انطلق الأربعاء المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 26) متضمنا في برنامجه أنشطة وفعاليات تراثية وثقافية متنوعة، كما يشهد زخما ملفتا في حجم الفعاليات التي تقام بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي، وضيوف منهم أدباء وشعراء وعلماء وباحثون من مختلف أنحاء العالم. مهرجان الجنادرية يعد وجهة حضارية للوطن (اليوم) وإلى جانب تنفيذ العديد من المحاضرات والندوات ومعارض الفنون التشكيلية والعروض المسرحية (أربع مسرحيات) وأوبريت الافتتاح «فرحة وطن»، هناك فعاليات الشعر الشعبي بأمسياته وخيمة الرواة، وعرضات فولكلورية لجميع مناطق المملكة. وتتناول الفعاليات الثقافية هذا العام أيضا عدة محاور أساسية تتمثل في «مجتمع المعلوماتية واقتصاد المعرفة»، ومحور «الغرب والإسلاموفوبيا»، ومحور «المملكة والعالم.. رؤية استراتيجية للمستقبل»، إضافة إلى إقامة ثلاث أمسيات شعرية، وتنفيذ محاور ندوات نسائية في جامعة الأمير نورة بنت عبد الرحمن حول التجديد في الخطاب الديني والوطني، وشهادات وتجارب نسائية في مجال التنمية والمعرفة في المملكة. وحول المهرجان وما يمثله من قيمة حضارية وثقافية كان ل(اليوم) وقفه مع بعض الكتاب والأدباء حول المهرجان: مناسبة غالية رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون د. محمد الرصيص اعتبر المهرجان أكبر مناسبة ثقافية في المملكة، والأهم في الوطن العربي في الوقت الحاضر، خاصة بعد أن بدأ يأخذ الصبغة العالمية. وقال: «من الملاحظ أن المهرجان يتطور من سنة إلى أخرى بإضافات جديدة، وهذه السنة مثلا هناك جناح بيت المنطقة الشرقية وكذلك مكةالمكرمة». مؤكدا أن الانفتاح وخاصة على العوائل والأسر وعموم الشعب السعودي، يحسب للمهرجان، إضافة إلى التجديد في الأوبريت وتطوره والبعد عن الجمود. وأضاف : إن «مهرجان الجنادرية مناسبة عزيزة وغالية، نتمنى المحافظة عليها واستمرارها وتطورها في أدائها وفعاليتها، والملاحظ أن المهرجان بدأ يتشكل على أساس الثقافة العربية، ويلفت الأنظار إلى المستوى العالمي، خاصة باستضافة الدول العالمية مثل اليابان هذا العام». وتابع د. الرصيص قوله: من الجميل أن هناك مؤسسات كثيرة ساهمت مع الحرس الوطني في إنجاح المهرجان وتقديم الفعاليات، سواء كانوا أفرادا من مثقفين وكتاب أو مؤسسات ووزارات مثل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، موضحا أن على الجميع إنجاح هذا المهرجان الوطني، الذي يعد وجهة حضارية للوطن. عودة المسرح وعن الفعاليات المسرحية في المهرجان، قال رئيس لجنة المسرح في المهرجان محمد المنصور: «عدنا إلى أرض الجنادرية بعد غياب أكثر من عشر سنوات»، متمنيا أن تقدم خلال المهرجان عروض جميلة وتوفق في إرضاء الجمهور والمسؤولين، وأن تكون بداية خير لمستقبل في تقديم أكثر من أربعة عروض خلال المهرجان. وأضاف: ستقدم أربعة عروض تبدأ أولاها اليوم ، وهو أول أيام فعاليات المهرجان، عبر عرض مسرحية «كوفي شوب»، التي تقدمها جامعة الملك سعود، وفي ثاني أيام فعاليات المهرجان ستقدم مسرحية «إلا الوطن» تقدمها جمعية الثقافة والفنون في جدة، وستعرض السبت المقبل مسرحية «يلهي العيال» ستقدمها جمعية الثقافة والفنون بالمدينة، أما الأحد فتعرض مسرحية «شدت القافلة»، التي تقدمها جمعية الثقافة والفنون في الطائف. غياب النجوم من جانبه، قال الشاعر ابراهيم الوافي: «بشكل عام، الجنادرية أصبحت مظهرا ثقافيا بارزا ومهما جدا في التراث والثقافة السعودية، لكن سنوات الجنادرية في السابق كانت أهم، لأنها استهدفت في ضيوفها النجوم، وعندما غابوا عنها، غاب كثير من الوهج عن الجنادرية». وأضاف: «لجنة الشعر مثلا، لم تكلف نفسها استقطاب تجارب شعرية لها تاريخها»، موضحا أن هناك من الشاعرات من لم تستحق الاستضافة. ولم يتم استضافة شعراء لهم ثقل تاريخي ونجومية في الوطن العربي. وأشار الوافي إلى أنه رغم ذلك نجح المهرجان في المزج بين التراث والثقافة الحديثة، واستهداف كل الشرائح، وهو يمزج بدقة تراث الماضي وبناء الثقافة المعاصرة. وطرح الفنان التشكيلي سعد العبيد تساؤلا عن غياب الفنانين التشكيليين الكبار، مشيرا إلى أن معظم المشاركين هم من الأجيال الجديدة. وأكد أن على إدارة المهرجان البدء في تقديم دعواتها قبل افتتاح المهرجان بثلاثة أشهر حتى يتسنى دعوة الفنانين وأخذ استعدادهم لتقديم مشاركة تليق بمستوى الحدث وحضوره الثقافي. ويستعيد العبيد ذكرياته عندما تولى تنظيم جانب الفن التشكيلي في المهرجان عام 1410، مؤكدا أنه حاول أن يقدم أشياء جديدة تحقق تفعيل تواصل الفنان التشكيلي مع الجمهور، مستفيدا من الحضور الكثيف الذي يحظى به المهرجان، فقدم ورشة لرسومات الأطفال في الجناح التشكيلي، وتم توزيع الهدايا التشجيعية على الأطفال، وأقام معرضا للخطاطين وورشا للخط، بحيث يمارس الخطاطون هوايتهم في الجناح نفسه وبحضور الجمهور ومناقشتهم لهم. مؤشر حراك ثقافي بدورها أكدت الشاعرة سارة الخثلان أن المهرجان يعطي مؤشرا على الحراك الثقافي والتراثي للمملكة، وإن كان حراكا يغلب عليه الجانب الشعبي والتراثي. وتمنت الخثلان أن يكون هناك معرض مصغر يصاحب مهرجان الجنادرية، ويطوف أنحاء المملكة، بحيث يستطيع أبناء الوطن أن يتعرفوا على تراثهم وماضيهم، ويرى بعض القامات الثقافية التي تكرم من خلال المهرجان ويتواصل معها. معتبرة أن مشاركة «بيت الشرقية» هذا العام خطوه طيبة للتعريف بتراث هذه المنطقة الغالية من وطننا. وتتساءل الخثلان عن أسباب غياب تكريم المرأة السعودية ضمن الشخصيات المكرمة في المهرجان، موضحة أن المرأة حققت الكثير من الإنجازات ووصلت إلى مقامات عليا في هذا الوطن. وقالت: «أنا متأكدة أن المرأة السعودية سوف تكرم في المهرجان مستقبلا ، لأنها حققت حضورا ثقافيا على المستوى الداخلي والخارجي».