في كرة القدم -وتحديداً في الجانب الفني- يسعى كل رئيس نادٍ إلى تدعيم صفوف فريقه حسب وضعه المادي وخططه المتوقع تنفيذها خلال الموسم، فإن كان يهدف للمنافسة على البطولات سيكون الثمن باهظاً جداً، وإن كان الهدف المنافسة على المراكز المتقدمة في سلم الترتيب سيكون الثمن ربما أقل قليلاً، وإن كان الهدف البقاء في المنطقة الدافئة بالتأكيد ستكون الميزانية أقل بكثير؛ لهذا لن تجد رئيس نادٍ من المفروض أنه يتعامل وفق احترافية واضحة يجازف بمداخيل النادي المالية -حتى لو كانت من ماله الخاص- في صفقة شراء عقد لاعب وهو (لا) يحتاجه؛ لأن الفكر الاحترافي أصبح الآن أكثر نضوجاً من السابق لأسباب كثيرة؛ لعل من أهمها وأبرزها الجوانب المالية للأندية السعودية، إذ ليس من المعقول ولا المقبول أن يدخل نادٍ منافس على نادٍ آخر في صفقة لاعب معيَّن وهو لا يحتاجه فنياً، ففي هذا هدر مالي واضح، وخصوصاً أن أكثر الأندية الآن تعاني من ضائقات مالية مستمرة طوال الموسم تتمثل في تأخير الرواتب والمكافآت الخاصة باللاعبين، فبعض الأندية الآن بلغت متأخراتها من الرواتب إلى ستة أشهر، إذن المنطق والعقل يفرضان التوجه للمصلحة العامة للفريق. ما أثار هذا الحديث في خَلَدِي هو الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن انتقال (يحيى الشهري) نجم الاتفاق والعروض المقدمة له ورغبته في ترك فريقه والانتقال لنادٍ آخر يساعده على تطوير مستواه الفني وتكون الفرصة معه لتحقيق البطولات واردة أكثر من فريقه السابق، وهذا حق مشروع للاعب فهذا زمن الاحتراف ويحق لكل طرف من الأطراف البحث عن مصالحه. أعود للعروض المقدمة لهذا اللاعب الواعد حسب ما أشيع في الفترة الأخيرة، وسأتعاطى مع الخبر على أنه صحيح، خصوصاً إذا ما عرفنا أن وكيل اللاعب نفسه صرّح بأن اللاعب ليس له نية البقاء في الفريق الاتفاقي، من هذا المنطلق يمكن لنا تحليل العروض المتداولة للاعب من بعض الأندية وهي النصر والاتحاد والهلال، وهذه الأندية هي من تطلب ود اللاعب وترغب التوقيع معه في الفترة القادمة، لكن السؤال المهم هنا والبعيد عن القيمة الفنية للاعب التي يتفق عليها الجميع هو: مَن (مِن) الأندية السابقة يحتاج اللاعب..؟ وعند التوقيع معه تكون الفكرة مبنية على حاجة الفريق وليس أيّ شيءٍ آخر..!بتحليل الأمر ودراسته بشكل فني رغم حرصي دائماً على عدم الدخول في الجوانب الفنية إلا أن هذا الأمر بالتحديد واضح ولا يحتاج لمتخصصين فنيين، فالهلال يملك ترسانة من النجوم الواعدين وأصحاب الخبرة خصوصاً في خانة صناعة اللعب، أمثال: نواف العابد وسالم الدوسري وعبدالعزيز الدوسري ومحمد الشلهوب، وجميعهم يؤدون نفس أدوار (يحيى الشهري) داخل الملعب؛ إذاً وجوده في الخريطة الهلالية سيكون على حساب قتل موهبته أو موهبة أحد الأسماء السابقة، وقد يكلّف خزينة النادي مبلغاً إضافياً يصرف في غير محلّه، هذا ما يخص الهلال وانتفاء الحاجة من التعاقد مع (يحيى الشهري). أمّا الاتحاد النادي الكبير والعريق الذي يعاني هذا الموسم فنياً وإدارياً ويغرق في الديون ولديه مشكلات مالية في كل الاتجاهات داخلياً وخارجياً فقد تعاقد مع بداية الفترة الشتوية لهذا الموسم مع أحمد الفريدي، ويعتبر الفريدي من أهم صناع اللعب على المستوى المحلي، وقد كلّف خزينة الاتحاد مبلغاً كبيراً ربما يتجاوز 35 مليوناً، ولا أعتقد أن الاتحاد فنيّاً يحتاج (ليحيى الشهري) في ظل وجود نجم كبير كالفريدي، وفي نفس الوقت لا أعتقد أن المسؤولين عن الفريق الاتحادي -وهم الذين يعانون من الأزمة المالية- يعملون على زيادة العبء المالي للنادي.بقي آخر طرف من أطراف الصفقة المترقبة لأحد هذه الأندية الكبيرة، وهو الفريق النصراوي الذي في تصوّري -ويتفق معي ربما أغلب المحلّلين والنقاد الرياضيين- النادي الوحيد من بين الأندية التي تنوي الدخول في شراء عقد (يحيى الشهري) الذي يحتاج هذا اللاعب، فالنصر منذ زمن يعاني من غياب صانع اللعب المميز، الذي يساهم في صناعة النتائج الإيجابية للفريق، الجميع مدرك أن النصر يفتقد لمجهودات نجم يغطي النقص الواضح في هذه الخانة، فلم ينجح النصر من بعد النجم البوليفي (خوليو سيزار) في جلب صانع لعب مميز يفيد الفريق على مدار السنوات الماضية.هذا ما يخص الأندية السابق ذكرها وحاجتها الفنية للاعب بمستوى (يحيى الشهري)، أمّا ما يخص اللاعب نفسه ودور وكيل أعماله فيجب أن يكون توجههم مبنياً في الاختيار على عوامل مهمة بجانب العرض المالي، ويبرز من أهمها مدى حاجة الفريق الذي سينتقل له اللاعب، ومدى إمكانية مشاركته كأساسي في الفريق، ومن ثم رغبة اللاعب إذا تساوت كل المميزات. (يحيى الشهري) نجم واعد وينتظره مستقبل كبير، وهو مفيد جداً للفريق الذي (يحتاجه)، وقد يخسر نجوميته لو كان اختياره غير مدروس، لهذا أنا أُصرّ على أن تتفهم الأندية فكرة استقطاب النجم المتاح وفق الحاجة الفنية، فهذا الأمر من مسلمات الاحتراف الحقيقي. ودمتم بخير،،