يبدو أن «حافز» أتى ليبقى ما دامت سياستنا الاستقدامية انفتاحية لا تعرف سقفاً! وعندما أعلن عن الاعانة المالية للباحثين عن عمل أعادت معها إثارة الجدل حول السعودة، ثم عندما قاربت الفترة المحددة على الانتهاء عاد التراشق من جديد، ويبدو أن هناك من يتخوف من انقطاع إعانة حافز ، لكن التخوف يجب أن يكون من البطالة، فالظروف القائمة تجعل حصول المواطن على عمل قيم أمرا صعبا، إذ يمكن الجدل حول أن العامل الأهم والأعلى تأثيراً الذي يجعل السعوديين والسعوديات يبحثون عن عمل ولا يجدونه هو كثرة وتزايد وتصاعد الباحثين عن عمل من الوافدين! ومن يعمل في السوق يدرك هذه الكثرة والوفرة، فستجدهم من كل جنسية ومهنة يبحثون عن عمل، إن لم تك هذه منافسة غير مشروعة فما المنافسة غير المشروعة إذاً ؟! وما دامت كثافة مزاحمة السعودي الباحث عن عمل في ازدياد، فأقول لكم : إن «حافز» أتى ليبقى! فوجود الباحثين عن عمل من الوافدين يعني الحد من فرصة المواطن حكماً؛ فإجمالاً أجورهم أقل ويقبلون بشروط عمل أكثر صرامة، وإجمالاً - كذلك - فلن يوظف أصحاب الأعمال السعودي إلا اضطراراً وبقوة القرارات الحكومية، وهذا أمر مؤلم بالفعل. أما فتح سوق العمل المحلي ليدخله مئات الآلاف فهو أمر جديد لم يسبقنا إليه أحد، بل أستطيع الجزم بأن هذه الممارسة هي الأكثر تأثيراً في ارتفاع البطالة وجمود أجور السعوديين، والأمر لا يتوقف عند بطالة عدة مئات من الآلاف من السعوديين والسعوديات، رغم فداحة ذلك، بل يتعداه ليفرغ السياسة المالية التوسعية من أحد أهم مراميها؛ إذ أن الانفاق الحكومي المتصاعد كما هو معلن في الميزانيات المتعاقبة يرمي لأهداف أهمها زيادة قدرة اقتصادنا الوطني على توفير الوظائف، وعليه كيف يستقيم أن ينفق اقتصادنا الوطني المليارات ليوجد الوظائف، وينفق المليارات ليطور الموارد البشرية ويعلمها ويدربها ويؤهلها؟ ثم تأتي سياسة الاستقدام الانفتاحية لتهدي - بدم بارد - الجزء الأهم من تلك الوظائف للعمالة الوافدة! هذا أمر لا يُعقل؛ فلا يعقل ان نستورد باحثين عن عمل أي نستورد بطالة وافدة لتنافس أبناءنا الذين أرهقهم البحث وتنهك كل مؤشرات الأداء الاقتصادي، ولا يعقل أن نستقدم في عام 2011 نحو 1.2 مليون عامل، وفي عام 2012 نحو مليوني عامل بزيادة 800 ألف تأشيرة في عام واحد، ولا يعقل الاصرار على عدم الحد من الاستقدام، ليخرج أحدٌ ويحدثنا عن مآثر ومنافع ومناقب ومزايا فتح أبواب الاستقدام على مصارعيها، عله يقنعنا بما لم تفعله كل اقتصادات العالم المتقدم والنامي ومتدني النمو، وإن فعلته فبتقتير وشح كمن يتجرع السم الزعاف! توتير: @ihsanbuhulaiga