منذ أن بدأت المهلة وحي السفارات في الرياض يئن تحت وطأة الأعداد الكبيرة من العمالة الوافدة المتوافدة على قنصليات بلادها لاستكمال أوراقها الثبوتية، وكذلك أقسام التصديق في الغرف التجارية التي تكاد تنفجر من الازدحام، وفي مكاتب العمل تكدس للبشر ولمعاملاتهم، والأمر لا يختلف في الجوازات من حيث الازدحام. السؤال: توشك مهلة اصلاح أوضاع العمالة الوافدة غير النظامية على الانتهاء (بقي منها 19 يوماً) دون وجود أفق لإنهاء معاملات الجميع، فما العمل؟ أما السؤال المُلح: هل تمدد المهلة؟ وبالمقابل هناك من يتساءل: لماذا تُمدد المهلة؟ وإن مددت الآن فما المدى الكافي للتمديد شهراً أم أشهرا؟ وما الذي يضمن أن لن تكون هناك مهلة بعد انتهاء التمديد؟ بداية، علينا الاقرار بأن ما اصطلح على تسميته «حملة الجوازات» حققت فوائد عديدة فالالتزام بالقانون مرتكز وإلا ضاعت الحقوق وانتشر التلاعب. هناك من لا يعتقد بجدوى مثل هذه الحملات لسبب أن الوضع السابق كان في صالحه؛ يمكنه من توظيف من يشاء من العمالة الوافدة وكيفما يشاء وكانت -وبالتأكيد مازالت- اتفاقات التستر تأخذ حيزاً مهماً من العمال وكفلائهم السعوديين. من يعتقد أن الوضع السابق القائم على عمالة «مخالفة» كان أفضل فهو ينظر من ثقب الباب مكتفياً برؤية مصالحه وغير عابيء بأي شيء آخر، وطبعاً هذا الشخص لم ترضه الحملة ولن يرضيه ما تؤول إليه الأمور عند تنظيم العمالة الوافدة. أعود مباشرة لموضوع تمديد المهلة لأقول إن الأحاديث في جنبات متعددة من أسواقنا ودهاليز اقتصادنا ترجح أن تمدد المهلة بما يُمكن العمالة الوافدة غير النظامية من «تصحيح» أوضاعها، لكن هذا الأمر لن يكون عملياً، إذ ليس معروفا عدد هذه العمالة على وجه التحديد ما يعني أنه ليس بالامكان معرفة ما مدى التمديد الذي سيكون كافياً لاستيعاب الجميع، وكيف يمكن معرفة ما هو التمديد المطلوب (شهر او اثنين أو ثلاثة) إن لم نكن نعرف عدد العمالة غير النظامية ولو على وجه التقريب؟ ومع ذلك وحتى في حال الافتراض -جدلاً- أن عدد تلك الشريحة من العمالة هو 2 مليون شخص مثلاً، فذلك يعني أن التمديد يجب ان يستمر أشهراً والسبب أن عدد من صُححت أوضاعهم لم يتجاوز حتى النصف! ما الحل، وهل يكون التمديد لأشهر أم لأسابيع؟ وبالمقابل قد لا يكون هناك أي تمديد بمعنى: أن من لم يتمكن أن يصلح أوضاعه خلال مهلة التسعين يوماً فعليه أن يغادر البلاد؟ لكن ألا يوجد خيار ثالث؟ أي عدم تمديد المهلة الملكية وفي نفس الوقت تعديل أسلوب إنهاء الاجراءات القائم حالياً باللجوء إلى التعاملات الالكترونية بالكامل دون الطلب من الشخص أن يراجع وزارة العمل أو الجوازات بالضرورة، بل يكفي أن يدخل لبوابة مشتركة بين وزارة العمل والجوازات ويسجل بياناته ويحصل العامل الوافد على رقم وموعد محدد للمراجعة. ولا يتسع المجال لتفصيل لكن من الضروري الانتقال من «التعاملات الالكترونية» إلى التعاملات الذكية التي تربط في الاجراء بين أكثر من جهة حكومية، أما أن نطلب أن يأخذ الوافد دورة مستندية كاملة «على قدميه» متنقلاً من إدارة إلى أخرى فذلك يعني أن أشهراً طويلة ستنقضي قبل تصحيح أوضاع العمالة، وبذلك تستمر التشوهات..ولا نريد لها أن تستمر! توتير: @ihsanbuhulaiga