أوضحت الحكومة القبرصية ان المفاوضات بشأن خطة الإنقاذ المشتركة بين الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لقبرص تجتاز «مرحلة دقيقة للغاية» واصفة الوضع بأنه «صعب للغاية». في حين يعقد وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل اجتماعًا في محاولة لإعداد خطة إنقاذ من شأنها ان تسمح لقبرص بتفادي الافلاس، ويتزامن ذلك مع اقتراب الموعد النهائي للتوقيع على خطة الإنقاذ اليوم تفاديًا لانهيار النظام المصرفي القبرصي، وقد اختتمت محادثات في نيقوسيا مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي في هذا الصدد في ساعةٍ متأخرة من مساء السبت دون التوصّل لنتيجة. وقالت الحكومة القبرصية في بيان «المفاوضات في مرحلة دقيقة للغاية»، وتابع البيان «الوضع صعب جدًا والوقت ضيق». وأضير القطاع المصرفي في قبرص جراء انكشافه على اليونان التي عانت من أزمة مالية وطلب الاتحاد الاوروبي من الجزيرة جمع 5.8 مليار يورو ذاتيًا كي تحصل على حزمة إنقاذ بعشرة مليارات دولار. وبدون اتفاق سيوقف البنك المركزي الاوروبي اليوم التمويل الطارئ للبنوك القبرصية ما يفضي لانهيارها حتمًا وخروج البلاد من منطقة اليورو. وحرصًا على توفير المبلع قال مسؤولون ان قبرص رضخت لفرض رسوم لمرة واحدة على الودائع التي تزيد على 100 ألف يورو، وذلك بعد خمسة أيام من رفض غاضب من اعضاء البرلمان لاقتراح مماثل وصفوه بأنه «سرقة مصرفية». وقد ازدادت مشاعر الغضب او الخوف لدى المودعين من ان تتبخر مدخراتهم او اموال تقاعدهم. وقال لويزوس حجيكوستيس رئيس الاتحاد القبرصي لموظفي المصارف خلال تظاهرة ضمّت المئات من موظفي المصارف القلقين على وظائفهم وصناديق تعويضاتهم امام القصر الرئاسي والبرلمان في نيقوسيا «في حال لم تضمنوا صناديق التقاعد سنبدأ اضرابًا اعتبارًا من الثلاثاء». وقد أشارت قبرص إلى انها تبحث مصادرة ربع قيمة الودائع الكبيرة بأكبر بنك في البلاد لتلبية متطلبات خطة الإنقاذ. وقال مسؤول قبرصي كبير ان بلاده اتفقت مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي على فرض ضريبة قدرها 20 بالمائة على الودائع التي تزيد على 100 ألف يورو «130 ألف دولار» في بنك قبرص أكبر بنوك البلاد وأخرى نسبتها أربعة بالمائة على الودائع بنفس القيمة في البنوك الاخرى، وتحدث وزير المالية عن «تقدّم مهم» في المحادثات الصباحية في حين هتف متظاهرون احتجاجًا على هذه السياسة. وقال مفوض الاتحاد الاوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين انه تم احراز تقدّم وحذر من أوقات عصيبة في المستقبل. وقال في بيان: «للاسف فإن أحداث الايام الماضية أدت الى وضع لم يعُد متاحًا فيه أي حلول مثالية. واليوم لا يوجد سوى خيارات صعبة». وفي حال عدم التوصّل الى اتفاق قبل اليوم حسبما افادت مصادر أوروبية فإن دول منطقة اليورو مستعدة لإخراج قبرص منها تفاديًا لانتقال العدوى الى دول اخرى تقع تحت أعباء الديون مثل اليونان واسبانيا وايطاليا. وقد حذر وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله مرة اخرى قبرص من ان بقاءها في منطقة اليورو رهن بمشروع خطة الإنقاذ التي تتفاوض بشأنها مع الترويكا، واضاف الوزير «عندما ترى الترويكا ان هناك مشروعًا يأتي بحل لمشاكل قبرص ويكون مطابقًا للقواعد عندها تدرس مجموعة يوروغروب هذه المسألة». وقد أبرز المفوض الاقتصادي للاتحاد الاوروبي خطورة الوضع في قبرص قائلا انه «لا يوجد سوي الخيارات الصعبة» أمام أحدث ضحية لأزمة منطقة اليورو. وعلى صعيد متصل أقر البرلمان القبرصي في جلسة استثنائية مشروع قانون