طالب نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بالباحة السابق القاص جمعان الكرت وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة الشؤون الثقافية بتلافي أخطاء لائحة الأندية الأدبية التي أثارت الشكوك حول تجربة الانتخابات الأخيرة، مقترحًا على الوكالة أن تصمم «استبانة» عن العمليات الانتخابية التي أجرتها، والإجابة عن أسئلتها من قِبل المثقفين والمثقفات حول هذه اللائحة، مشيرًا إلى أن اللائحة الحالية أسهمت في الارتقاء بمَن لا يستحقون لمجالس الأندية، واصفًا تشكيلة مجالس الأندية الأدبية الجديدة ب»ركاب الحافلة»، مشيدًا كذلك بدخول المرأة لمجالس إدارات الأندية الأدبية، معتبرًا أن ذلك أمر طبيعي نظرًا لأن المرأة تمثل شريكًا أساسيًّا في الفعل الثقافي، مع ما لها من قدرات مشهودة في العمل الإداري، كذلك عاب الكرت على بعض المثقفين الجنوح نحو العصبية القبلية لبناء مجدهم، معتبرًا أن ذلك يعود إلى ضعف قدراتهم في الأساس.. وبرغم إشادة جمعان بالأندية الأدبية وما تقدمه، إلاَّ أنه يرى أن الزمن ما عاد يستوعب محدوديتها، مقترحًا على الوزارة تغييرها بالمراكز الثقافية تمشيًا مع عصر «الفيمتوثانية».. موقف الكرت من الدكتور الغذامي في توصيفه للمثقف بأنه «أسوأ أنواع البشر»، ورؤيته للأسابيع الثقافية، وتجربته في مجال القصة القصيرة، وغيرها من المحاور الأخرى طي هذا الحوار.. معالجة سريعة * انتخابات الأندية الأدبية كان الحدث الأبرز مؤخرًا.. فكيف تقرأ ما دار فيها.. وما رأيك حول تشكيلة المجالس المنتخبة؟ الانتخاب مشروع ثقافي وحضاري يحتاجه المجتمع لاختيار الأفضل، وسبق وأن شاركت منذ ما يزيد على ثلاثين عامًا في انتخابات الأندية الرياضية، وأذكر أن الجميع يخرجون وهم متراضون متصافون؛ لأنهم مقتنعون بإجراءات الانتخاب، ومثلها أيضًا الانتخابات البلدية. أمّا انتخابات الأندية الأدبية فقوبلت بالتشكيك من شريحة واسعة من المثقفين والمثقفات، لا أدري هل عدم ثقة، أو عدم قناعة في الأجهزة الإلكترونية، أم لأسباب أخرى لا أدركها؟ وكنتُ أتمنّى من وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، وهي المعنية بالدرجة الأولى أن تصمم استبانة عن العمليات الانتخابية التي أجرتها، والإجابة عن أسئلتها من قِبل المثقفين والمثقفات، إذ ليس من المعقول أن تبقى وزارة الثقافة والإعلام في عزلة، فمن الضرورة أن يمتد التواصل الحقيقي، فالرؤية المشتركة بين الوزارة والمثقفين والمثقفات مهمة جدًا لفعل ثقافي يتّسم بالشفافية والوضوح والصراحة. آمل من وزارة الثقافة أن تتلافي جميع الأخطاء الموجودة في اللائحة خصوصًا وأن سعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان صرح لأكثر من مرة بأن ثمة أخطاء في اللائحة، مما يستدعي سرعة المعالجة.. أما بخصوص تشكيلة المجالس المنتخبة، فأولًا أبارك للجميع وعلى مستوى جميع أندية المملكة هذه الثقة، إلا انني أرى أن اللائحة ساهمت في الارتقاء بمن لا يستحق، فالمشروع الثقافي الذي تعتزم الوزارة أن ترعاه يحتاج إلى كفاءات عالية جدًّا، قادرة على صناعة ثقافة حقيقية، والمدقق والمتفحص لبعض الأسماء التي صعدت ينتابه شيء من التوجس والقلق. أحد الأصدقاء يشبه عمل أعضاء مجلس الإدارة بالحافلة التي على متنها مجموعة من الركاب، هناك من يقود الحافلة وآخرون يهتمون بالعطب إن أصابها، والبعض فقط يتفرج من النافذة الزجاجية دون أن يكون له دور يذكر، لتسيير الحافلة متبعة مسار الحافلات الأخرى. تصفير العداد * وماذا عن بعض أعضاء المجلس السابق الذين دخلوا تشكيلة المجلس الحالي؟ هذا حق مشروع لهم بحسب بنود اللائحة، إلا إن ثقافة «تصفير العداد» ما زالت مترسخة في أذهان بعض الأعضاء، والذين يظنون أن بقاءهم مرهون بنجاح فعاليات وأنشطة النادي، ويبدو أن الوزارة صدقت هذا الوهم، وأظن أن الأربع سنوات كافية لأي عضو حتى لو كان رئيسًا لأمريكا. شريك أساسي * كيف تنظر لدخول المرأة عضوًا في مجالس الأندية؟ المرأة شريك ثقافي مهم جدًّا، وتظل مسيرة الثقافة عرجاء دون وجود المرأة، المرأة مثلما هي صانعة للأجيال أيضًا صانعة للثقافة، والشواهد أمامنا واضحة في نجاح عمل وإدارة المرأة في مواقع عدة، ومن بينها التعليم والصحة، ولم لا تتسلم المرأة رئاسة الأندية الأدبية، فهي قادرة على ذلك بما تملكه من وعي وثقافة وتخطيط وإدارة. خطيئة المثقفين * الدكتور عبدالله الغذامي يرى أن «المثقفين أسوأ عينة في البشر».. ما قولك؟ الدكتور عبدالله الغذامي عمّم على الجميع، وأظن أنه لو قال: البعض، أو فئة قليلة جدًّا لاتفقت معه. المثقفون والمثقفات ليسوا من السوء لهذا الحد الذي أطلقه دكتورنا الغذامي، وحول هذا الموضوع أثار وزير الثقافة الأردني الدكتور حيدر محمود قضية المثقف مع المثقف في ورقة طرحها في الفعاليات الثقافية لمهرجان الجنادرية والتي جاءت تحت عنوان «المثقف العربي والمتغيرات السياسية جدلية العلاقة بين السلطة والمثقف في الوطن العربي» يقول إن المثقف المسؤول يسعى لتهشيم زميله المثقف، وهذا القول عن رجل استلم مهام وزارة تعنى بالثقافة واكتشف بنفسه خطيئة المثقفين، والعداوة غير المبررة من بعضهم. إنجاز المبنى الجديد * غادرت مجلس إدارة أدبي الباحة الجديد.. فأي شيء تأمل أن يقوم به؟ أتمنى أن يسارع مجلس الإدارة في انجاز المبنى الذي اكتملت تصاميمه الهندسية خصوصًا وأن الوزارة خصصت مبلغًا ماليًا مجزيًا للمشروع. كما آمل من أصدقائي أعضاء المجلس أيضًا الاهتمام بالمبدعين والمبدعات في الجوانب الثقافية والأدبية بتخصيص مسابقات أدبية متنوعة وقيمة في منطقة الباحة، وكذلك عقد ورش عمل تدريبية في مجال الشعر والقصة والخطابة والمسرح، وأعتقد أن مساندة النادي لدعم وتشجيع موهبة جديدة أهم من استضافة أبرز ناقد أو شاعر عربي ليلقي الورقة أو القصيدة على مسامعنا ويذهب، من الممكن أن أقرأ نصًا شعريًا أو ورقة نقدية لذلك الشاعر أو الناقد من خلال «قوقل» فيما تظل الحاجة ماسة لتبني المواهب وإفساح الفضاء الإبداعي أمامهم، العمل المتوازن الذي يحقق خدمة الثقافة هو الأهم دون أن يطغى جانب على آخر نحن معنيون بخدمة المواهب الأدبية الواعدة. سر النجاح * أي مشروع ثقافي تمنيت استمراره في أروقة أدبي الباحة؟ ملتقى الرواية ومهرجان الشعر نشاطان جيدان قدمهما النادي الأدبي بالباحة للساحة الثقافية، بدلالة النتاج الثقافي المتمثل في الإصدارات الفكرية والنقدية، وأصدقك القول إن كتب الرواية تعد مراجع مهمة يمكن للدارسين الاستفادة منها في هذا المجال، خصوصًا طلاب الماجستير والدكتوراه، والسبب في نجاحهما أن كان العمل جماعيًا، فضلًا عن الدعم الذي جاء من بعض رجال الأعمال كالشيح الحمراني وبن زومة وبن شنان وحسن الزهراني وغيرهم، أتمنى الاستمرار في إقامتهما والانتقاء الجيد والمفيد، دون الإفراط في كثرة الأسماء، ودون البريق في كون الأسماء جاءت من هنا أو هناك، مع عدم إرهاق ميزانية النادي، كما أتمنى أن تشارك الجهات الأخرى وعلى رأسها الإدارة العليا في منطقة الباحة في توسيع هذين المنجزين اللذين يحسبان لأدبي الباحة، ودعوة رجال الأعمال للمساندة المالية الكاملة، ليصبح لمنطقة الباحة بعدان مهمان ومكملان لبعضهما، هما السياحة والثقافة. عنصر هدم * أشرت في مقال لك إلى أن الأسوأ أن تكون العصبية القبلية متغلغلة في الشأن الثقافي.. أما زلت على الموقف نفسه؟ نعم ما زالت تلك قناعتي، وهو قول أراه صحيحًا، فالعصبية القبلية لا تبني ثقافة بل هي تهدم الثقافة، ولا يخفى على أحد أننا نعيش في مجتمع تنامت ثقافته، وزاد وعيه، ومع الأسف الشديد ما زال البعض وهم قلة يعوضون ضعف كفاءتهم، ويبنون مجدهم من خلال القبيلة، والدلائل أمام ناظرينا، نشاهدها ونلمس وجودها، وأؤكد أن ليس من المقبول أبدًا قبول العصبية القبلية في أي شأن في أمور حياتنا، فكيف إذا كان هذا الشأن مرتبطا بالثقافة على اعتبار أن الثقافة هي المحرك لنهضة المجتمعات على مستوى جميع شعوب العالم. تجاوز الأقواس الصغيرة * من خلال عضويتك في مجلس الإدارة السابق.. هل نالت القصة اهتمامك باعتبارك قاصًا؟ أول خطوة كانت التخطيط لإصدار يعنى بالإبداع القصصي والدراسات النقدية المتعلقة بالقصة القصيرة، وبالفعل طرحت فكرة إصدار تحت عنوان «بروق»، على اعتبار أن القصة القصيرة إذا لم تكن متوهجة لامعة خاطفة للأبصار والألباب لا يمكن أن نطلق عليها قصة، ومن هنا تم اختيار العنوان ليتم إصدار ثلاثة أعداد احتوت على نتاجات قصصية متنوعة على مستوى القاص السعودي والخليجي والعربي والهدف من هذا التنوع إثراء المشهد الثقافي في مجالات القصة القصيرة، خصوصًا وأن القواسم مشتركة في بناء القصة القصيرة، أما الاختلاف فيكون في تنوع البيئات الجغرافية وفي المخزون الثقافي والاجتماعي لكل قاص، بالفعل جاءت الأعداد مضمخة بالجمال، محملة بالإبداع في فضاء القصة، ولم تغفل هيئة التحرير الدراسات الأكاديمية المتعمقة والمتعلقة في القصة القصيرة لتكون مكملة لحلقة الإبداع، ومن حسن الطالع أن مجلة بروق وصلت إلى آفاق واسعة، إلى عدد من الجامعات الشرق آسيوية والأوروبية والأمريكية وهذا يُعّول للمجلس السابق والى أعضاء هيئة التحرير الذي لم يحصر نفسه بين الأقواس الصغيرة خصوصًا وأن المجتمع العالمي يشهد طفرة تقنية مذهلة، حيث يمكن لأي فرد الوصول إلى أقاصي الدنيا من خلال وسائل الاتصال الحديثة، دون أن تكون هناك تكلفة مادية، أما الجانب الآخر الذي تم تنفيذه وهو إقامة ورشة تدريبية في بناء القصة القصيرة ومفهومها ومدارسها، شارك فيها القاص والناقد والروائي الدكتور محمد عبدالرحمن يونس،على اعتبار أن الورش التدريبية أحد أهم الأساليب لتنمية المواهب لجميع الأجناس الأدبية، وإذا كان هناك من عوامل سهلت صدور بروق وتنظيم الورشة فإن ذلك يعود لأعضاء مجلس الإدارة السابق خصوصًا رئيس النادي الحالي الأستاذ الشاعر حسن الزهراني، ورئيس النادي السابق الأستاذ والمثقف أحمد حامد المساعد. استبدال ضروري * دار جدل حول جدوى الأندية الأدبية.. فهل ترى عملها متوائمًا مع الفترة الراهنة؟ الأندية الأدبية حققت دورها الطليعي خلال الثلاثة عقود الماضية في إثراء المشهد الثقافي، إلا أننا نلحظ قلة عدد مرتاديها وهذا شيء طبيعي في ظل التنامي التقني والسيل المعلوماتي والتواصل الإعلامي وزمن «الفيمتوثانية» وهو الاكتشاف الزمني للدكتور أحمد زويل، والتغيرات السريعة على الساحة الدولية، كل ذلك يجعل من الضرورة بمكان إنشاء مراكز ثقافية بديلًا عن الأندية الأدبية، مع تطوير اللائحة التنظيمية بما يحقق أهداف هذه المراكز، خصوصًا أنها ستكون شاملة المجالات الثقافية والأدبية والفنية والترويحية لتستقطب شرائح متنوعة، وتوسع دائرتها لتحتوي أعدادًا أكبر. أتمنى من وزارة الثقافة والإعلام أن تبادر بإنشاء هذه المراكز.