بالرغم من تحقيق معظم الأسواق العربية و العالمية لمستويات قياسية لم تشهدها منذ عدة سنين إلا أن سوق الأسهم السعودية لم يواكب تلك الارتفاعات بل إنه واصل موجته التصحيحية التي بدأها منتصف الشهر الماضي و التي فقد خلالها حوالي 163 نقطة أي بنسبة 2.24 % , و قد كانت مؤشرات السيولة تدل على أن التصحيح قادم لا محالة كما بينت في التقارير الثلاثة الماضية و هو ما حدث في الأسبوع المنصرم , فقد تراجع المؤشر العام حوالي 60 نقطة أي بنسبة 0.8% و بسيولة تجاوزت 25.4 مليار ريال أي أكثر من الأسبوع الذي قبله بحوالي 600 مليون ريال , وهذا الارتفاع في السيولة يدل على مدى قوة الدعم الذي اصطدم به السوق وهو 7,090 نقطة و كيف تحوّل السوق يوم الأربعاء الماضي من تراجع بحوالي 54 نقطة إلى ارتفاع بثماني نقاط . وقد كان لإعلانات هيئة سوق المال التنظيمية بمثابة الخبر السلبي الذي دفع بالسوق للتراجع كما يعتقد كثير من المتداولين , لكن في الحقيقة أن القرارات كانت تنظيمية بحتة وكان الهدف منها الحد من التلاعب الذي كان يحصل من قبل بعض المتداولين والذي أضر كثيراً بأموال المساهمين لذا كان لزاماً على الهيئة وضع القوانين اللازمة للحد من تلك التلاعبات , أما بالنسبة للسوق فقد كان في وجهة نظري مهيأ من قبل للتراجع نظراً لكونه في موجة تصحيحية أصلاً وأن الذي حصل لم يعدو كونه استغلالاً لإعلان الهيئة و الدليل على ذلك تعويض السوق لجميع خسائره في جلسة واحدة فقط . أهم الأحداث العالمية من أهم أحداث الأسبوع الماضي هو استئناف أسعار الذهب للتراجع , فقط سجلت تداولات المعدن النفيس خسائر أسبوعية بنحو 91$ للأوقية أي بنسبة 6.2% , وهذه التراجعات هي استمرار للمسار الهابط الرئيسي لأسعار الذهب والذي بدأ منذ العام 2011م , لكن حسب تحليلي فإن المعدن الأصفر على وشك الدخول في موجة ارتدادية صاعدة قد يقلص خلالها الكثير من خسائره الكبيرة التي مُني بها والتي تُقدّر بحوالي 600$ من أعلى قمة وصل لها أي بنسبة 31% تقريباً , وقد تصل هذه الموجة الارتدادية الصاعدة حتى مستوى 1,507 – 1,620$ على التوالي . أما عند كسر دعم 1,321$ و البقاء أدنى منه فإن احتمالات الوصول لمناطق 1,200$ كبيرة جداً . في المقابل لازال أسعار خام وست تكساس تسير ضمن موجة أفقية منذ 14 شهراً وحتى الآن وذلك بسبب الصراع المحتدم بين دول منظمة أوبك المصدرة للنفط والتي تطمح أن يبقى النفط فوق مستوى 100$ للبرميل وبين الدول المستهلكة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول شرق آسيا والتي تضررت كثيراً جرّاء الارتفاعات الكبيرة في أسعار الذهب الأسود خلال الخمس سنوات الماضية مما تسبب في تباطؤ النمو في تلك الدول وكبّدها أعباء مالية كبيرة جرّاء التضخم الذي صاحب تلك الحقبة , وبالتالي هم لا يريدون العودة لتلك الفترة وما فيها من صعوبات عانى منها المواطنون و الدول على حدٍ سواء .وذلك النزاع يفسّر ضيق التذبذب الذي تعيشه أسعار النفط منذ أكثر من عام تقريباً بل ويزداد أسبوعاً بعد آخر , ففي الأسبوع المنصرم مثلاً كان تذبذب أسعار خام تكساس لا يتجاوز 3.68$ فقط خلال خمس جلسات كاملة . أهم الأحداث المحلية كانت إعلانات هيئة السوق المالية الأسبوع المنصرم هي محور حديث المتداولين , ففي حين نجد شريحة منهم يرون أن الإعلانات جاءت ارتجالية و متسرعة يرى آخرون أنها كانت متوازنة وفي صالح السوق , وفي نظري أرى أن القرارات تشكل سيراً في المسار الصحيح لخلق بيئة آمنة في أكبر سوق أسهم في المنطقة العربية من حيث القيمة السوقية وعائقاً أمام التلاعبات بالأوامر الوهمية التي أفقدت العديد من المستثمرين ثقتهم بالسوق والتي اهتزت أصلاً جرّاء انهيارات 2006م و 2008م . لكن الأمر الجديد الذي حصل هو أن الهيئة تريد أن تخلق ثقافة المشاركة في الاستفتاءات وصنع القرارات وذلك من خلال التصويت على مشاريع القرارات المطروحة للتصويت من قبل المستثمرين - وهو ما لم تقم به أي جهة حكومية مسبقاً - لكن السؤال: هل سيشارك الناس في قراءة هذه المشاريع و التصويت عليها ؟ أم سيكونون سلبيين كما هي الحال في الجمعيات العمومية للشركات و الذي لا يشاركون في قراراتها حتى من خلال موقع « تداولاتي « إلا القليل . التحليل الفني بالنظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام نجد أنه استطاع الدعم التاريخي الأول 7,090 نقطة من امتصاص قوة البيوع التي انهالت عليه خلال جلسات الأسبوع الماضي بفعل القرارات الاستراتيجية المؤثرة من قبل هيئة سوق المال والتي تُعدّ قرارات تنظيمية تدفع نحو محاصرة الأوامر التي تهدف إلى إيهام المتداولين بسلبية السهم أو إيجابيته , لذا من المتوقع أن يدخل المؤشر العام هذا الأسبوع في موجة صاعدة تستهدف مستويات 7,180 – 7,234 نقطة على التوالي وهذه الموجة ستدفع معظم القطاعات إلى تحقيق مكاسب جيدة هذا الأسبوع كما سنرى في تحليل القطاعات , لكن عند العودة مجدداً لدعم 7,090 نقطة فسوف لن يقاوم ضغوطات البيع و سيتم كسره ليتجه بعدها السوق نحو الدعم الثاني 6,930 نقطة , وما اتوقعه شخصياً أن الصعود المتوقع هذا الأسبوع هو صعود ارتدادي فقط بمعنى أنه صعود مؤقت قبل مواصلة الهبوط مجدداً و تتأكد هذه الفرضية عند الفشل في اختراق مقاومة 7,234 نقطة. أما على صعيد القطاعات فنجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد تمكن خلال الأسبوع المنصرم من اختراق مقاومة 5,900 نقطة والثبات أعلى منها لذا من المتوقع أن يواصل أداءه الإيجابي خلال هذا الأسبوع أيضاً والتأثير على المؤشر العام بشكل إيجابي وتتأكد هذه النظرة الإيجابية عند التمكن من اختراق منطقة 6,000 نقطة . أما عند التراجع دون دعم 5,900 نقطة فذلك سيشكل ضغطاً على أداء السوق وقد يكون الضغط أكبر عند كسر دعم 5,800 نقطة . في المقابل نجد أن قطاع المصارف شكل الضاغط الرئيسي على السوق خلال الأسبوع الماضي و ذلك بفعل التراجع الجماعي لجميع شركات هذا القطاع بلا استثناء , وقد يواصل القطاع تراجعاته خلال هذا الأسبوع أيضاً خاصةً عند كسر دعم 14,900 نقطة , وتبقى الإيجابية مرهونة باختراق مقاومة 15,300 نقطة والتي شكلت عقبة أمام هذا القطاع القيادي على مدى شهر كامل . أما من حيث القطاعات المتوقع إيجابيتها هذا الأسبوع فهي قطاع الاسمنت و التجزئة و الزراعة و الاتصالات و التأمين و الاستثمار الصناعي و الاستثمار المتعدد و التشييد و البناء و التطوير العقاري و النقل و الاعلام . في المقابل نجد أن قائمة القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها سلبياً اقتصرت هذا الأسبوع على قطاع الطاقة فقط. محلل أسواق مالية Tweeter: @DAM_UNITED