وافق مجلس الشوري علي ماطرحته اللجنة الثقافية بالمجلس حول إنشاء مجلس أعلى للثقافة في المملكة يكون مسؤولا عن شؤون المثقفين وأيضا يقوم بطرح أفكار ومشاريع وبرامج للعمل الثقافي في المملكة. ويتوقع أن يكون المجلس العقل المفكر لوزارة الثقافة والإعلام التي تقوم الآن على وضع اللمسات النهائية له كما قال د.سعد البازعي في حوار أجري معه مؤخرا. حول هذا الموضوع التقينا بعض المثقفين ليدلوا بآرائهم وتوقعاتهم وآمالهم فيما يجب ان يكون عليه هذا الكيان الثقافي الذي سيحمل مسمى «المجلس الاعلي للثقافة». حراك ثقافي في البداية يلخص الكاتب وعضو مجلس الشورى السابق حمد القاضي نظرته حول المجلس قائلا: «المجلس الأعلى للثقافة الذي اقترحته اللجنة الثقافية في مجلس الشورى يعد اقتراحا موفقا جدا وأنا على المستوى الشخصي أؤيد قيام مثل هذا المجلس لأن الثقافة اليوم لا تقبل العمل النمطي وتتطلب مرونة في العمل لمواكبة العمل الابداعي سواء كان عملا فكريا أو أدبيا أو فنيا فكل هذه الاعمال الابداعية تحتاج إلى مجلس قائم بذاته لخدمة الابداع، وهو عرف أي «المجلس الثقافي» في غالبية الدول المتقدمة خصوصا إذا عرفنا أن المملكة تعيش في منظومة من الحراك الثقافي والاقتصادي الكبير ومن هنا لا بد أن تكون الثقافة في المملكة العربية السعودية مشاركة بشكل فعال وقوي في هذا الحراك العالمي، وكلما ابتعد العمل الثقافي عن البيروقراطية والعمل الروتيني كان ذلك أكثر تألقا وحضورا، وأتمنى بوصفي محسوبا على المثقفين أن يعطى للمجلس الاعلى للثقافة كافة الامكانات المادية والصلاحيات الواسعة بحيث ينطلق في الفضاء الثقافي الواسع ليتواءم الحضور الثقافي في المملكة مع الحضور الاقتصادي.» طموحات واسعة ويقول احمد المالك: «بالنسبة لمقترح اللجنة الثقافية بمجلس الشورى حول إنشاء مجلس أعلى للثقافة اري انه عمل مهم يضيف للحركة الثقافية والمثقف الكثير من التسهيلات والرؤى التي من الواجب أن تكون في عمل المثقف وأظنه قد جاء في وقت أصبح العمل الثقافي بحاجة إلى مؤسسة يكون شغلها دعمَ الثقافة وإيجاد المناخات المناسبة والصحية للمنتج الثقافي ونحن ننتظر تفعيل هذا المجلس ليكون المجلس الذي يضم الاطياف الثقافية المتنوعة في المملكة العربية السعودية، وأتمنى أن يواكب هذا المجلس القفزة التي أحدثها المثقف السعودي على مستوى الوطن العربي، وفي ظني انه قادر على ذلك من خلال رجال مخلصين خدموا الوطن ولا زالوا. ومن هذا المنبر الإعلامي وعبر (اليوم) أعلن وقوفي وترحيبي بهذا المجلس المنتظر متمنيا ان يحقق طموحاتنا الواسعه.» حضور فاعل للمرأة وتعول ثريا محمد على المجلس في تأكيد حضور المرأة فتقول: «أولا: أتمنى أن يكون للمرأة حضور فيه كما كان لها حضورها مؤخرا في مجلس الشورى من خلال تكليفها بالمشاركة في مجلس الشورى، ومن خلال الثقة التي كرمت بها من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وامد