الضيف «السري» أو «الخفي» يبدو انه سيوشك على دخول تجربة مثيرة.. هذه المرة ليتفحص الخدمات المقدمة للعملاء السعوديين. وفق ما اعلنته الهيئة العليا للسياحة في سعيها لتقييم مستويات الاداء والجودة في المنشآت «السياحية متواضعة الاداء» في أغلبها. لكن الشيء الجديد والمميز هنا هو دخول هذا النوع من ثقافة الجودة في القاموس الحكومي السعودي. إنه أمر محمود ولا شك.. ويحتاج إلى دعم ومؤازرة واهتمام من قمة هرم السلطات الإدارية في المملكة لو عقدنا العزم جادين في المضي نحو تأسيس مدرسة إدارية ومهنية جديدة عمادها الإنتاجية والإتقان وتحقيق الأهداف. لعلي أعتبر هذا الأمر تحديا حقيقيا أمام التطور التنموي في المملكة والإنتقال إلى اقتصاد منتج عوضا عن مستهلكإن مثل هذه الممارسات الإدارية الجدية جديرة بأن نفكر بتطبيقها على المصالح والأجهزة الحكومية.. ولم نفكر أصلا!!.. بل إنه واجب التطبيق في سياق الإحصاءات المفجعة التي اعلنتها وزارة الاقتصاد والتخطيط منذ أيام والتي حددت إنتاجية شريحة من الموظفين الحكوميين بساعة عمل واحدة يوميا (المعدل العالمي 7 ساعات) ما يعني أن الموظف السعودي ذاته وحسب هذه الإحصائية لا تتجاوز إنتاجيته السنوية 42 ساعة إذا ما استبعدنا الإجازات السنوية والمناسبات والأعياد.. ولكم أن تتخيلوا ان لدينا نحو 900 ألف موظف حكومي لا تتجاوز الإنتاجية الإجمالية لقطاع منهم طوال العام سوى يوم ونصف اليوم فيما يتقاضون رواتب شهرية تصل في مجملها إلى 190 مليار ريال سنويا..! ولعلي أعتبر هذا الأمر تحديا حقيقيا أمام التطور التنموي في المملكة والانتقال إلى اقتصاد منتج عوضا عن مستهلك، بل قد يعرض كل المنظومة الإصلاحية إلى خطر داهم فينقلها من ميدان العمل والإنتاج والجودة إلى ساحة الشعارات، وفي حقيقة الامر فإنه يجب البدء فورا في اعتبار هذه الإحصائية «أمرا كارثيا» لا يجب الاستهانة به، ويجب على الدولة تحمل مسئولياتها في مكافحة ظاهرة «البطالة المقنعة الجماعية» التي وبحال استمرارها ستفسد ولاشك خطط التحول إلى اقتصاد التنوع والمعرفة والإنتاج.. ومن الضرورة بمكان البدء فورا وبحزم في تطبيق سياسات الإدارة الحديثة المعتمدة على ربط الإدارة بالأهداف.. ولا بد ان يبدأ التطبيق في المؤسسات والاجهزة بشكل هرمي لتتحقق الفائدة فترتبط أهداف القائد بأصغر موظفيه، ولا ضير إن بدأنا بضخ الدماء الشابة والقادرة العطاء والمتشربة للإستراتيجيات الإدارية الحديثة وإزاحة قادة «البيروقراطية الملعونة» من عروشهم لتنبض مؤسساتنا حيوية وشبابا. إلا أنني لن أنصح أبدا ونحن في حالنا هذه بالاستعانة بالضيف «السري» لرصد مستويات الأداء والجودة والإتقان في مؤسساتنا الحكومية العتيدة فقد يلقى حتفه غيظا، أو ربما سيكون لزاما أن يحمل «ضيفنا الخفي المسكين» أقراصا للضغط والسكر والحموضة وكل أنواع الامراض والعاهات -إن لم يفقد عقله- في حال وقعت عيناه على أحدهم ممن يحملون لقب «أبو ساعة»!. تويتر : @alyamik