أسقطت الثورة السورية الباسلة شعارات التضليل التي كان يطلقها نظام الأسد وحزب الله، فقد تحولت المقاومة من الجولان إلى المدن السورية وصوبا نيرانهما إلى السوريين في كل مكان من سوريا. وكشفت الثورة الوجه الطائفي البشع لنظام الأسد وحزب الله، اللذين يتحالفان الآن للقضاء على السوريين، بينما إسرائيل تتفرج على الكيفية التي يتفنن فيها مقاومو حزب الله بقتل السوريين. ويبدو أن النظام والحزب قد حشدا قواتهما يوم أمس لتدمير مدينة القصير والقضاء على سكانها، لتفعيل خطتهما البديلة التي تقضي، كما يبدو وكما يطرح المحللون، بتأسيس جيب طائفي في سوريا. وهي خطة إسرائيلية مبيتة لتقسيم سوريا وكل بلاد الشام على أسس طائفية وعرقية. وبعد أن كشفت الثورة السورية نظام الأسد وحزب الله وبدوا على حقيقتهما، ليس غريباً أن يتعاونا ويتكاتفا الآن لتحقيق أهم أهداف وخطط إسرائيل. إذ تبرع النظام والحزب، بتدمير سوريا أولاً وقتل شبابها وقواها الحية وزرعا الرعب في ربوعها، ودمرا اقتصادها، وهما الآن يتوجان جهودهما الشريرة بالعمل المضني والوحشي من أجل تقسيم سوريا، وتحقيق حلم إسرائيل التاريخي. وذلك يعني أن حزب الله ونظام الأسد كانا، في الواقع، حليفين طبيعيين لإسرائيل، ما دام أنهما يكنان نفس العداء ونفس الحقد التاريخي ونفس المخططات لسوريا وللأمة العربية، وما كان ضجيج النظام والحزب بشعارات المقاومة إلا غطاء للنوايا الحقيقية التي كانا يحرصان على إخفائها. وكان يمكن ان يستمر المخطط الشرير ويستولى على أكثر من سوريا ويرسخ قواعده في أكثر من جغرافيا عربية، لو لم تكشف الثورة السورية كل المخططات وتزيل الأقنعة ويضطر الحليفان للكشف عن حقيقتهما ومحاربة السوريين بوحشية وارتكاب الفظائع في بلاد الشام نيابة عن إسرائيل. ولا يهم إسرائيل عما إذا كان نظام الأسد وحزب الله ينسقان خططهما معها أو لا ينسقان، بقدر ما يهمها أن ما ينهضان به الآن هو أفضل خدمة حظيت بها إسرائيل منذ أن غرسها الاستعماريون في الأرض العربية. بل أن إسرائيل ما كانت تحلم بأن ينجز هذا العمل أمهر العملاء، فوجدت أن الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً بعداء إسرائيل ويتغنون بالمقاومة هم الذين يحققون حلمها الأغلى. وهذا يطرح مسألة جديدة كلياً في أدبيات العلاقات في المنطقة. هي أن إيران وكتائبها وميلشياتها وحلفاءها هم بالضرورة حلفاء لإسرائيل ما دام أنهم، بأنفسهم، ينجزون لإسرائيل ما لم تستطع إسرائيل تحقيقه بجنودها وأسلحتها، مثل غزو سوريا وإشاعة ثقافة التقسيم وإشعال نيران الطائفية في البلدان العربية.