امتدادا لمقال الأسبوع الماضي عن العمالة الوافدة وخطرها، ومسؤولية وزارة العمل ومعاناتها، أعود إلى حقيقة واقعة، يعاني منها أعداد كبيرة من العمالة الوافدة. فبسبب أن تأشيرات العمل تباع في أسواق بعض الدول العربية وغير العربية بعشرات الآلاف من الريالات، أصبحت هذه تجارة رابحة لبعض ضعفاء النفوس الذين لا يتورعون عن تحقيق الربح المادي لأنفسهم مقابل الإضرار بمجتمعهم ووطنهم. والحقيقة أن هؤلاء المتلاعبين من الذين يبيعون التأشيرات لكل من هب ودب ويتاجرون بها، هم أخطر على وطننا من العمالة الوافدة المتسيبة التي نشأت وترعرعت من خلال هذه التأشيرات التجارية. لذلك كثيرا ما تكتشف وزارة العمل أن هناك مؤسسات وهمية لديها عدد هائل من العمال الذين حضروا إلى بلادنا بموجب هذه التأشيرات التجارية. حينئذ تقوم وزارة العمل بإيقاف خدمات الحاسب الآلي عن هذه المؤسسات، وهذا أمر طبيعي، ولكن نتيجته سيئة. فهؤلاء العمال الذين اشتروا التأشيرات التجارية من المؤسسات الوهمية، أصبحوا الآن في وسطنا، داخل حدود بلادنا، وأمرا واقعا. الشركة الوهمية قبضت ملايين الريالات من بيعها لهذه التأشيرات والمتاجرة بها، ثم اختفت، وبقي موظفوها أو عمالها المتسيبون الذين اشتروا هذه التأشيرات يجوبون الطرقات بحثا عن عمل، وعن حل. واكتظت أسواقنا وأحياؤنا والأماكن العامة بهؤلاء الوافدين المشردين. المصيبة أن توقف خدمات الحاسب الآلي عن الشركة أو المؤسسة الوهمية، ينعكس مباشرة على هؤلاء الوافدين، فهم الآن لا يستطيعون المغادرة، ولا يستطيعون السفر أو العمل أو نقل الكفالة إلى شركة أخرى أو كفيل آخر، فأصبحوا معلقين لا مرجع لهم ولا مخرج. وزارة العمل، وهي معذورة في ذلك، أوقفت من قبل خدمات الحاسب الآلي عن 440 مؤسسة دفعة واحدة على مستوى المملكة، ولم تذكر أسماء تلك المؤسسات، وهل كانت جميعها وهمية أم غير ذلك. ثم قامت الوزارة مؤخرا بوقف خدمات الحاسب الآلي عن 117 مؤسسة، وفي هذه المرة ذكرت أسماء هذه المؤسسات ونشرتها في صفحات الجرائد، ونشرت أسماء ملاكها، وهو أمر جيد. ولكن الضرر قد وقع. فكيف استطاعت هذه المؤسسات الوهمية هكذا وببساطة، وبواسطة «معقب» واحد له طرقه الملتوية الخاصة، الحصول على أعداد كبيرة من التأشيرات قامت بالمتاجرة بها وبيعها في السوق العالمية على حساب أمن وأمان ومصلحة الوطن؟ ألا يجب مطاردة أصحاب هذه المؤسسات الوهمية، ومحاكمتهم ومصادرة أموالهم؟ المتضرر الأول هنا هو المجتمع السعودي والوطن ككل، يلي ذلك الوافدون الذين اشتروا هذه التأشيرات. فبالرغم من أن هؤلاء قد ارتكبوا إثم شرائهم للتأشيرات، إلا أنهم أصبحوا في النهاية من المتضررين أيضا. فهم لا يستطيعون العيش الشريف، ولا العمل والترزق، وقد يرتكبون الخطايا والسرقة وأعمالا مخالفة للقانون لكي يمكنهم البقاء على قيد الحياة. والأخطر من ذلك، لا يستطيع هؤلاء الوافدون السفر أو المغادرة إلا عن طريق الترحيل وعلى حساب الحكومة، لعدم وجود كفيل رسمي لهم. وإذا تم تسفير العامل أو الوافد عن طريق الترحيل، تؤخذ بصماته فلا يستطيع العودة إلى المملكة إلا بعد عدد من السنين تصل إلى خمسة أعوام، أو إذا تحايل وزور وغير اسمه وجواز سفره، وهذه جريمة أخرى. الحل البديهي لإنصاف هؤلاء، هو أن يصدر توجيه من وزارة الداخلية إلى الجوازات، بأنه إذا وصلهم مثل هؤلاء الوافدين بطلب نقل كفالة إلى شخص أو جهة أخرى يطلب نقل خدماته إليه نظاميا، تقوم الجوازات بالتأكد من وضع كفيله السابق والاتصال به، ثم توافق على نقل كفالته نظاميا وإتمام اللازم حسب الأنظمة. أما في حالة الوافد الذي وقع في فخ شراء التأشيرات من مؤسسة وهمية ولم يحصل على كفيل جديد، ويرغب في المغادرة، فيستحسن تصحيح وضعه عن طريق تمكينه من السفر نظاميا ومنحه تأشيرة خروج نهائي. بهذا الحل، سنكون قد أنصفنا هؤلاء المظلومين من قبل المؤسسات الوهمية، التي أحضرتهم إلى البلاد لحلبهم واستغلالهم، ثم تركتهم بعد ذلك كا للقطاء. الحل الأمثل بعد كل ذلك، هو وقف تأشيرات الاستقدام كلية، إلا في حالات الضرورة فقط للشركات الكبرى النظامية، لبضعة أعوام إلى أن يتم «تنظيف» سوق العمل في المملكة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة