للتو انتهى مؤتمر «يوروموني» وقد غدا مؤتمراً سنوياً رسمياً، يستعرض فيه المسئولون من وزراء ورؤساء هيئات وخصوصاً تلك المتصلة بالاقتصاد والأعمال والمال والاسكان رؤاهم، والتي تتسم بالايجابية والتفاؤل..هذا فيما تنقله صحفنا المحلية، والصورة تختلف فيما تقوله الصحف العالمية وخصوصاً تلك ذات الوزن؛ خذ مثلاً ما نقلته الوسائل المحلية من تصريحات مفادها أن «كلش زين» وبين ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز عن الاعانات الحكومية وتأفف بعض الرسميين من تضخمها! مؤتمر «يوروموني» فرصة غالية، وشخصياً أتحين انعقاد المؤتمر لأرصد ما يدور في خلد المسئولين لدينا، فمنهم من لا ينبس ببنت شفة إلا في هذا المؤتمر، أو إذا ساقته الأقدار لمؤتمر في الخارج فنسمع من هناك ما سيحدث هنا! فبالأمس مثلاً أميط اللثام عن مقدار النمو المتوقع لناتجنا المحلي الإجمالي للعام الحالي، وكان ذلك على هامش مؤتمر «يوروموني». المعلومة متاحة من المصادر الدولية كصندوق الدولي، أما من مصادر محلية فقد توفرت فقط بالأمس فكانت من بواكير «مقناص» يوروموني! لكن بعض ما يفصح عنه بعض المسئولين عند مشاركتهم في مؤتمر «يوروموني» يتجاوز اعلانا عن بيانات، بل تناول سياسات ارتكازية. أعود لموضوع الدعم الحكومي لأقول إن الدعم العام هو أشبه بطلقات «شوزن» لعلها تصيب أحداً، ولذا فهي منهجية ليست مقبولة عموماً والسبب أنها تشمل المحتاج والغني، وبالقطع هناك أساليب لجعل الدعم مقنناً ليستهدف من هو بحاجة له من المواطنين، لكن توجها من هذا النوع بحاجة لبيانات اجتماعية دقيقة، فهل قاعدة بيانات المستفيدين من الضمان الاجتماعي تمثل المحتاجين للدعم؟ أو أنها تمثل شطراً ممن يستحق الدعم؟ في السنين «السمان» يصعب الحديث عن تقنين الدعم، فمن الأنسب الحديث عن تحسين مستوى دخل الفرد والارتقاء بمستوى معيشته. ومن الأبواب الرئيسية لتحسين مستوى معيشة المواطن تفعيل الانفاق التنموي الذي سيؤدي -في حال انجاز مشاريعه دون تعثر أو تأخير- لتوفير وقت المواطن وماله، ولعل هذا أهم دعم على الاطلاق؛ فمثلاً: عندما تصبح المدارس الحكومية هي الخيار الأعلى جودة فلن تلجأ الكثير من الأسر إلى إرسال أبنائها وبناتها للمدارس الخاصة وتكبد عشرات الآلاف من الريالات من الأقساط المدرسية سنوياً، وعندما تتزين مدنناً بنظام للنقل العام فلن تضطر كل أسرة لاقتناء عدد من السيارات واستقدام سائقين لضمان تنقل أفرادها وبذلك توفر عشرات الآلاف تنفق حالياً لشراء السيارات والتأمين عليها وصيانتها وتشغيلها وتوفر الحكومة ملايين البراميل من النفط الذي يحرق وقوداً لتلك السيارات بعيداً عن الكفاءة. وهكذا وبكل بساطة سنجد أن ما ينجز من مشاريع حكومية سيؤدي في نهاية المطاف لتقديم خدمات ينتج عنها توفير مال المواطن ووقته بصورة مباشرة. بمعنى أن جزءاً مهماً مما يخصص للدعم حالياً هو نتيجة (أو لنقل تعويضاً) لنقص الخدمات أو لتدني جودتها النوعية. وهكذا فإن الحل العملي للخروج من تعاظم فاتورة الدعم التعجيل بإنجاز المشاريع التنموية فالمشروع لا يتحقق بمجرد الاعلان عنه. توتير: @ihsanbuhulaiga