رعى صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية في المدينةالمنورة مساء اليوم حفل الافتتاح الرسمي لندوة الآثار الاجتماعية للتوسع العمراني في المدينة العربية, التي تنظمها أمانة المدينةالمنورة بالتعاون مع المعهد العربي لإنماء المدن، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة, ونخبة من الباحثين والمشاركين المتخصصين في العلوم الاجتماعية والعمرانية والبيئية من داخل المملكة وثمان دول عربية .وعبر سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز في كلمته خلال الحفل عن سروره لحضور حفل افتتاح الندوة في رحاب طيبة الطيبة بمشاركة نخبة متميزة من ذوي الخبرات المتخصصة والتجارب الثرية والتطبيقات والرؤى العلمية في مجالات العلوم الاجتماعية والعمرانية لتبادل الآراء بما يدعم ويضبط النمو المتسارع الذي تشهده المدينة العربية بصفة عامة والمدينة السعودية على وجه الخصوص . وقال :"إن التحضر نهج حتمي تتواصل مسيرته في المجتمعات كافة بمرور السنين وتتسارع وتيرته وتمضي أحداثه وتحصل آثاره فينتج عنها تغيرات تطال المجتمع في شتى خصائصه الاجتماعية والثقافية والفكرية والسلوكية, مشيراً إلى اختلاف أشكال وآلية التحضر من مجتمع لآخر بناء على الاعتبارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية". وأضاف سموه : إن ازدياد وتسارع الهجرة من الريف إلى المدن تمثل أهم وأبرز نواتج التحضر, ما أدى إلى ازدياد تعدد المدن ونموها أفقياً وعمودياً تبعاً لتنامي معدلات النمو السكاني , مشيرًا إلى أن المدن هي المراكز الرئيسة للنمو السكاني والاقتصادي واستغلال الموارد. وبين سموه أن مساهمات المدن في الإنتاج المحلي تقدر على المستوى العالمي بنحو 70% حيث بلغ عدد سكان المدن في العالم بنحو ( 3,5) مليار نسمة في العام 2010م، مفيداً بأنه وفقاً للتوقعات فإن عدد سكان المدن سينمو ليصل إلى خمسة مليارات نسمة بحلول العام 2030م, فيما تستهلك المدن 67% من استهلاك الطاقة العالمية حسب الإحصاءات المقدمة من المنتدى الحضري العالمي في نابولي في سبتمبر عام 2012م . وأوضح سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب أن غالبية السكان في عالمنا العربي يتركزون في المراكز الحضرية حيث تجاوزت نسبة سكان المدن ثلثي سكان العالم العربي . وقال سمو وزير الشؤون البلدية والقروية : "إن الإحصاءات السكانية في المملكة العربية السعودية لعام 1431ه تفيد أن هناك أربع مدن مليونية وهي الرياض, وجدة , ومكة المكرمة , والمدينةالمنورة , فيما بلغ عدد المدن التي يزيد عدد سكانها عن نصف مليون نسمة أربع مدن , في حين بلغ عدد المدن التي يزيد عدد سكانها عن ( 100 ألف نسمة ) 19 مدينة سعودية , بينما يشكل عدد السكان المقيمين في المناطق الحضرية نحو 85% من إجمالي سكان المملكة العربية السعودية". وتطرق سموه في كلمته إلى التغيرات الإيجابية والسلبية للتوسع العمراني في المدن , مشدداً على أهمية قياس ورصد هذه التغيرات باعتبارها مطلباً أساسياً ينبغي أن يدركه صناع القرار في المدن المتحضرة والتعامل معه بمنهجية علمية وأفكار خلاقة ورؤى متزنة وانفتاح مدروس على المجتمعات الأخرى , لتوجيه مسارات التنمية بما يحفظ للإنسان حقوقه وللمجتمع ثوابته وقيمه, وبما يمهد للاستفادة من مستجدات الحضارة وتطورات التقنية. ونبه سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب إلى أن نمو واتساع المدن بخطى أسرع من رؤية الجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإمكاناتها الإدارية والتخطيطية وعدم قدرتها على مجاراتها يؤدي إلى عدد من السلبيات والتحديات من أبرزها نمو المدن بشكل غير مرغوب ضمن النسيج الحضري لتلك الدول , وتزايد عشوائية اقتصادات المدن , وضعف كفاءة المرافق والخدمات العامة , وظهور المناطق العشوائية والمشكلات الأمنية , إضافة إلى عدم مواكبة البيئة العمرانية للأمور الوظيفية المستقبلية التي يمكن أن تقوم بها المدن , وكذلك التباين التنموي , والتغيرات في التركيبة الاجتماعية والعلاقات بين الأفراد والأسرة والمجتمع, ومدى انعكاس ذلك على القيم والعادات والثوابت والمبادئ في المجتمعات . وأكد سموه أن وزارة الشؤون البلدية والقروية تقوم بالتعامل