أظهرت بيانات أصدرها البنك المركزي الأوروبي أن حالة الإقراض في منطقة اليورو تدهورت في مارس الماضي، فيما اتسعت الفجوة الاقتصادية التي تفصل بين ألمانيا والدول المدينة المتعثرة في المنطقة، وأشارت بيانات البنك الأوروبي إلى أن معدل إقراض الشركات في منطقة اليورو استقر على أساس شهري في مارس بعد ارتفاعه بمقدار أربعة مليارات يورو (5.2 مليار دولار) في فبراير، بينما انخفض اقتراض الشركات بمقدار 1.3% مقارنة بعام مضى، وتتزايد التوقعات بشأن عزم البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، نظرا لتعثر التعافي الاقتصادي والمعارضة المتزايدة التي تلقاها جهود التقشف الحكومية، وعلى صعيد منفصل، قال البنك المركزي الأوروبي الجمعة : إن الشركات الصغيرة في اليونان واجهت رفضا واسع النطاق عند تقدمها بطلبات للحصول على قروض، بينما لاقت طلبات الشركات في ألمانيا قبولا واسعا خلال الأشهر الستة المنتهية في مارس، وعبر البنك مرارا عن قلقه إزاء ضعف الإقراض، ويدرس سبل تخفيف قيود التمويل التي تواجهها الشركات الصغيرة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي، وأظهرت الدراسة أن 25% فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة اليونانية التي تقدمت بطلب للحصول على قرض لاقت موافقة تامة، بينما جرت الموافقة على أكثر من 80 % من الطلبات الألمانية، أجري المسح الخاص بالإقراض في الفترة ما بين 18 فبراير و21 مارس، وشمل 7510 شركات في منطقة اليورو. على جانب آخر قال أولي رين مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية الأوروبية: إن الاتحاد الأوروبي يستطيع تحمل وتيرة أبطأ من التقشف الاقتصادي، رغم تأكيده على حاجة الدول الأعضاء على مواصلة ضغط الإنفاق العام، وأضاف رين أمام لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في البرلمان الأوروبي إن جهود خفض عجز الميزانية خلال العام الحالي ستؤدي إلى خفض العجز بمقدار 0,75% من إجمالي الناتج المحلي، وهو نصف الخفض الذي تحقق العام الماضي البالغ 1,5% من إجمالي الناتج المحلي، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة خفضت عجزها بمقدار 1,75% من إجمالي الناتج المحلي العام الحالي، وأوضح إنه من الممكن تباطؤ وتيرة التقشف في الاتحاد الأوروبي، بفضل الخطوات التي تم اتخاذها لضبط أوضاع المالية العامة، وتعهد البنك المركزي الأوروبي بالعمل على استقرار الأسواق المالية، وإصلاح قواعد حوكمة الاقتصاد الأوروبي، وأضاف “لدينا الآن مساحة للحركة لوضع السياسة المالية في ضوء رؤية متوسطة المدى”، يأتي ذلك فيما حمل العديد من أعضاء البرلمان الإجراءات التقشفية مسؤولية تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدل البطالة، وردت إليسا فيريرا عضو البرلمان الأوروبي من البرتغال على رين بقولها : “كفى تقشفا”، إلا أن رين دافع عن الشروط المرتبطة باتفاق قروض الإنقاذ المالي مع البرتغال، لمساعدتها على تفادي “الإفلاس العشوائي”، وشدد على ضرورة أن تتبنى الحكومة سياسة ضغط الإنفاق، بما لا يضر بالنمو والعدالة الاجتماعية، واعترف رين بأن الإصلاحات الاقتصادية كانت صعبة للغاية على المواطنين في الكثير من الدول التي واجهت صعوبات اقتصادية خطيرة. في المقابل، شكك مسؤول رفيع المستوى بالبنك المركزي الأوروبي في جدوى أي خفض جديد لسعر الفائدة في منطقة اليورو، وقال يورج أسموسين عضو المجلس التنفيذي للبنك في مؤتمر بلندن: إن السياسة النقدية ليست العلاج المناسب لكل أنواع الأمراض الاقتصادية، وإنه نظراً لضعف انتقال السياسة النقدية فإن انتقال تخفيضات أسعار الفائدة إلى الهوامش يظل محدودا رغم أن الحاجة إليها هناك أكبر. من جانب ثان، حذر صندوق النقد الدولي أوروبا من السقوط في فخ الكساد، إذا لم تتحرك الآن لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي، وقال ديفيد ليبتون المسؤول في صندوق النقد الدولي: هناك حالة من الإرهاق من الإصلاحات، في حين قال فيتور كونستانسيو نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي في حديث له ببروكسل : “هذا ليس وقت إجهاض الجهود التي يتم بذلها”، وأضاف إن الهدف النهائي هو التأكيد للأسواق على أن الدول تستطيع حقيقة ضمان استقرار مالي مستدام على المديين المتوسط والطويل، ودعا فيتور كونستانسيو نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، دول “منطقة اليورو” إلى مواصلة إجراءات التقشف المالي، في ظل تزايد النقاش حول ما إذا كان يجب التخفيف من حدة إجراءات التقشف، وألمح إلى احتمال إقدام البنك على خفض الفائدة وهو ما يعزز تصريحات سابقة لمحافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي التي قال فيها : “نحن مستعدون للعمل إذا ظلت الظروف الاقتصادية تحمل أنباء سيئة”.