في عمره، ثانيا: هذا المجلس الذي يعنى بالثقافة هو مجلس عرفته دول عربية عديدة وأظنه قد لعب دورا كبيرا في تلك الدول، ولدينا في الخليج العربي وبالتحديد بالكويت، على سبيل المثال، تجربة المجلس الوطني للثقافة والفنون وهو مجلس قدم الكثير للثقافة الخليجية والعربية وساهم مساهمة كبيرة في عملية الترجمة ونقل الكثير من الابداعات العالمية للمواطن العربي، لهذا أتنمى أن يواكب المجلس القادم الثورة الثقافية التي تعيشها المملكة العربية السعودية ويكون عونا حقيقيا للمثقف وللعملية الثقافية بالعموم.» خطة مستقبلية أما صلاح القرشي فيتساءل عن مدى توافر خطة مستقبلية واضحة تتعلق بالعمل الثقافي وعلاقته بالمجتمع حيث يعلق: «اعتقد أن المسألة أبعد من مجرد التسميات، والسؤال الأهم: هل لدى وزارة الثقافة والإعلام خطة واضحة تتعلق بمستقبل الثقافة وعلاقتها بالمجتمع. اعتقد شخصيا أن الوزارة تخرج عن المألوف عندما تحصر دورها في مجرد العلاقة بالمثقفين والأدباء فتغوص داخل صراعاتهم ومطالبهم فيما ان الدور الأكبر والمفقود يختص بالعلاقة مع المجتمع نفسه، وفي كيفية توسيع دائرة الاهتمام بالثقافة اجتماعيا وكيفية الوصول لقطاعات كبيرة من المجتمع هي بعيدة فعليا عن أي تفاعل ثقافي فإذا كان المجلس الأعلى للثقافة قادرا على انجاز شيء يتعلق بهذا الأمر فسيكون وجوده ايجابيا، أما إن كان مجرد حلقة جديدة في دائرة الموجود والمكرر فهو لن يقدم أو يؤخر لأن المسألة كما قلت في البداية تتعلق بوجود خطة وتصور مستقبلي للثقافة من عدمه.» انفصام حقيقي ويقول الروائي عبدالله الوصالي: ليس لدي علم بما ان كان قد رفع تصور عن تكوين مجلس أعلى للثقافة بقصد النظر فيه إلى مجلس الشورى، لكنه إذا كان صحيحاً فلا بد انه مر كما يفترض بمرحلة الهيكلة الإدارية والموارد وكذلك الأهداف والوسائل، فبالتالي الحديث عن تفاصيل ذلك يبدو فائضاً عن الحاجة. وفي المشهد يبدو أن هناك انفصاما حقيقيا في مجتمعنا بين الفن و الأدب ويظهر الأدب في مرتبة أعلى اجتماعياً وحتى على مستوى دعم الدولة و هذا الوضع غير صحيح وتصحيحه ينبغي ان يكون دون عوائق اجتماعية وحتى تعليمية، وعن طريق غير مباشر. وبالتالي فإن ذلك الضعف ينعكس بدوره على الأدب كون الفن في الحياة يتغذى بشكل كبير على المنتج الأدبي ويساعد على تدوير عجلة الإنتاج الإبداعي و تقديمه إلى جمهور أوسع. نوشك الآن أن نمر بالسنوات الأربع الأولى للتجربة الانتخابية للأندية الأدبية التي طالب بها المثقفون لكنهم في الغالب لن يفوزوا بها و يمكن بالمقارنة بين هذه التجربة مع ما قبلها أن نرى الفروق والمستجدات. يجب ألا يمس تكوين المجلس الأعلى للثقافة بتجربة الانتخابات في الأندية الأدبية رغم أنني ممن يترقب مخرجات سلبية في البداية من تلك التجربة، لكن من الخطأ كما اسلفت، ليس في النظام تحديداً و لكن في من يطبقه من المثقفين. لقد أثير في ما سبق الحديث عن اطر