لأنه العراق ! ولأنه الفرات الذي لا ينضب كرماً و ثقافةً وفناً وحباً وجمالاً ولأنه محطّ عرش الأمل المرتقب وفردوس جنانه ومنتهى غايات البشر ومدار أفقهم ونقطة تلاقيهم عُمُرا فإنه لا يزال يغدق مريديه من أسرار كُنْههِ وألغاز وجوده ويجذبهم تحنانا حيث مباهج روضه ومفاتن أحلامه ومرابع صباه التي تغنت بها عشتار في ملحمة جلجامش وما بين آثار بابل وحضارة السومريين لذا توقفتُ كثيرا أراقب وعن كثب وبقلبٍ ملؤه البهجة المعتقة وجلاً اعتلائي منصة ذكوات العراق لأستمطر فضاءات سماواته حُلُما وأرتل في معابد الحيرة أساطير الأمل علَّني وجدتُ قَبولاً من نفسي تجاه الولوج لدار السلام وفي ظل انفجارات الوجل والتزام الوجوم لحظات القرار فلم أجدني إلا على مسرح بغداد الوطني وما بين مئات الأوجه العراقية المتوهجة هكذا هي بغداد وهكذا هو العراق يتراقص أملاً رغم العذاب ويتناغم حُلُما وبلاد العُربِ وكل الديار يتأوهُ وجعاً لينسج من وجعه ومن تأوهاته أغاني العمر. اشتياقاً للجمهور العربي ولسماع صوته المنبعث اشراقة بالغد المشرق من يومهم الجميل مرددة في فضاء المسرح « ستبقى بغداد عاصمة للثقافة العربية ليس لعامٍ واحدٍ بل على مدى الأعصر والازمان وسيبقى العراق الفرات الذي لن ينضب حباً وكرماً وجمالاً لتخترق تحايا العراقيين وتصفيقاتهم صمت الحصار الثقافي وعجاف السنين وتراهن على أن الثقافة والجمال والفن والأدب سيحقق مالم تحققه السياسة وعنجهية الدمار بأسنة القلم وحروف الكَلِم وعبارات الشِّعر وأنغام الموسيقى ومقامات الحب وعزف العمر من بين ألحان سيمفونية الوجود المطلق وأناشيد الحياة هناك يقف الزمنُ قابعاً في ركن الحيرة وزوايا الشتات لتلملم بغداد جراحات الفكر وأوجاع الفؤاد وتحتفي بالصوت العربي القادم من بين أخبية نجد وأرض الحجاز وبحفاوة عربية فراتية بابلية سومرية تنعش الروح وتُحْيي النفس وتغالبُ الضياع وهكذا هي بغداد وهكذا هو العراق يتراقص أملاً رغم العذاب ويتناغم حُلُما وبلاد العُربِ وكل الديار يتأوهُ وجعاً لينسج من وجعه ومن تأوهاته أغاني العمر وأهازيج الحياة التي تطرب الغير وتنسيه الجِراح ويتردد صدى أنغامها في مسامع الغير ونتوءات الزمان لا تتهيبوا بغداد في عرسها الثقافي العربي ولا تتركوها تُزَفّ وحدها من غير افتتان ادخلوها أيها الشُّعراء اكتبوها شعراً جميلاً وارسموها حورية َ الفن أيها الرسامون واعزفوها لحناً عذباً شجياً أيُّها الموسيقيون الحُداة احرسوها أماناً بسياج أحرفكم يا كتَّابَ الحرفِ وصُنَّاع المقال اقطفوها وردةً نديَّة ً غضَّة ً الغُصن أيُّها العشَّاق الثُّمالى وهَجَاً وقدموها آية ً للحبّ للعشق النضير علها تذكيكُمُ حباً للحياة وتنسيكمُ وجعَ العمرِ وجراحاتِ الشتات ..