أثار القانون الذي أقره البرلمان الكويتي أمس الاربعاء والذي سيتم بموجبه تقديم اعفاءات كبيرة للمقترضين من البنوك وشركات الاستثمار التقليدية جدلا في البلاد لانه لم يقدم أية اعفاءات أو تسهيلات مماثلة للمقترضين من بنوك وشركات اسلامية. وبموجب هذا القانون ستتحمل الحكومة من خلال صندوق جديد يسمى صندوق الاسرة القروض الاستهلاكية التي حصل عليها المواطنون من البنوك وشركات الاستثمار التقليدية قبل نهاية مارس اذار 2008 مع اعفائهم من فوائد هذه القروض واعادة جدولة ما تبقى منها وفقا لاقساط مريحة يحددونها هم بأنفسهم على مدى زمني قد يصل الى 15 عاما. ولسنوات ظل تحقيق العدالة بين المقترضين وغير المقترضين وبين شرائح المقترضين أنفسهم المحور الرئيسي في النقاش العام الدائر في الكويت عضو منظمة أوبك حول ما يعرف "بمشكلة اسقاط القروض". وأعرب رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح عن أمله في أن يكون اقرار القانون خطوة في طريق طي ملف القروض والتطلع لتعاون جديد بين مجلس الامة والحكومة. لكن اخرين قالوا ان القانون قد يثير دعاوى بعدم الدستورية لعدم تحقيق العدالة بين المواطنين لاسيما بين المقترضين من بنوك تقليدية والحاصلين على تمويل اسلامي. ورجحت صحيفة القبس في تقرير لها اليوم نقلا عن مصادر مصرفية أن يقوم مئات العملاء غير المستفيدين من القانون برفع دعاوى قضائية لوقف تنفيذه باعتباره "يمثل ظاهرة خطيرة.. وغير دستوري.. ولا يحقق العدالة بين المواطنين." وقال فؤاد عبد الرحمن الهدلق مدير أول ادارة الاصول الاستثمارية في شركة الدار لادارة الاصول الاستثمارية 'أدام' لرويترز ان المشرعين بدوا وكأنهم "يعاقبون" المتعاملين مع البنوك الاسلامية. ووصف الهدلق القانون بأنه "غير عادل وغير منصف وغير مفيد للبلد.. وينتفع منه أربعة في المئة فقط من عدد سكان الكويت." قدر عبد المجيد الشطي رئيس اتحاد المصارف الكويتية السابق حجم المتعاملين مع التمويل الاسلامي بما يتراوح بين 35 و 40 في المئة من اجمالي الحاصلين على تمويل في السوق الكويتي. لكن المدير العام لشركة شورى للاستشارات الشرعية الشيخ عبد الستار القطان قال ان حجم التمويل الاسلامي في الكويت يصل الى 50 في المئة بمعيار الاموال لكنه يزيد عن ذلك بمعيار عدد الاشخاص لاسيما في الفترة التي يغطيها القانون حيث كانت المؤسسات الاسلامية وتحت ضغط المنافسة تقدم تسهيلات كبيرة لزيادة عدد عملائها. ويوجد في الكويت خمسة مصارف اسلامية مقابل خمسة بنوك تقليدية وعدد غير قليل من شركات المتخصصة في منح التمويل الاسلامي الى جانب نظيرتها التقليدية. وقالت صحيفة السياسة الكويتية التي تتخذ عادة مواقف موالية للحكومة في عنوانها الرئيسي اليوم ان القانون "يمثل ثلاثة أرباع حل لازمة القروض." وأكدت أن "التسوية شملت 75 ألف مواطن وأهملت 27 ألفا." ويرى الشطي أن المشرعين استندوا الى أن هناك صعوبة نسبية في التفريق بين أصل الدين والربح في معاملات التمويل الاسلامي بينما هناك تفريق واضح بين الفائدة وأصل الدين في التمويل التقليدي. وقال القطان ان مثل هذا التشريع سوف يدفع الحاصلين على تمويل اسلامي الى مواصلة الضغط على الحكومة والنواب من أجل الحصول على مكاسب مماثلة بل ربما يؤدي الى عزوف بعضهم عن اللجوء للتمويل الاسلامي باعتبار أنه غير قابل لاعادة الشراء أو الهيكلة مرة أخرى. وتتم غالبية عقود التمويل الاستهلاكي بصيغة المرابحة التي يشتري فيها المصرف الاسلامي السلعة ويعيد بيعها للعميل بسعر أعلى وعلى فترة زمنية أكبر. ولا تجيز التعاملات الاسلامية خفض جزء من الدين نتيجة قيام العميل بالسداد المبكر للمبلغ المستحق عليه. وقال الشطي ان الامر لا يقتصر على عدم المساواة بين عملاء البنوك الاسلامية ونظيرتها التقليدية بل ان القانون "يخل بمبدأ الثواب والعقاب." وتوقع الشطي أن يؤدي هذا القانون لارتفاع في الاسعار لانه يمنح شريحة من المواطنين قدرة شرائية جديدة "بطريقة غير سليمة." وقال مصطفى الشمالي وزير المالية الكويتي الثلاثاء الماضي ان اجمالي تكلفة اسقاط ديون المواطنين ستبلغ 744 مليون دينار '61ر2 مليار دولار'. ويلزم القانون الجديد البنوك وشركات الاستثمار بأن تعيد للمواطنين أية أموال تكون قد حصلت عليها منهم نتيجة رفع سعر الفائدة أعلى من نسبة أربعة في المئة فوق سعر الخصم المعلن من البنك المركزي وقت ابرام عقد القرض. ويسمح القانون الجديد للمواطنين المستفيدين منه بأن يحصلوا على قروض وتسهيلات جديدة وفقا للقواعد العامة التي وضعها بنك الكويت المركزي والتي تنص على ألا يزيد اجمالي الاقساط التي يدفعها العميل عن 40 في المئة من دخله الشهري. وهذا الشرط لم يكن موجودا في القوانين السابقة التي تصدت لموضوع قروض المواطنين في الكويت ومثل أحد الاعمدة الرئيسية للنقاش المجتمعي خلال الفترة الماضية. وقال الشطي ان هذا المبدأ قد يدفع بعض المقترضين سواء الحاليين أو في المستقبل الى عدم الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك انتظارا لقيام الحكومة بسداد ما عليهم من أقساط. واعتبر القطان أن القانون "يؤسس لنظام غير عادل في المجتمع وسيكون له اثاره السبية الكثيرة سواء من حيث 'الزيادة في' الاستهلاك أو الشعور بالضيم وتعزيز روح الاتكالية على الدولة."