كم جميل هو ذلك الشعور حينما يدخل أحد ما السرور والفرح على الناس فيفرج لهم كربة أو يقدم لهم معونة أو ييسر لهم عائقا ويجعلهم يزدادون إيمانا بأن مجتمعهم كالجسد الواحد إن عانوا عانوا جميعا وإن فرحوا فرحوا جميعا وكل ذلك يسهم في خلق مجتمع إيجابي يزداد تقدمًا ورقيًا كل ما تقدم به الزمن. وعلى العكس والنقيض من ذلك هو حال من يسعى لإفساد ذلك السرور والفرحة فيزيد الفجوة بين أفراد المجتمع ويجعله يزداد سلبية وتراجعا كبيرين. لا حظنا في السنوات الأخيرة وبالذات الخمس الماضية منها حين تصب قرارات كثيرة في مصلحة المواطن تعم الفرحة أناسا كثيرين يؤمنون بتحقيق أحلامهم وجعلها واقعا بعد أن كانت أحلاما بقيت أحلاما على ما هي عليه، فبعد أن شاهدنا قرارات زيادات الرواتب في القطاعات الحكومية و(بعض) القطاعات الخاصة، قوبلت تلك القرارات التي أسعدت الناس بتصيد واستغلال لهم فبدأت أسعار أهم المنتجات الحياتية بالارتفاع غير المبرر وأنا هنا أقول المنتجات الحياتية وأقصد هنا اليومية التي تجعلهم يعيشون في هذه الحياة المعيشية كالأكل والشرب وأهم متطلبات ومستلزمات الحياة والأسرة كل ذلك كان من (كثير) من التجار وليس (كلهم) فلو خليت لخربت، وهنا أتوقف قليلا وأقول اعلم تماما أن التاجر يهمه تحقيق الأرباح فقد بذل من ماله وجهده الكثير من أجل ذلك ولكن هل يتلذذ البعض منهم بأن تزداد أرباحهم باستغلال حاجات الناس واقتناص كل الفرص سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة نظاما أو عرفا أودينا؟. كثير من الوقائع كانت دلائل وشواهد على ما ذكرت فنتذكر كيف زادت وبشكل هائل أسعار الخضروات والفواكه وقوت الناس والسلع الغذائية الرئيسية لهم حتى قبل أن يتذرع التجار بأسعار النفط والنقل والأزمات المالية العالمية فقد كان كل ذلك قبلها. انتهت تلك الازمة كالعادة بهزيمة المواطن وفوز (بعض) التجار وسط سبات عميق من حماية المستهلك والجهات الرقابية. جاءت بعد ذلك أزمة الحديد وارتفاعاته المهولة وشحه المتعمد في السوق حتى تجاوز أربعة أضعاف سعره الطبيعي رغم تكدسه في مستودعات أصحابه. هذه بعض الشواهد التي تنغص كل فرح للمواطن وقطع أفراحه التي لا تكتمل، فهناك ارتفاعات مشروعة ومبررة -إلى حد ما- كارتفاع الشقق في الأماكن السياحية وفي مكةالمكرمة والمدينة المنورة في المواسم ولو أن تلك الارتفاعات تعدت المعقول. انتقل هذا الفيروس إلى العقار وأصبحت أسعار الأراضي والسكن بشكل عام فلكية جدا سواء في التملك أو حتى الإيجارات ولا يستطيع نصف المواطنين التنعم بمسكن يحلمون به إلا إن استعدوا لنهش البنوك وقروضها التي تكون وديعة وأليفة في البداية وبعدها تنقلب إلى وحش كاسر لا يرحم. أخيرا أنا هنا لا أعمم على كل التجار بل لكثير منهم استغل كل فرص الناس المعيشية لزيادة أرباحه على حسابهم دون النظر لما يترتب على ذلك في المجتمع، ولكن هناك تجار قدموا كل ما يستطيعون بل أنهم واجهوا الغلاء بخفض الأسعار وساهموا في تخفيف كل ما يواجه الناس فأسأل الله أن يضاعف لهم الربح في الدنيا والآخرة ويجزيهم خير الجزاء، أما الآخرون فأقول لهم هل هناك سقف للجشع ؟. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة، في أمان الله. [email protected]