هدرٌ للأموال وتسبّبٌ في نشوب الحرائق وإتلافُ الممتلكات، هذا هو واقع الأجهزة الكهربائية المقلّدة والمنتشرة في أسواق المملكة بشكل كبير، ولا زالت تنتشر بشكل كبير في ظل الصمت المُطبِق من قِبل الجهات ذات العلاقة رغم تحذيرات مديريّةِ الدفاع المدني من خطورتها نظرًا لرداءة تلك الأجهزة والأدوات الكهربائية التي كانت سبباً رئيساً في العديد من حوادث الحريق الذي تتعرض لها المنازل وبعض الأجهزة الحكومية وأخطرها انتشار حرائق المدارس التي أصبحت ظاهرة موسمية أشبه بموسم احتراق الغابات في فصل الصيف السعر المُبهر ويقول المواطن فهد السعيد: إن الأجهزة الكهربائية المقلّدة أغرقت الأسواق وأصبحت هي السواد الأعظم في السوق نظرًا لرخص أسعارها، ومن الملاحظ أن هذه البضائع المقلدة يغلب عليها السعر المُبهِر الذي من خلاله يتم اصطياد المشتري لتلميع الأجهزة الكهربائية المقلّدة والتي هي قريبة الشكل من الأجهزة الأصلية ، وممّا لاحظت أن تلك أجهزة التسخين المقلدة تكون جودة الحرارة فيها ليست على ما يُرام، وتظهر من خلالها رائحةٌ أشبهُ برائحة الالتماس الكهربائي مما قد يؤدي إلى الخوف من حدوث حرائق مستقبلاً لا سمح الله، ويضطر المستهلك إلى العودة لشراء الأجهزة الاصلية لكي يدوم عنده ويعيش لسنوات عدة ويستطيع ان يحصل على قطع الغيار الأصلية لها مثل آلات التسخين والبخار. ويضيف السعيد قائلاً: لدينا في الأسواق بضائعُ متفاوتة الجودة ،تشمل الأدوات الكهربائية والأدوات الصحية في منها كذلك النوع الرديء والنوع الجيد، وهناك علامات لمعرفة تلك الأنواع مثل تغيّر اللون في المقلّد وتقليد العلامة الأصلية بتغيير بعض الأحرف أو تشابه العلامة التجارية، وجميعها متوفِّرة في المحلات التجارية المتواضعة، بينما النوع الأصلي محتفظًا بجودته. وذكر السعيد إلى أن المشكلة ليست في الأجهزة الكهربائية فقط، بل أن قطع الغيار المغشوشة انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، وكذلك في أجهزة شاحن الجوال المنتشرة في محلات الأجهزة الالكترونية والتي تسبّبت في نشوب الحرائق في المنازل والمنشآت، وكل ذلك في ظِلِّ غياب مراقبي وزارة التجارة الذين لم نرَ لهم أثراً داخل الأسواق.
خطورة وقالت المواطنة سارة الألمعي: «من وجهة نظري أن الأجهزة الكهربائية المقلدة وبالٌ على المجتمع من ناحية خطورتها، ومن ناحية الاستنزاف المادي الذي لا تقل أسعارها كثيرًا عن أسعار الأجهزة الأصلية في الوكالات ،ومع ذلك فهي أقل جودة، وأنا أركِّز على خطورة تلك الأجهزة، فكم من أسرة فقدت أحد أفرادها وراحوا ضحيةً للحرائق بسبب التوصيلات والأفياش المقلّدة!! ومن المستغرب أن معظم المباني الحكومية كالمدارس تتعامل مع هذه الأجهزة رديئة الصنع, فمن خلال عملي كمعلمة اعتمد في الشرح على جهاز البروجكتر لتوضيح عرض المادة ومعظم التوصيلات في المدرسة شبه تالفةٍ أو أنها تتسبب في تلف الأجهزة ممّا يُعطِّل سير الدرس». مستوى