لإعادة هيكلة النظام المصرفي، وذلك في إطار خطة انقاذ وضعتها الحكومة وبحاجة لأن تتفق عليها مع شركائها الاوروبيين قبل اليوم لتجنب إفلاس جمهورية قبرص. وبعد إقرار مشروع القانون هذا، الثالث الذي يقر في هذه الجلسة الليلية من اصل ثمانية مشاريع قوانين تقوم عليها الخطة، على ان تناقش لاحقًا المشاريع الخمسة المتبقية، وابرزها مشروع قانون يفرض ضريبة استثنائية لمرة واحدة قد تصل الى 15 بالمائة على الودائع التي تزيد على 100 الف يورو. وقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي هو الاكثر اثارة للانقسام بين القوانين الثلاثة التي اقرّت الجمعة، وقد مرّ بأكثرية 26 صوتًا في حين صوّت ضده نائب وامتنع 25 نائبًا عن التصويت. وبذلك أقرّ النواب إجراءات تسمح للحكومة بإعادة هيكلة بنك «لايكي» المتعثر، ثاني أكبر البنوك القبرصية. ومن المتوقع أن يجمع بنك «لايكي» 3.6 مليار يورو (4.6 مليار دولار) تقريبًا وفقًا لما ذكره البنك المركزي. كما ينشئ ما يُسمى صندوق استثمار ويقيد بعض المعاملات المالية بمجرد إعادة فتح البنوك غدًا بعد إغلاق دام 10 أيام. اما القانونان الآخران اللذان اقرّهما المجلس فهما قانون ينص على إنشاء صندوق للتضامن الوطني وقانون آخر يحدّ من حركة الرساميل لتفادي حصول ضغط شديد على البنوك عند اعادة فتحها. وتندرج هذه القوانين ضمن خطة بديلة تصارع الحكومة من اجل التوصّل إليها بعد رفض البرلمان الثلاثاء اتفاقًا مع الدائنين الدوليين نص على فرض ضريبة استثنائية تصل الى 9,9 بالمائة على جميع الودائع في البنوك في مقابل مساعدة بقيمة 10 مليارات يورو. وقد احرق مجموعة من الشبان خلال تظاهرة احتجاجية امام البرلمان في نيقوسيا علم الاتحاد الاوروبي احتجاجًا على خطة الانقاذ التي بدأ النواب بمناقشتها لتجنيب بلادهم الافلاس. وخلال التظاهرة الاحتجاجية التي شارك فيها خصوصًا موظفي مصرف مهددٍ بالاغلاق بسبب الازمة، تجمهرت مجموعة من حوالي 30 شابًا مقنعًا قرب البرلمان وقاموا بإحراق العلم الاوروبي تحت أعين قوات الشرطة التي انتشرت في المكان بكثافة. وهتف الشبان: «هذه الضريبة سرقة، الازمة يجب ان يحلها الاثرياء». وبذلك يتعيّن على جمهورية قبرص ان توفر اليوم 7 مليارات يورو، اي اكثر من ثلث اجمالي إنتاجها السنوي، وذلك للحصول على المساعدة الخارجية وايضًا لاستمرار البنك المركزي الاوروبي في مد المصارف القبرصية بالسيولة العاجلة. من جهة اخرى خفضت وكالة التصنيف الائتماني موديز تصنيف ثلاثة مصارف قبرصية كبرى ومصرف تابع لمجموعة «في تي بي» الروسية، معللة ذلك بوجود مخاطر مرتبطة بالإجراءات الجديدة الخاصة بالودائع عند إعادة فتح المصارف والخسائر بالنسبة للمودعين. وخفضت موديز من «سي ايه ايه2» الى «سي ايه ايه 3» تصنيف الودائع والديون الطويلة الأمد لبنوك «هيلينك بنك» و»بنك اوف سايبرس» و»سايبرس بوبولار بنك (لايكي)». واضاف البيان ان «هذا التصنيف وضع ايضًا تحت المراقبة مع احتمال تخفيضه» مجددًا. وقالت الوكالة انها تتوقع «خسائر لأصحاب الحسابات» وبررت التخفيض ايضًا ب»المخاطر المرتبطة بعمليات المراقبة الجديدة للودائع عندما تعيد البنوك فتح ابوابها» وكذلك بتفاقم الشكوك بشأن خطط اعادة رسملة المصارف في جمهورية قبرص. ورأت موديز ان «مخاطر حدوث خسائر كبيرة تفاقم بشكل كبير وايضًا سيناريوهات اعادة رسملة البنوك». كذلك أعلنت موديز خفض تصنيف الودائع في مصرف «راشن كومرشال بنك» من سي ايه ايه1 الى سي ايه ايه2، ووضعته تحت رقابة سلبية، للاسباب نفسها. وتصنيف «سي ايه ايه» يشمل كيانات مالية ضعيفة تنطوي على خطر حقيقي بعدم السداد.