فيكون مسئولا بلا مسئولية ولا حس ولا دم .. تسوقه الأهواء ، وتُوقِعه رذائل المصالح .. ويتناسى هؤلاء الأعمام المسئولين حين يخرجون من مكاتبهم للأبد يعود كثير منهم نقادا منكسرين يجبرون الناس على استهجانهم والتهكم عليهم فيمسحون ذكره بممحاة قلم الرصاص بقدر ما كتب سطوته بقلمه الفاخر .. فيجرون خلفهم أذيال الخيبة والندم .. لذا اللبيب من الأعمام المسئولين حقا من يصحو مبكرا من سكرة الكراسي ويقدم مصالح الخلق وحاجات الناس ، وتسهيل أمورهم ، و تنظيمها بما يستحقون ، و بما يستحق الوطن ليحفظ لنفسه رصيدا من الحب يبقيه في قلوبنا حين يخرج من منصبه .. فيقال له شكرا ياعم .. @aziz_alyousef