رغم أن حضوره في المشهد الشعري المحلي جاء متأخرا نسبيا، لعدم إجادته الاشتغال على هذا الأمر إعلاميا، إلا أن الشاعر حسن الربيح نال مؤخرا عددا من الجوائز البارزة كان آخرها جائزة الشارقة للإبداع العربي «الإصدار الأول» في دورتها الرابعة عشرة عن مجموعته الشعرية «احتواء بامتداد السراب».وفاز الربيح، المولود عام 1973، قبل ذلك بالمركز الأول في جائزة راشد بن حميد الثقافية للشعر عام 1431 وغيرها من الجوائز. حسن الربيح وللتعرف أكثر على تجربة الربيح الشعرية، كان ل(اليوم) حوار قصير مع الشاعر بمناسبة فوزه الأخير بجائزة الشارقة. فإلى نص الحوار: لا أعرف «التطبيل» يعود تاريخ كتابة بعض نصوصك إلى سنة 1420 أو قبل ذلك بقليل، وهي نصوص ناضجة فنيا وجماليا إلى حد كبير؛ فلماذا تأخر حضورك في المشهد الشعري المحلي؟ - بداية أعترف أن ذلك تقصير مني، أضف إلى ذلك أنَّ مسألة الحضور مسألة شائكة جدا تتطلب من الشاعر أن يشتغل على نفسه إعلامياً؛ كأن يقيم علاقات مأربية، إن صح الوصف، مع هذي الجهة الإعلامية أو تلك، أو (يطبل) لنفسه بشتى الوسائل من أجل ترسيخ حضوره، وهذا ما لا أجيده. وسيلة المسابقات فزت بأكثر من جائزة شعرية محليا وعربيا؛ فهل كان إقبالك على المشاركة في المسابقات الشعرية مؤخرا الوسيلة التي ارتأيت مناسبتها لإيصال صوتك لدائرة أوسع من المتلقين؟ - بالطبع كنتُ أفكر بهذا، وبأشياء أخرى. التجربة لا يمكن أن تنضج في البداية لا بد من محطات كثيرة للتزود والتخفف، هناك الكثير من القصائد والمحاولات في طي النسيان، وهو المصير الأنسب لها قيود داخلية تقول في نص «ازدحام»: «أحلم الآن أن أتحرر من داخلي؛ كي أحرر خارجه». ما الذي يعنيه لك التحرر من الداخل؟ أو ما الذي عنيته به؟ - التغيير ينطلق من الداخل أولاً. المرء ضحية قيود من الداخل تفرضها عليه الأسرة والمجتمع والتوجيه الديني الخاطئ وأوضاع أخرى مختلفة. ((إِنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتَّى يُغيِّروا ما بأَنفسِهِم)). ترميز الصور الشعرية تعمد إلى الترميز وتكثيف الصور الشعرية في نصوصك وتتحدث عن «الظهور السرابي» و « الروغان المضلل» للقصيدة. هل نستطيع القول أنك وجدت صوتك الشعري في هذا المنحى الكتابي؟ - بالتأكيد فالرمز كأحد تشكلات اللغة والصورة الشعرية في نظري هما جناحا القصيدة المتجددة، فبالوعي اللغوي والاحتراف الصوري يجد الشاعر بغيته الكبرى في التجديد. آباء شعريون من هم آباؤك الشعريون الذين قرأت لهم وأحببتهم وربما أثروا في طريقة كتابتك للشعر؟ وهل تقلقك مسألة الخروج من دائرة التأثر بهم؟ - الذاكرة مليئة بأسماء عديدة، والشاعر لا يمكن أن يتخلص من ذاكرته مطلقاً، غير أنني أحاول الخروج من دائرة التأثر بالإصغاء إلى إحساسي وإبداء وجهة نظري في تناول الموضوع. أما عن آبائي، وإن كنت أرفض هذا النسب، فممن قرأت لهم المعري وصولاً إلى الجواهري وأبو ريشة وبدوي الجبل ودرويش ومحمد العلي ومصطفى جمال الدين وأدونيس والعلاق وأسماء أخرى، ويبقى الوعي الشعري هو الأب الحقيقي. تأخر في النشر تأخرت في نشر أعمالك الشعرية حتى الآن، ومن المؤكد أنك مررت بمراحل مختلفة قبل أن تصل إلى القناعات الفنية التي تؤمن بها الآن. ما مصير تجاربك الأولى التي هي على الأرجح مختلفة عن تجربتك الحالية قليلا أو كثيرا؟ - التجربة لا يمكن أن تنضج في البداية لا بد من محطات كثيرة للتزود والتخفف، هناك الكثير من القصائد والمحاولات في طي النسيان، وهو المصير الأنسب لها.