عدة تحتوي الأدباء و الفنانين فسمعنا عن اتحاد الكتاب ثم تم نسيان الأمر وسمعنا عن رابطة الكتاب السعوديين التي لم تكن أحسن من سابقتها، فهل سيكون مصير المجلس الأعلى بنفس الطريقة. ابرز ما يمكن استخلاصه من هذه الاطروحات المتعددة التي تظهر أحيانا وتغيب، أننا لدينا مشكلة ثقافية حقيقية لم يحن بعد التعامل معها بالشكل الصحيح. حسم المشاكل فيما يقول الروائي خالد الشيخ: اتمنى ان يكون هناك مجلس اعلى للثقافة لحسم المشاكل الثقافية العالقة والضائعة بين ادارات وادارت اخرى.. اتمنى ان يكون مجلسا حرا في الحركة والقرار وان يعمل بصدق ودون مصالح ذاتية وان يخدم الوطن والمثقفين من خلال دعمه المتواصل معنويا وماديا للمثقفين من خلال دعم الكتاب الذي بدأ يتراجع في زمن الانترنت.. اتمنى ان تقام الدورات والمحاضرات وتباع الكتب باسعار رخيصه وتكون هناك ترجمات للانتاج العالمي وان تشجع دور النشر وتدعم فنيا وماديا.. وان نستفيد من تجارب الدول السباقة مثل مصر والكويت والعراق وغيرها.. لابد من تطوير الوسائل ودعم ما هو حديث وان يتذكر القائمون على هذا الصرح انهم جاؤوا لخدمة جليلة وليس لخدمة مصالحهم الشخصية.. ولابد ان يرشح اعضاؤها بالانتخاب من المثقفين الذين يشهد لهم بالامانة والاخلاص. د. الغذامي: انتظروا تأسيس المجلس ثم قولوا: هل سيفعل شيئا..؟ يتحدث الناقد الدكتور عبدالله الغذامي عن مجلس أعلى للثقافة في المملكة والمطروح الآن في مجلس الشورى، قائلا : يلاحظ ان هذه الأمور صارت تأتي عندنا بعض مضي زمنها بكثير بمعنى لو ان شيئا كهذا عمل قبل خمسين سنة سيكون توقيتها صحيحاً بمعنى صحيح أي يطابق ظروفها، ففي تلك الأزمنة كانت الدول في العالم الثالث تسمى وزاراتها وزارة الارشاد والتوجيه المعنوي وكانت المؤسسة الرسمية هي الصوت الثقافي الوحيد فهي الناشر والمشتري والممول فكانت المجالس: الأعلى للثقافة، والمجلس الوطني للثقافة، ووزارة الثقافة، وهذا النوع من المسميات هو المتاح منذ زمن، وكأنه ما تغير في زماننا هذا شئ. إن الثقافات عبرت الحدود وعزفت عن الرسميات ولم تقتصر الحالة على ناد ينشر لك، ولا على مجلة تنشر أو لا تنشر ولا على سيد يهب العطاءات أو يمنعها، صار الانسان مثقفاً بطبيعته، وصار مالكا لوسائله وخارقاً لكل الحدود ومثال ذلك: وزارة الثقافة عندنا واسأل بدورك عما تفعل أو لا تفعل على المعنيين معاً فهي ليست تفعل لك شيئا، كما انها لن تمنعك من شيء. لقد قلت هذا قبل تأسيس الوزارة ونصحت المثقفين بألا يراهنوا عليها ولا يظنوا انها «الحل». نحن في زمن الإعلام البديل والوسائل ذات الصفتين الأولى: إنها مجانية، والثانية: ليس لأحد عليها سلطة وهذه هي الحقيقة. ويبقى بعد ذلك .. انشأوا مجلسا وطنيا للثقافة أو لم ينشئوه، فالامر سيان، وسيكون رهاني على المستقبل، وأقول: انتظروا تأسيس المجلس، ثم قولوا : هل سيفعل شيئا؟ جوابي من الآن: «لا» .. وللمستقبل أن يحكم.