مع ظاهرة التوسع العمراني وضبط التنمية العمرانية وتطبيق قواعد تحديد النطاق العمراني وصولاً للحجم المطلوب للمدن والقرى وفقاً للتوجهات الإستراتيجية العمرانية الوطنية , كما حرصت على تنمية وتطوير القرى وتوفير احتياجاتها من الخدمات البلدية وتشجيع سكانها على البقاء فيها وعدم الانتقال منها للحد من ظاهرة توسع المدن الكبيرة وزيادة سكانها إلى جانب العمل على معالجة ظاهرة المباني العشوائية ومعالجتها لتفادي إشكالاتها وما ينجم عنها من سلبيات كثيرة على المجتمع . وأوضح سمو وزير الشؤون البلدية والقروية أن هذه التحديات تتطلب البحث العلمي التحليلي لمدى قدرة إدارة المدن على تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والمناهج ومدى جدوى تلك السياسات والبرامج، مؤكداً ضرورة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في التنمية المحلية, وأبدى سموه تطلعه بأن تخرج هذه الندوة بتوصيات عملية يستفيد منها صناع القرار في رسم استراتيجيات التنمية الشاملة بحيث تستثمر ما حصل من توسع عمراني بشكل إيجابي .وعبر سموه في ختام كلمته عن شكره وتقديره لأمانة المدينةالمنورة وللمعهد العربي لإنماء المدن على جهودهم الطيبة في التحضير والتنسيق لهذه الندوة , مجدداً الترحيب بالضيوف والمشاركين فيها , سائلاً الله تعالى أن يحفظ بلادنا وأن يديم عليها أمنها واستقرارها ورخاءها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله . من جانبه عبر معالي أمين منطقة المدينةالمنورة الدكتور خالد بن عبدالقادر طاهر عن خالص شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية على رعايته لحفل افتتاح الندوة , ولصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة على تشريفه حفل الافتتاح , مشيراً إلى أن هذه الرعاية تجسد دعم واهتمام سموه الكريم لكل ما يعزز نجاح فعاليات الندوة التي تقام تزامناً مع مناسبة اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 1434ه -2013م واعتماد الندوة من الفعاليات الرئيسية في هذه المناسبة. وقال معاليه : "إن هذه الندوة تستمد أهميتها من موضوعها الذي يتناول متغيرات حياة الإنسان في سياق نمو المدن وعمرانها ", مبيناً أن تحقيق الأهداف العظيمة وبلوغ الغايات الكبيرة مطلب يقوم على ركائز متعددة يأتي في مقدمتها العمل بتكامل يستثمر الرؤى والأفكار ويجمع الجهود والتجارب والخبرات ويوظفها التوظيف المناسب لخدمة الأوطان والمجتمعات , مضيفاً أن هذا النهج في تناول قضايا وشؤون المجتمعات هو السبب بعد توفيق الله وعونه في صناعة القرارات الصائبة وتحقيق الارتقاء والتطوير الذي ننشده جميعاً في مختلف مواقع الاختصاص والمسئولية. وأضاف الدكتور خالد طاهر أن منطقة المدينةالمنورة تعيش بفضل الله وتوفيقه ثم برعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله نهضة مستمرة متسارعه في مختلف المجالات تحتم على المسؤولين في العمل البلدي مراعاة جميع الجوانب التخطيطية والتنفيذية والتشغيلية في التوسع العمراني الذي تفرضه ضمان النتائج التنموية الايجابية وفي مقدمتها الاقتصادية والاجتماعية. وأبدى معاليه تفاؤله بخروج هذه الندوة بتوصيات عملية متوازنة قابلة للتطبيق استناداً إلى التنوع في أوراق العمل المقدمة من نخبة من الخبراء والمختصين والممارسين المشاركين فيها من داخل المملكة وخارجها , مثمناً الجهود التي بذلها أعضاء اللجان العاملة. ووجه معالي أمين منطقة المدينةالمنورة في ختم كلمته الشكر والتقدير لمعالي رئيس مجلس الأمناء بالمعهد العربي لإنماء المدن عبدالله العلي النعيم, سائلاً الله عزوجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه. بعد ذلك تسلم راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز درعاً تذكارياً من معالي أمين منطقة المدينةالمنورة تقديراً لرعاية سموه حفل افتتاح الندوة, كما كرم سموه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار حيث تسلم الإهداء نيابة عن سموه الدكتور وليد بن كساب الحميدي, إلى جانب تكريم سموه لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة لتشريفه حفل الافتتاح الرسمي للندوة . يذكر أن الجلسات العلمية للندوة قد انطلقت في وقت سابق اليوم.