بشكل مفاجئ ودون سابق انذار أو تحذير أو توجيه شهدت المناطق المختلفة في المملكة حملات تفتيش تستهدف اتخاذ اجراءات رادعة وصلت إلى الترحيل الفوري لكل عامل يثبت مخالفته لأنظمة الاقامة بالعمل الحر أو العمل بعيداً عن كفيله الرسمي. المشكلة التي تحولت الآن لأزمة حقيقة هي صناعة سعودية خالصة، فعلى مدار سنوات طويلة وتحت أنظارنا وبإشرافنا وبالتسهيلات التي قدمناها لكل الأطراف نمت أعداد العمالة المخالفة لتصل إلى أكثر من 2 مليون عامل مخالف. البداية كانت مع نشأة تجارة رائجة في المملكة وهي تجارة التأشيرات، بدأت هذه التجارة عن طريق البعض الذين وجدوا فيها فرصا سانحة لتوليد الدخل والربح بأقل جهد وفي أسرع وقت، حيث يحصل الواحد منهم على عدد كبير من التأشيرات ثم يقوم ببيعها إلى غيره.. وهكذا حتى صار (بيزنس) التأشيرات (شعبي) بامتياز والاستثمار في هذا المجال لم يكن يستلزم أكثر من سجل تجاري يسهل عملية الحصول على التأشيرات وعلى الأوراق، كل الأشياء تسير بانضباط تام وفي الواقع تسير الأمور بقدر كبير من الفوضى، ثم تبدأ عملية نتصور الآن وفي ظل حالة انفعال واضح أن المشكلة أو الأزمة يمكن حلها ببساطة وبسرعة ودون الحاجة إلى دراسة وتخطيط ورؤية شاملة وتدرج منطقي في التعامل مع واقع شديد التعقيد ...هذا هو الوهم بعينه فكفانا أوهام !! تسويق وبيع التأشيرات وهي عملية سهلة للغاية لأن الطلب على التأشيرات أكبر بكثير من العرض، بل إن الطلب هنا عالمي في بلدان تعيش ظروفا صعبة ويبحث مواطنوها عن فرص للخروج من أوطانهم باحثين عن الرزق الواسع، يحصلون على تأشيرات الدخول بأثمان باهظة فالتأشيرة يرتفع ثمنها في كل مرحلة تنتقل فيه من تاجر إلى آخر، يدخلون المملكة ويلتقون التاجر (الكفيل) ويتفق معهم على مبلغ يسددونه كل شهر أو عام نظير تجديد الاقامة ونظير التنقل والعمل بحرية في أي مكان. ولأن المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص ترتجل سياساتها وممارستها الادارية وتتحاشى العمل المخطط لأنه ضار جداً بالصحة وله مضاعفات وخيمة أبرزها النجاح –كفاهم الله شره- أعطت الفرصة لتجارة التأشيرات كي تنمو وتزدهر على نطاق واسع بوضع قيود وعقبات على منح التأشيرات للشركات والمؤسسات دون تمييز ومن ثم وجدت هذه الشركات والمؤسسات ضالتها في العمالة المخالفة (لتستغلها) في القيام بأعمال متنوعة وبتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة العمالة النظامية، تسير الأمور على هوى تجار التأشيرات والمستثمرين في العمالة المخالفة وتحلو (اللقمة) في أفواههم بينما يتجرع وطن بأكمله مرارة البطالة ورهن مشروعاته وخدماته واقتصادياته بأوضاع عمالة غير نظامية، والأدهى من ذلك أن الوطن لم يسلم من سلوكيات ناقمين دفعوا الغالي والرخيص من أجل لقمة العيش والتي اكتشفوا في ظل أوضاعهم غير النظامية أنها لا تكفي حتى لسد الرمق. نتصور الآن وفي ظل حالة انفعال واضح أن المشكلة أو الأزمة يمكن حلها ببساطة وبسرعة ودون الحاجة إلى دراسة وتخطيط ورؤية شاملة وتدرج منطقي في التعامل مع واقع شديد التعقيد ...هذا هو الوهم بعينه فكفانا أوهام !! تويتر: @Ssalrasheed