جودة السِّلع في الأسواق السعودية انخفض بشكل حاد، ولم يترتب على ذلك انخفاض في الأسعار، بل في معظم الحالات يتم تمرير الزيادة في الأسعار عن طريق خفض مستوى الجودة أو التلاعب بالكميات. وتابعت قائلة: للأسف إنه لا يوجد جهة فعَّالة ونشطة لحماية المستهلك وحفظ حق المواطن ،ممّا زاد الأمر سوءً أن المستهلك جاهلٌ بمواصفات الجودة، فلابد من وجود رقابة عالية وجِهةٍ نافذةٍ لحماية المستهلك وتصنيف من وزارة التجارة للمنتجات وعرض مواصفات ومميزات كلّ منتج وبعدها يكون الخيار للمستهلك. ومن المواقف المؤلمة بسبب الأجهزة الكهربائية المقلدة قالت: في أحد الأيام من صيف العام الماضي وفي وقت متأخر من الليل حدث في منزل اختي حدثٌ، وذلك عندما ذهبت للنوم وتركت أولادها يلعبون في غرفتهم على جهاز الألعاب الإلكترونية وهم ثلاثة أولاد تتراوح أعمارهم مابين سبعة إلى إثني عشرة عاما وعلى وقت معيّن استسلموا (الأطفال) للنوم وبعد ذلك بفترة بسيطة استيقظت أختي على صوت فرقعة عالية تبيّن أنها أصوات اسلاك التوصيلة الكهربائية، بعد ذلك اشتعلت النيران على أرفف المكتبة المصنوعة من الخشب وكانت النتيجة إصابة أولادها بحروق خفيفة ولولا لطف الله لكانت كارثة، وتضيف سارة إلى أن انتشار البضائع المقلّدة وتوفّرها في الأسواق وطغيان تواجدها على الأجهزة ذات الجودة العالية ومواد البناء الجيدة ،يجبر المواطن على شراء الأجهزة والمواد رديئة الصنع وهو غيرُ جاهلٍ بها ،ولكن لم يجد ما يبحث ،وذلك بسبب سياسة الاحتكار في أسواقنا ، والمواطن لا يشعر بالثقة وهو يجتال الأسواق وهو يعلم أن مصلحته آخر ما تفكر فيه وزارة التجارة والوكلاء الكبار.
الضمان التجاري ويقول صادق أحمد وهو بائع في إحدى محلات الأجهزة الكهربائية: دائما المستهلك يبحث عن السعر الأرخص بالطبع له الخيار دائما لكن نحن نقوم بدور التوعية ونطرح عليه المنتج الأصلي وهو صاحب القرار في شراء أي نوع من السلع إمّا الجيد أو الرديء ،ولكن لابد أن يكون للأجهزة الرقابية الدور الأكبر لمساعدة المستهلك وعدم تركه هكذا دون أن يعلم باستخدام الاجهزة خاصة الكهربائية لخطورتها في التعامل المنزلي، وبالذات الموصِّلات لابد أن تكون من النوع الجيد تجنُّباً للمشاكل بعد ذلك فضلاً عن الخسائر المادية التي يتكبدها المستهلك. وقال أيضًا: نحن نعرض البضائع لدى المستهلك وجميع البضائع دخلت من المنافذ الرسمية للمملكة ،وإذا كان هناك محاسبة فالجهة المسؤولة في السماح بدخول مثل هذه البضائع الكهربائية المقلدة هي من يستحق المحاسبة والتعويض عن الخسائر والتلفيات والحرائق الناتجة من هذه الأجهزة المقلدة. ويضيف أحمد: يوجد في الأسواق بضائع كهربائية تتبناها مراكز شهيرة وتعطي المشتري ضمانات خاصة بالمركز وليس لها علاقة بضمانات الوكيل الرسمي، وهذه البضائع في الأساس هي بضائع مقلدة للبضائع الأصلية لكنها أخذت طابع الأجهزة الأصلية تحت مظلة المراكز التجارية الكبرى.
