في احدى المؤسسات تقدم الموظف للحصول على ترقية ظن هذا الموظف أن سجله الإيجابي سيشفع له عند المدير وحتماً سيحصل على الترقية، اطلع المدير على الملف وبالفعل وجد الكثير من الإيجابيات التي تتيح للموظف الحق في الترقية للوظيفة الأعلى ولكن عندما اطلع المدير على رصيد الموظف من الإجازات وجد المدير شيئاً غريباً فالموظف لم يحصل على اجازة لمدة عشر سنوات متتالية وعندما استفسر عن الأمر عرف أن الموظف لم يتقدم بطلب للاجازة طوال هذه الفترة، اشتط المدير غضباً ورفض ترقيته بل هدده بتنزيله إلى الوظيفة الأدنى إذا لم يحصل على اجازة في أسرع وقت ممكن. قد نختلف مع المدير في رفضه لترقية الموظف على الرغم من الإنجازات التي يزخر بها سجله في المؤسسة، ولكن قطعاً لن نتفق مع الموظف في إحجامه عن طلب الاجازة طوال هذه الفترة. فضلاً أعطوا فرصة لعقولكم كي تستريح، أعطوا لأجسادكم الفرصة كي تسترخي، أعطوا لذويكم الفرصة كي يشعروا بالسعادة، أعطوا لموظفيكم الفرصة كي يكافئوا أنفسهم عما حققوه من إنجازات، أعطوا لمؤسساتكم الفرصة كي تسعد وتتقدم بمديرين وموظفين وعاملين أدركوا معنى الاجازة. يبدو أن هذا الموظف لم يستمع إلى مقولة هنرى فورد المسؤول الأول عن امبراطورية فورد العظيمة «إنني لا أظل واقفاً حيث يمكنني الجلوس ولا أظل جالساً حيث يمكنني الاستلقاء» انه يشير إلى أهمية ممارسة الاسترخاء في حياة الإنسان، أهمية أن يعطي الإنسان لجسده وذهنه الحق في الراحة وتجديد النشاط. الواقع يقول ان العمل في جميع المؤسسات والقطاعات أصبح مليئاً بالضغوط والمشكلات، الواقع يقول أيضاً ان ساعات العمل في ارتفاع مستمر بعدما اتسعت أنشطة المؤسسات وازدادت احتياجات المتعاملين معها، وأيضاً الواقع يقول ان الشعور بالإرهاق أصبح سمة مشتركة للعامل والموظف والمدير، ليس هذا فقط بل حتى الأجهزة والجوامد عندما يزداد عبء العمل عليها تتغير طبيعتها وتبدأ في التراجع، الاجازة فى عصرنا الحالي أصبحت من ضروريات الحياة، لم تعد ترفيهاً كما يرى البعض بل هي نشاط حتمي يجب أن يزاوله الإنسان حتى يستمر في تحقيق الإنجازات، الاجازة مكافأة للجسد والروح في آن واحد. الاجازة فرصة قيمة لالتقاط الأنفاس، الاجازة فرصة طيبة للتخلص من الإرهاق والقلق، فرصة للابتعاد عن الروتين اليومي الثقيل الذي يجعل الإنسان مثل الآلة تماماً مبرمجة على فعل تصرفات معينة في أوقات معينة، الاجازة فرصة للتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء، أعتقد أن الموظف الذي سردنا قصته في البداية بالتأكيد كان يستطيع أن يضاعف حجم إنجازاته لو كان استفاد من رصيد اجازاته خلال هذه الفترة، وهذا ما يعطى لمديره مبررا كافيا لتعنيفه وعدم ترقيته. هناك من يظن أن الاجازة تعرقل سير العمل وأن الاجازة تعني تحمل تكلفة أكبر من العائد المتحصل عليه من قضاء اجازة، وهناك من يعتقدون في أهمية الاجازة ولكن الاجازة تعني بالنسبة لهم تجاوز الحدود في كل شيء، فالإجازة تعنى السهر والتنقل بين الشواطئ وممارسة المحرمات، وعندما يعودون إلى أعمالهم تجدهم محملين بقصص ومواقف تهدم مفهوم الاجازة ولا تحقق الغاية المطلوبة منها، الاجازة لا تعني التسيب، فأوجه قضاء الاجازة كثيرة ومتعددة فأي نشاط يمارسه الإنسان بعيداً عن محيط عمله ويعود عليه أو على المحيطين به بالنفع فهو نشاط مطلوب وأي نشاط يتنافى مع قيمنا وتقاليدنا فهو مرفوض. يجب أن ندير اجازاتنا بالشكل الذي يحقق الأهداف المطلوبة منها والعمل بالأسباب التي تحتم علينا الحصول على اجازة. الجانب الآخر الذي أود أن أشير إليه هو حاجة كل مدير في كل مؤسسة للاستمتاع باجازة، فالمدير هو العقل المحرك لأي نشاط داخل المؤسسة، وعندما يصاب هذا العقل بالإرهاق تنخفض قدرته على القيادة والتوجيه ومن ثم تصاب المؤسسة بأكملها بالإرهاق، هناك الكثير من المديرين عندما يذهب لقضاء اجازة يأخذ مشكلات العمل معه ولا يكف جواله عن العمل وحتى لو أغلق جواله فانه لا يستطيع أن يغلق عقله عن التفكير في أمور العمل، لا أبالغ إذا قلت ان الكثير من المديرين والمسؤولين فى المؤسسات تواجههم مشكلات أسرية جمة بسبب عدم اهتمامهم بقضية الاجازة أو تنازلهم عن الكثير من متطلباتها. فضلاً أعطوا فرصة لعقولكم كي تستريح، أعطوا لأجسادكم الفرصة كي تسترخي، أعطوا لذويكم الفرصة كي يشعروا بالسعادة، أعطوا لموظفيكم الفرصة كي يكافئوا أنفسهم عما حققوه من إنجازات، أعطوا لمؤسساتكم الفرصة كي تسعد وتتقدم بمديرين وموظفين وعاملين أدركوا معنى الاجازة. قرائي الأعزاء أتمنى لكم أن تقضوا اجازة طيبة تعودون بعدها وأنتم أكثر نشاطاً وقدرة على الإنجاز مشحونين بالطاقة والاصرار على النجاح. تويتر : @ssalrasheed