بعد أعوام طويلة، وشتات عانت منه «المفترشات»، أو ما يسمين «بائعات البسطات»، سيرى سوقهن الشعبي النور، بعد عام، محتوياً على أنشطة تجارية متنوعة، يضم محلات وورشاً للذهب ومعهداً لتعليم الحرف وكل ما يلزم السوق من خدمات ترفع من نمط عمل «المفترشات». قبل نحو أسبوعين، مررت من جانب إحدى بائعات البسطة، وتناولنا أطراف الحديث، فكانت تشكو حال الزمن وتقول:»من 30 عاماً وأنا أفترش هنا، باحثة عن لقمة العيش، وكثيراً ما كنت أجد ضالتي هنا، أجتمع مع صديقاتي ونشكو حال الزمن»، واستطردت في الحديث إلى أن وصلت إلى بدايات عملها وكيفية جني الأرباح، والتعامل مع المتسوقين، غادرت المكان، وأنا أفكر في حال المفترشات، وكيفية مساعدتهن، فهن لا يحبذن المساعدات أو مد يد العون، وإنما يسعين لكسب الرزق، ونيل الحياة الكريمة. أبعاد اقتصادية، ستصيب المفترشات في حال بدء تشغيل السوق الشعبي، فهناك محلات متنوعة، وفي داخل السوق، بسطات شعبية، تتمكن البائعة من التعامل مع الزبائن في جو يعج في الاستثمار، ربما يحتاج هذا السوق إلى أعوام، لتنميته بصورة تتناسب مع ما يلتف السوق من أجواء تساعد على استقطاب الزبائن، وحتى السياح، ربما يصبح السوق الشعبي، سوقاً سياحياً ومورداً اقتصادياً، لما له من تأثير على الرافد السياحي، فالمعالم التي تتميز بها الدول الأخرى، هي الأسواق الشعبية، التي تشهد إقبالاً من المتوافدين عليها، تبدأ بنواة بسيطة إلى أن تتسع بصورة يصبح منها السوق «وجهة رئيسية في المنطقة». للأسر المنتجة، نصيب من السوق الشعبي، فستجد متنفسها به، بعرض ابرز ما يتم إنتاجه، فبدلاً من البحث عن وسيلة تسويق، والركض وراء كل ما يمكن أن يرفع من نسبة الإقبال على المنتجات، يكون السوق الشعبي بمثابة بوابة شد وجذب، ومن هنا يبدأ مشوار التنمية لفئة لم نكن نلتفت إليها كثيراً. انتقال البائعات من أرصفة الشوارع، وأبواب المجمعات التجارية، إلى العمل داخل سوق نظامية، يحدث حراك فعلي، وعمل ذات جودة اقتصادية، ينعكس على الأداء العام، وعلى تحسين مستوى بيئة الاستثمار، ايجابيات عدة في طيات سوقنا الشعبي، ولكن هناك حاجة إلى إدارة وتدريب، والحفاظ على المكان، ليصبح «معلما»، يقصده زوار المنطقة، فتصبح المفترشات والأسر المنتجة وكل من سيكون له نصيب في السوق، من ابرز المستثمرين، ويعم التبادل التجاري مابين الأسر من حيث المنتجات التراثية والحرفية، بحسب تراث المنطقة، وما لا يمكن أن ننساه، أن المعاناة ستنتهي، فلم يعدن يكابدن حرارة الصيف وبرد الشتاء، من اجل العيش وتوفير دخل مادي. أوجّه تحيتي، إليهن، فهن سيدات أعمال قبل أن يكن مفترشات، يمتلكن إلماما وقدرة على الربح حتى لو كان هامشيا، يعقدن اتفاقيات مع التجار، يمتلكن مهارات ذاتية، بحكم خبراتهن في العمل التجاري، احترامي وتقديري إليهن.