العقيد علي القحطاني «مدني الشرقية» يحذر من «الرديئة» والتقادم الزمني للأجهزة الكهربائية قال الناطق الإعلامي بمديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية العقيد علي بن سعد القحطاني: إن «كثيرا من الحوادث التي تحدث حاليًا نتيجة الأجهزة الكهربائية المقلدة، لأن بعضها لا تتحمل الأحمال الكهربائية التي تتحملها الأجهزة الكهربائية الأصلية ذات العلامات التجارية العالمية المعروفة، فمع مرور الزمن والتقادم الزمني لمثل هذه الأجهزة (انتهاء العمر الافتراضي) يؤدي إلى تسخين الدوائر الكهربائية وبالتالي حدوث التماس ممّا ينتج عنها الحرائق». وأضاف القحطاني: «للأسف أن بعض المقاولين الذين يغلب على أعملهم الطابع التجاري والخدمات الرديئة يستخدمون هذه الأجهزة نظراً لرخص ثمنها ومحدودية أعمارها ممّا تسبّب خطورة عالية على الأُسر والممتلكات، ولو أن وزارة التجارة منعت دخول هذه الأجهزة مثل أجهزة التدفئة ذات الأسطح الساخنة والتوصيلات الكهربائية متعددة المآخذ لأصبحت نسبة حوادث الحرائق ضئيلة». وحذّر القحطاني جميع المواطنين التأكد من جودة الأجهزة الكهربائية وعدم الانسياق خلف البضائع ذات الأسعار الرخيصة والتي هي في الأساس قنابل موقوتة، لأنّ كلّ ما رخص ثمنه زادت خطورته، فلا بد من اقتناء الأجهزة ذات الماركات العالمية المضمونة والمعروفة بسلامة انتاجها». وعن الجهود التي تبذلها مديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية ولا تزال قال: «تحرص مديرية الدفاع المدني على إقامة البرامج والدورات في المدارس لنشر ثقافة الوعي لدى المواطن، ولمعرفة منشآت البلد المصنِّع، وتحذير المواطنين من بعض الأجهزة التي تغلب عليها الخطورة والغش التجاري مثل أجهزة التدفئة والتوصيلات المقلدة ومراوح شفط الهواء الكهربائية ذات الجودة المتدنية لأن جميع تلك الأجهزة تؤدي إلى الحرائق».
فادي العجاجي العجاجي: امتد التلاعب في جودة السلع إلى التعليم والصحة قال المستشار الاقتصادي فادي بن عبدالله العجاجي: إن مستوى جودة السلع في الأسواق السعودية انخفض بشكل حاد، ولم يترتب على ذلك انخفاض في الأسعار، بل في معظم الحالات يتم تمرير الزيادة في الأسعار عن طريق خفض مستوى الجودة أو التلاعب بالكميات. وامتد التلاعب في مستوى الجودة ليطال العديد من الخدمات أبرزها خدمة التعليم والصحة. مؤكداً أن المجتمع يدفع تكاليف باهظة نتيجة انخفاض مستوى جودة السلع والخدمات لاسيما في السلع الرديئة, مضيفاً بقوله «انخفاض سعر السلعة لا يعني بالضرورة انخفاض تكاليفها، بل قد تنطوي على تكاليف باهظة تضر بالصحة العامة أو تتسبب في كوارث تؤدي إلى الوفاة مثل حوادث السير الناجمة عن قطع الغيار سيئة الصنع، وحوادث الحريق بسبب رداءة الأجهزة والأدوات الكهربائية التي كانت سبباً رئيساً في العديد من حوادث الحريق الذي تتعرض لها المنازل وبعض الأجهزة الحكومية وأخطرها انتشار حرائق المدارس التي أصبحت ظاهرة موسمية أشبه بموسم احتراق الغابات في فصل الصيف». وعن المتسبب في انتشار السلع الرديئة، ذكر العجاجي أن أحد كبار مسئولي وزارة التجارة قال لوزير التجارة الصيني «لقد أغرقت الصين أسواقنا بالسلع الرديئة», فأجاب الوزير «الصين لم تغرق أسواقكم بالسلع الرديئة بل كبار الموردين السعوديين هم الذين أغرقوها». وشدد العجاجي على أهمية الدور الذي تقوم به هيئة المواصفات والمقاييس وضرورة تزويدها بالموارد المالية والكوادر البشرية الكافية للقيام بدورها للحد من تدفق السلع الرديئة في كافة منافذ المملكة, إضافة إلى أهمية تصحيح البيئة التشريعية لتكون في صالح المستهلك سواء من حيث الأنظمة أو القواعد أو الإجراءات.