أشكل على بعض الناس معنى حديث أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم :( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ) متفق عليه. فقالوا كيف تصفد الشياطين وتغلق أبواب جهنم ونحن نرى من يعصى الله جهارا نهارا وأجاب بعض العلماء عن هذا الاشكال بأجوبة فيها نظر وأصحها أنه ورد في بعض رواية هذا الحديث (وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره) فيتبين أن التصفيد إنما هو لمردة الشياطين حتى لا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره وليس التصفيد لكل الشياطين. والحديث فيه نصح للأمة وحث وتحفيز لها على الخير ، وتحذير لها من الشر لما في هذا الشهر من الفضائل وأسباب الخير الموصلة للجنة تهيأ للمؤمن في رمضان كما أن أسباب الشر الموصلة للنار مغلقة ؛ وذلك إذا حقق المسلم الصيام المشروع كما أمره الله ففيه من الأسباب التي شرعها الله ما يجعل الصيام للمسلم جنة يستجن به أي يحتمي به من شر نفسه وشر مردة الشياطين فينجو بذلك من العذاب فهذا المعنى المقصود في الحديث . إن من لم يحقق الصيام المشروع لم يحقق فضائله ومنافعه ولن يكون له وقاية وجنة ولن يشعر فيه بلذة الطاعة ولا بالطمع في الثواب الموعود به من المغفرة والفضل العظيم الذي يعود عليه بقوة الروح والبدن في الخير. فعلينا أن نتعلم حقيقة الصيام الجالب للغفران والمنافع الجليلة فيه فإذا تعلمنا ذلك فإننا سنتعلم كيف نستقبل الشهر وكيف نودعه حقيقة ذلك الضيف الكريم الذي يعطي ولا يأخذ ويهب ولا يطلب منافعه لا تحصى يعجز اللسان عن حصرها إننا يجب ان نجتنب كثيراً من العادات التي تعيق تحقيق المقصود من الصيام فمن جعل النوم والشراب والطعام همه فلن يشعر إلا بالحرمان في نهار رمضان والكسل في ليله وسيظل يومه نائما إن استيقظ فإنه يستيقظ ليعد لنفسه من الطعام والشراب ما لذ وطاب ويسرف في ذلك يريد بغية أن يعوض ما فاته طيلة النهار فتفسد صحته بذلك الإسراف وتلك الأخلاط المختلفة فلا يخرج من رمضان إلا وقد تغير بخلاف المقصود من الصيام ، وسيقضي معظم نهاره في النوم لا يبذل فيه أدنى جهد فهو ملازما للكسل والفتور وضيق النفس تجده سريع الغضب شاعراً بالعجز والفتور لا يخرج لعمل ولا لمنفعة إلا ما ندر وهو حين يخرج قد لا يسلم من المشاتمة والمزاحمة وإيذاء الآخرين بل تجد البعض منهم يحصل له من الإساءة للآخرين في رمضان ما لا يحصل منه في غيره فكيف يتحقق له من الصيام شيء من تلك المنافع ؛ وكيف يكون حال أمثال هذا ممن ضيع إقامة الصلاة في أوقاتها أو الذكر والقراءة والقيام والاعتكاف والصدقة ؛ وكيف يكون حال من يقضي ليله في التلذذ بأنواع المشارب والمآكل والإسراف فيها ثم يقضي ما بقي من الوقت في التسلية واللهو والعبث والجلسات والتسوق والسهر في غير فائدة وربما قضاه بعضهم فيما يسخط الله كيف يحقق من صيامه ذلك الحكم والمنافع والفضائل المرجوة فيه وكيف يكون الصيام له جنة وعوناً له على الخير وطريقاً إلى أبواب الجنة المفتحة له وسبباً للبعد عن أبواب جهنم التي غلقت عنه. إن من لم يحقق الصيام المشروع لم يحقق فضائله ومنافعه ولن يكون له وقاية وجنة ولن يشعر فيه بلذة الطاعة ولا بالطمع في الثواب الموعود به من المغفرة والفضل العظيم الذي يعود عليه بقوة الروح والبدن في الخير ، إننا حين نستقبل رمضان على الوجه المشروع يجب أن نكون بعيدين كل البعد عن تلك العادات الرديئة المصادمة لمقاصد الصيام. إن من يحسن استقبال رمضان سيحسن توديعه وسيحسن فيما بعده وسيجتمع له الفرح بالعيد وبفضل الله عليه إتمام الصيام والقيام كما أراد شاكرا له أن وفقه إليه وإلى صيامه وقيامه راجيا الثواب والجزاء عنده تعالى مستأنفا ما بعد هذا الموسم العظيم بعزيمة معينة على البر والخير والهدى. [email protected]