« ماذا فعل المثقفون في معرض الرياض للكتاب؟ كان هذا هو السؤال المدهش الذي طرحه الناقد محمد العباس على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». ربما لم يكن السؤال ملفتاً ومثيراً قدر إجابته التي قدمها العباس أيضاً وقال فيها: -ارتدوا أحلى ملابسهم، وأطلوا على قناة الثقافية يلوحون لنا بزينتهم ..التقطوا الصور التذكارية مع أعضاء هيئة الأمر بالمعروف التي طالما مثلوا علينا دور المتصدين لظلاميتهم، تعاركوا في «مداريم كراون» وتلاسنوا فيما بينهم بأقسى العبارات وأردأ الأوصاف. تكلموا كثيراً في قناة «الثقافية» عن كل شيء إلا عن الكتاب ..تكالبوا على منصات التوقيع وزاحموا الناشئين من الكُتاب..دسوا في جيوبهم عطايا الوزارة وجوائزها ونفخوا صدورهم بنياشينها.. أشادوا بالمناسبة وبجهود الوزارة وبالفورة الثقافية التي تشهدها بلادنا ودللّوا على ذلك بارتفاع منسوب المبيعات.. تبادلوا الضحكات وكروت العناوين وأرقام الهواتف علانية، فيما أضمروا التحاقد والتباغض والغيرة سراً.. ويمضي العباس في إجابته قائلاً: «لم يكن معرضاً للكتاب .. كان سوقاً للكتاب .. منصة عرض لأزياء الكُتاب .. الوزارة تعرف جيداً ما الذي يريده هؤلاء .. وتعرف أن في القطعان الثقافية استثناءات .. كل عام والرياض ومعرضها ومثقفونا بخير..» تحامل شديد.. السؤال والإجابة حفزا بعض المتصفحين من المثقفين والمثقفات للرد بالاتفاق أو الرفض لما طرحه العباس وتبدأ الناقدة د. لمياء باعشن قائلة: «هذا تحامل شديد يا محمد.. ماهو الضرر من الظهور على شاشات التلفزيون؟ . البث مباشر كل يوم والمعرض حيوي بضيوفه من المثقفين ومن حقي كمشاهد أن أراهم وأستمع اليهم وأتعرف على منتجهم الكتابي.. أين الخطأ؟. وتضيف باعشن: حتى ملبسهم اعترضت عليه.. ارتدوا أحلى ملابسهم.. تريدهم أن يرتدوا أسوأها؟ ثم أنا لم أر سوى اللبس المعتاد.. فما هو معيار الحكم على الأفضل؟ وفي ردها على قضية توقيع الكتاب قالت: أما التوقيع على المنصات ..هذا عرف متبع في معظم معارض الكتب وان كنت مندهشة من اعطاء هذه الفرصة لهذا العدد الكبير للناشئين والمبتدئين، وأما قولك إنهم دسوا في جيوبهم عطايا الوزارة وكأنهم سرقوها أو تآمروا للاستيلاء عليها دون وجه حق فهذا قول مجحف في حقهم.. هذه جوائز تشجيعية وقد فازوا بها باستحقاق.. فما وجه الاختلاف هنا؟. ثم هناك تبادل الضحكات وإضمار البغيضة.. مادخل هذا بمعرض الكتاب بالله عليك؟ ثم كيف عرفت خبايا النفوس وحكمت على ما تخفيه الضمائر؟. أخيراً يا محمد.. الذين قاموا بزيارة مكتب الهيئة أنما فعلوا ذلك من باب التصالح مع إدارتها الجديدة واختلاف منهجية تعاملها مع الجمهور.. ليس هناك عداء مزمن مع الهيئة.. إن أساءت انتقدت وان أحسنت امتدحت.. ما المشكلة؟. أنهي كلامي الذي لن يعجب أحد.. بإشادة خاصة لوزارة الثقافة والاعلام على جهودها الجبارة والمضنية من أجل إقامة هذا المعرض السنوي الرائع وأبارك لها نجاحه المبهر.. وللمعلومية أنا لم أدع للمعرض ولم أذهب هذا العام لمرض والدتي ولم أوقع كتابا على منصة ولم أفز بجائزة تكريمية.. وقد تابعت كل شيء على القناة الثقافية فلها كل تقديري.. والسلام. العباس يبرر.. في رده على د. لمياء باعشن يحاول العباس تبرير ما قاله :لا ضرر يا لمياء من الظهور على الشاشات بل هو أمر مطلوب ولكن للحديث عن الكتاب وليس عن كل شيء إلا الكتاب.. وبالتأكيد من الأفضل الظهور بملابس نظيفة ومرتبة ولكن ليس كعارضي أزياء .. أما التوقيع فله تقاليده ولكن ليس لدرجة المزاحمة والتظلم والاستجداء والواسطات .. ولا نحاكم بالنوايا بل بما تبعثر في المواقع الاجتماعية الذي يتناقض مع ما شاهدناه من تبريكات ومجاملات .. أما الهيئة يا لمياء فلا ولا ولا .. لا يمكن لكاتب بنى مجده على مصادمتها وتصيد أخطائها أن يتصالح معها بلقطة تذكارية في معرض الكتاب .. ومن المهم الحديث عن جهود الوزارة ومناقدتها أيضاً .. وللمعلومية تم توجيه دعوة لي هذا العام كالعادة وقبلتها ولم أذهب لأسباب خاصة بي .. الأمور ليست شخصية يا لمياء وأنت الأقدر على قراءة المشهد وتحليله من خلال الوقائع وليس ما قيل ويقال. مادة مكثفة.. ويؤكد الروائي محمود تراوري ما ذهب اليه العباس ويقول: «كله حيصير حكاية ومادة مكثفة للتندر والمفاكهة يوما ما يا محمد « بطلنا نحلم نموت». فيما كان للشاعر مسفر العدواني موقف يوافق ما ذهب اليه العباس ويقول: لم أحضر ولكن تابعت من خلال شاشة الثقافية وأقسمت أن هذا معرض أزياء وتشدق وفسحة ومظاهر أما الكتاب فكان مجرد ضيف شرف ..! الوزارة لم تقصر ولكن المثقفين أصبحوا لا يطاقون. هدر صريح.. و يقول القاص والروائي صلاح القرشي» قلت إنه لا يجب على وزارة الثقافة أن تدعو أحدا للإقامة على حسابها في فندق من أجل حضور معرض الكتاب ..فلم يعجب بعض الأصدقاء كلامي ومع هذا فالمعرض في نظري هو عرس سنوي جميل لا تجب مقاطعته بل يفترض مقاطعة ماهو خارج الثقافة وشراء الكتب. فيما تتساءل زينب الخضيري: «صدقت .. ولكن يا أستاذي الا تلاحظ ان غياب المؤسسة النقدية هي التي أدت الى هذا المستوى .. بالإضافة الى صعوبة إبداء وجهة نظر نقدية .. مثلا أنا كاتبة رأي ولكن أؤمن بالتخصص... أيضا ملاحظة ..ربما احد افرازات التكاثر على التأليف هو أن الكتابة هي المنبر الوحيد للظهور السريع .. ونحن في عصر القشور أصبح المطلب هو الشهرة. ويختم الناقد محمد العباس النقاش قائلا: كلنا نحتاج ولو لقشة لنحدد موقعنا في حالة التيه.