لن أكتب لكم عن تغيير يومي العطلة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت رغم إغراءات الموضوع، بل أكتب عن تصحيح أوضاع الباحثين عن عمل من السعوديين، إذ يبدو أن الأمر بحاجة إلى مهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر لتوظيف السعوديين، بل لعلها تحدد بستة أشهر فإن لم يجد الباحث عن عمل عملاً درست حالته ووضعه (أو وضعها إن كانت فتاة) ضمن برنامج للتوظيف يشمل تأهيله و»إصلاح» قدرته للحصول على عمل. والمبرر لطرح هذا الأمر أن استيعاب المواطنين في سوق العمل لن يأتي إلا بمبادرة حكومية صارمة وحازمة! إذ لا يعقل أن يكون بين المواطنين والمواطنات من يطلب عملاً ولا يجده في حين أن البلاد تعج بملايين من العمالة الوافدة! ولن تجد عاقلاً يجادل في أهمية استقطاب اقتصادنا -أو أي اقتصاد حيّ- للمؤهلين والمبدعين والعمال والمهنيين المهرة والتميز والخبرة المتراكمة. ومع هذا الاقرار النافي للجهالة أعود لموضوع توظيف السعوديين ب»المهلة»، فإن كان جهد إصلاح أوضاع العمالة الوافدة غير النظامية سُمي اصطلاحاً «حملة الجوازات» فلعلنا نسمي الحملة ذات الصلة بالمواطنين «حملة الأحوال المدنية» لسبب أن لابد من التعرف على الوضع الوظيفي للباحث عن عمل، وما الذي يبذله من جهد من أجل ذلك. ولابد من التنويه أن هذه الحملة (حملة الأحوال المدنية) تتطلب جهداً مضاعفاً ومنسقاً لجملة من الأجهزة الحكومية. وقد يستغرب البعض مطلب «التوظيف الاجباري»، لكن الأمر ليس جبرياً بقدر ما هو مطلب لمنع البطالة الاختيارية بين شبابنا؛ إذ أن هناك من يعتقد أن الخيار له: إن أراد أن يعمل أو لا يعمل! المجتمع بحاجة لجهود أبنائه كافة، وإلا كيف يطبق نظام العمل الذي ينص: أن العمل حق للمواطن وأن الاستقدام حالة استثنائية في حال عدم توفر المواطن! أما ما يخرج عن هذه النصوص فهو أن المواطن موجود لكنه لا يعمل إما لأنه لا يُمكنّ نظراً لانخفاض الأجر أو لعدم امتلاك المواطن الباحث عن عمل للمهارة والقدرة. ونحن -كمجتمع وكاقتصاد- لسنا معذورين في كلتا الحالتين؛ إذ علينا منح أجر ومغريات مادية تستقطب شبابنا للعمل وهذا شأن ثمة سبعين طريقة وطريقة لترتيبه بعيداً عن وضع حدٍ أدنى للأجور ينهك كاهل سوق العمل السعودي في وقتنا الراهن. أما عدم امتلاك الباحث للمهارة والقدرة فعلينا التوقف أمام هذا الأمر «المحرج»؛ إذ ننفق حصة مهمة من الناتج المحلي الاجمالي تبلغ 5.6 بالمائة على التعليم بما يتجاوز بفارق كبير المتوسط العالمي الذي يبلغ 4.4 بالمائة، وفوق ذلك فإن الانفاق على التعليم العالي يتجاوز 50 مليارا سنوياً وبرنامج بعثات لجميع أنحاء العالم، كما أن التعليم الفني والمهني يحظى بميزانية تتجاوز 5.3 مليار ريال للعام الحالي (2013)..ثم بعد كل هذا نقول: ان شبابنا «غير مؤهلين لسوق العمل»؟! مع كل ما ينفق فالأمر يتطلب، كما قلت، حملة لتخرج قضية تعليم وتأهيل وتوظيف السعوديين الباحثين عن عمل..لتخرج القضية عن الرتابة إلى الاستنفار تماماً كما استنفرنا كمجتمع وأجهزة نتيجة لحملة الجوازات.. إذ يبدو أن تشوهات سوق العمل لن تنصلح بدون شحنة هائلة من الحماس والضغط والمتابعة، لمصلحة شبابنا السعودي أولاً ثم لصيانة ما يقدر بنحو 1.123 مليار ريال ننفقها كل مطلع شمس لتنمية مواردنا البشرية..نعم كل مطلع شمس! @ihsanbuhulaiga