بعد مقالتي «إيران - مصر: عبق الماضي و شغف المستقبل « والتي كانت استقراء لتاريخ العلاقة بين الاخوان المسلمين وبين ايران والتي ثبت بالادلة انها بدأت مبكرة منذ زيارة « السيد مجتبى ميرلوحي، معروف بنواب صفوي « رجل الدين الايراني المعروف في منتصف الخمسينيات لمصر والتي كما قلت كانت تمثل الفاتحة الاولى لعلاقة استراتيجية بين الاخوان ومصر. وفي أحد الايام احببت مشاكسة احد الاخوة المتخصصين بالشأن المصري وكان محور المشاكسة هو مسألة التقارب المصري مع ايران. قلت لصاحبنا اخشى ان يكون محمد بديع، المرشد الحالي للإخوان كما ذكرت في مقالي السابق والذي قيل انه تجمعه علاقة وثيقة بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية البوابة لاختراق ايراني لمصر وذلك «عبر بوابة السياح الإيرانيين والتي بلا شك ستكون ذريعة لتسلل «الحرس الثوري الإيراني الى مصر الحبيبة متسترين بثياب السياح الإيرانيين، ومن ثم تعمل على تصفية المعارضين المصريين للتقارب مع ايران كما عملت في لبنان. ثم بعد ذلك تبدأ اختراق النسيج المصري وصول احمدي نجاد اثبت انه نظام ثوري قائم على اثارة الاضطرابات والقلاقل ونشر عدم الاستقرار في المنطقة. وبالتالي هذا الاصرار المصري على التقارب مع نظام مجابه ومحاصر ومعزول دوليا متواكبة مع ازمات اقتصادية حقيقية يعاني منها النظام الايراني نتيجة العقوبات الاقتصادية والتي كان آخرها العقوبات الاوروبية تجعل التقارب معه كالتقارب مع نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. والسيطرة على مفاصل الدولة مستغلة عدم الاستقرار والانفلات الامني والتأزم الاقتصادي». لم يعجب صاحبنا هذا التشاؤم اذ كان من المتحمسين لهذا التقارب زاعما ان خطاب معاداة ايران بسبب مذهبها الشيعي لن يجد كثيراً من الأنصار في مصر في الوقت الحالي وذلك لان مصر حسب رأيه لا تفتقر للعلماء الذين يمكنهم صد او وقف أي مد شيعي. كنت اسأل صاحبنا عن فائدة هذا التقارب مع ايران اذ لم نر أي دولة عبر التاريخ تقاربت مع ايران إلا وبدأت فيها القلاقل والاضطرابات وذلك عبر التمدد فيها سواء بصورة مباشرة كما حدث في لبنان عبر حزب الله والذي تحول إلى دولة داخل الدولة باستقلال كامل بالموارد والسلاح والتنظيم او في سوريا عبر التحالف الاستراتيجي والانتهاء باختراق مباشر في مفاصل الدولة او في العراق خاصة بعد حرب2003 وسقوط النظام. واما بصورة غير مباشرة مثل تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية واليمن عبر شبكات التجسس بداية مما تعارف على تسميته «بشبكة التجسس الإيرانية في الكويت» والتي كانت عبارة عن 8 شبكات تجسسية اثنتان منها مسلحة تعمل لحساب الحرس الثوري الإيراني منذ 2001 أي منذ عشر سنوات من التخابر وجمع المعلومات كما قيل عن المنشآت الحيوية والعسكرية الكويتية ومواقع القوات الأميركية في البلاد مرورا بقضية التجسس في كل من البحرين والتي كانت تعمل على ارضه منذ 2002 وحتى أبريل (نيسان) 2010 أي قرابة الثماني سنوات بالتعاون كذلك مع الحرس الثوري الايراني بغرض امداده بمعلومات عسكرية واقتصادية من داخل البحرين بقصد الإضرار بالمصالحة القومية وست خلايا تجسس في اليمن مرتبطة بمركز قيادة ويشرف عليها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني يشرف على عمليات الخلايا في اليمن والقرن الأفريقي والتي تهدف ايران من خلالها الى تقوية الدعم للتمرد الحوثي الشيعي في شمال البلاد وتزويده بالاسلحة كما اعلنت بذلك وزارة الدفاع اليمنية في موقعها الرسمي وصولا الى قضية التجسس الايرانية في السعودية والتي تضم 18 متهماً، بينهم إيراني ولبناني، يتوزعون على أربع مناطق في المملكة (مكةالمكرمة والمدينة المنورة والرياض والمنطقة الشرقية). اضف الى ذلك أن التقارب مع ايران في الوقت الحالي هو فقد لشرعية النظام المصري السياسية والاخلاقية في الداخل وفي الخارج. فما تقوم به ايران في سوريا من مجازر تقشعر لها الأبدان وتمرض القلوب وتعصر الأرواح مستعينة بحرسها الثوري والذي كشف الوجه الحقيقي واللاإنساني لهذا النظام يزيد من أزمات النظام الحالي في مصر ويشوه خطابه السياسي الديني. أما خارجيا فهذا النظام ( الايراني ) منذ ثورته الشعبية والتي اطاحت بحكم الشاه في 1979 الى اليوم أي منذ ما يزيد على اكثر من ثلاثين سنة والعلاقة بينها وبين المجتمع الدولي بكافة اطرافه هي علاقة تأزم ومواجهة. ابتداء من ازمة الرهائن مرورا بحروب الخليج، وانتهاء بأزمة الملف النووي الإيراني. كل هذا في إطار مد النفوذ الايراني على الشرق الأوسط.ولم يسهم تغير القيادات المعممة ابتداء من رافسنجاني الى خاتمي أي على مدي العقود الثلاثة،في إحداث أي تغير او تحول في بنية النظام الثورية. بل ان وصول احمدي نجاد اثبت انه نظام ثوري قائم على اثارة الاضطرابات والقلاقل ونشر عدم الاستقرار في المنطقة. وبالتالي هذا الاصرار المصري على التقارب مع نظام مجابه ومحاصر ومعزول دوليا متواكبة مع ازمات اقتصادية حقيقية يعاني منها النظام الايراني نتيجة العقوبات الاقتصادية والتي كان اخرها العقوبات الاوروبية تجعل التقارب معه كالتقارب مع نافخ الكير أما أن يحرق ثيابك وأما أن تجد منه ريحا خبيثة.