تتصاعد الأحداث في العراق دراماتيكياً، وتشكل خطراً بالغاً، إذا ما استمر رئيس الوزراء نوري المالكي بتنفيذ سياساته العدوانية ضد العراق وعروبته. وقد كسر العراقيون العرب حاجز الخوف، والمجاملات، وبدأوا بالتصدي لهجمة قوات المالكي العدوانية، وتحركوا للدفاع عن كرامتهم. والغريب أن المالكي يحذر من اشتعال الفتنة بين العراقيين، وينصح بأن «لا أحد سوف يربح». وهذه حقيقة يتعين أن يعيها المالكي نفسه، لأنه، بتحريض من طهران وخبرائها وأذرعتها، ما فتئ، منذ أن تولى السلطة، وهو يثير الفتن ويوقد النيران في أنحاء العراق، وينفذ سياسات اقصائية مهينة للعراقيين العرب، بل ومارس كل أنواع الاضطهادات، وفتح السجون للوطنيين العراقيين، ورمى فيها الآلاف بلا محاكمة ولا ذنب ولا جريمة، سوى أنهم معارضون للاحتلال الإيراني وممارسات طهران المذلة للعراقيين وعروبتهم، والمنتهكة للسيادة الوطنية. وقد حذر وطنيون عراقيون المالكي من عواقب سياساته القمعية الطائفية العرقية، ومن رهن إرادة الدولة العراقية لإرادة طهران، والخطورة على سلام العراق واستقراره. ولكن المالكي كان يرد باستخفاف ويستصغر غضبة العراقيين، ويستخف بذكائهم وشجاعتهم. وحتى بعد أن شكل الوطنيون العراقيون العرب اعتصامات احتجاجية، لم يأبه بهم المالكي، بل أنه بدلاً من الدعوة لحوار وطني وتقديم نية صادقة على إجراء إصلاحات والبرهان على ولائه للعراق والعراقيين، فإنه ارتمى أكثر في أحضان طهران واتبع نصائحها ونفذ رغباتها، بتجاهل الاعتصامات، بل وتسليط قواته العسكرية على العراقيين، واستمر في إطلاق التهم وتلفيق الجرائم. وتمادى بأن أمر قواته الطائفية العنصرية، بمداهمة الاعتصامات وتنفيذ مذابح، ولكنه تفاجأ بأن العراقيين العرب وعشائرهم قد نفد صبرهم وواجهوا قواته بشجاعة وبما تمليه واجبات الدفاع عن الكرامة والأعراض. وبعد أن أوصل العراقيين إلى كسر الحواجز والمواجهات الدموية، يدعو المالكي إلى حوار وطني، وهو الذي رفض الحوار وتجاهل العراقيين واستخف بعروبتهم. ولا يبدو أن المالكي صادق في دعوته، وإنما هو تكتيك إيراني، تود فيه طهران امتصاص غضب العرب في العراق (سنة وشيعة)، لأنها تخشى من إشعال مواجهات حربية في العراق فيما هي وميلشياتها مشغولة بالانخراط في حرب لمناصرة نظام بشار الأسد في سوريا. وفتح جبهة في العراق يضعف الموقف العسكري الإيراني. وربما يؤدي إلى فشل في العراق وفي سوريا. ويبدو أن الحل الحقيقي الوحيد في العراق ينحصر في المصالحة الوطنية، ومنع إيران وميلشياتها ورجالها من التدخل في الشأن العراقي. وإجراء تعداد سكاني، تحت إشراف دولي وعربي، يبين الأعداد الحقيقية للطوائف والاعراق العراقية. وكتابة دستور جديد، يؤكد عروبة العراق، ولا يقصي أحداً، ويضمن العدالة لجميع العراقيين، وكتابة قوانين جديدة لا تخضع لرغبات طهران ولا لنفوذ رجالها ولا سفيرها.