تشكل الحرب التي يشنها نظام بشار الأسد على مواطنيه في سوريا، خطورة بالغة على المنطقة وبالذات على لبنان، خاصة أن لبنان هو المرشح الأول لتنفيذ تهديدات النظام وأصدقائه بإشعال المنطقة إذا سقط النظام في سوريا، وفيما لو اشتعل لبنان، فلن نلوم نظام الأسد ولا نلوم رعاته في طهران وموسكو، لأن إشعال لبنان هو أحد خياراتهم للمحافظة على ما تبقى من نظام الأسد أو للمحافظة على أن تستمر سوريا أسيرة في الأيدي الأجنبية، لكن سوف نلوم اللبنانيين الذين يسمحون بأن تستغل بلادهم لتكون ورقة لعب على طاولة الأزمة السورية، وفي النهاية سوف يدخل لبنان دوامة جديدة من النزاعات والفرقة وحروب الكره. ويواجه لبنان ظروفا بالغة الحساسية لأن ميلشيات حزب الله المسلحة تدفع لبنان إلى أتون النار السورية، وتحاول، بأقصى ما تستطيع توظيف لبنان لصالح نظام الأسد وولاءاته في طهران، وإسرائيل من جانبها تشرع في تحركات مريبة على حدود لبنان، وهذه التحركات الإسرائيلية ليست بريئة، لأن الممارسة الإسرائيلية حتى وإن كانت إسرائيل تزعم أنها تعادي حزب الله فإنها في النهاية تقدم خدمة للحزب خدمة العمر، بإعطاء انطباع بأن الممارسات الاحتلالية حية والخطر الإسرائيلي على حدود لبنان وشيك، ليتخذ الحزب من ذلك ذريعة للاحتفاظ بسلاحه، حتى وإن ثبت أن لسلاح حزب الله مهمة أخرى أكثر أهمية من مواجهة إسرائيل هي أن يكون ذراعاً للمصالح الإيرانية سواء كانت هذه المصالح ضد إسرائيل أو ضد العرب أو ضد لبنان نفسه، وقد أخذ الحزب وسلاحه، هذه الأيام، إجازة من مواجهة إسرائيل ليخوض حرباً ضد السوريين في الأراضي السورية، وميلشياته ونشطائه يمارسون استفزازات في طرابلس فيما يشبه التسخين للمدينة اللبنانية الشمالية لإشعال الحرب في ربوعها متى ما رأى نظام الأسد ورعاته أن ذلك مفيداً وضرورياً. الآن على اللبنانيين أن يواجهوا الحقائق وهي أن أية محاولات لإدخال لبنان أو أراضيه حليفاً ومدافعاً عن نظام الأسد إنما هو مقامرة بكل لبنان، لأن المواجهات في الأراضي اللبنانية مهما كانت أسبابها وبواعثها وأبطالها، أثبتت عبر التاريخ أنها لا تنتقي ضحاياها، إنما تشمل جميع الطوائف والمناطق، وليس فيها رابحون إنما جميع اللبنانيين خاسر، والخاسر الأكبر هو لبنان، لهذا فإن سياسة الرئيس ميشال سليمان في إبعاد لبنان عن الأزمة السورية سياسة حكيمة ويجب على القوى الوطنية اللبنانية دعمها لمقاومة نزعات حزب الله لإدخال لبنان في أتون حروب الأسد وطهران ضد سوريا والسوريين، لأن محاولات زج لبنان في الأزمة السورية مقامرة خطيرة ومغامرة لا يعرف مدى خطورتها سوى اللبنانيين أنفسهم.