أكد خبراء عقاريون أن المعارض العقارية تعتبر نوافذ تسويقية لمشاريع وهمية متعثرة، ولم تصل إلى مستوى الإفادة منها، مشيرين الى أنها عبارة عن عرض لمنتجات عقارية لم تنفذ بعد ولم تقدم التسهيلات اللازمة لطالبي السكن. وقدرت دراسة أعدت بواسطة مركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية بالدمام حجم الاستثمار في القطاع العقاري في المملكة بأنه قد يتجاوز 2 تريليون ريال، ويحتاج السوق إلى أكثر من 2 تريليون ريال للاستثمار لسد الحاجة في قطاع الإسكان الذي قد تصل حاجته الى نحو 3 تريليونات ريال خلال العشرين عاما المقبلة. وقد شهدت السوق في السنوات الأخيرة تنظيم معارض عقارية في مختلف مدن المملكة الرئيسية بدأت تأخذ منحى تصاعديا في أعدادها وتقارب فترات انعقادها بما أثر سلبا على أدائها العام حيث إن المراقب لظاهرة المعارض العقارية بالمملكة عموما وعلى صعيد المنطقة الشرقية خصوصا يلمس أنها تعاني هزالا شديدا على كافة المستويات سواء من حيث حجم العرض للمشاريع العقارية أو حركة الشراء فيها حيث إنها في تناقص مستمر سنويا ، وكذلك عدد الشركات المشاركة سواء الوطنية أو الأجنبية هو في انحدار وذلك يأتي كنتيجة طبيعية لضعف الإقبال الجماهيري عليها من جانب ولارتفاع تكلفة المشاركة من جانب آخر، وانحسار المشاركة الجماهيرية وقلة عدد الزائرين من المواطنين العاديين الذين هم المستهدف الرئيسي لإقامة مثل هذه المعارض وذلك لسبب بسيط هو ان هؤلاء يحسون أنهم بعيدون تماما عن المشاريع المعروضة في هذه المعارض العقارية وأنها لا تخصهم بل هي لفئة محدودة جدا من الناس ولا علاقة لها بالغالب الأعم من جمهور الشعب لأنها مشاريع راقية وبمبالغ مرتفعة وبدفعات مالية تتطلب ان تكون من كبار الموظفين من ذوي الرواتب الخيالية لتستطيع تحمل أقساطها. جذب أموال السعوديين وأضافت الدراسة «ليس جديدا أن بعض ما يعرض فيها من مشاريع هي وهمية وغير حقيقية وأنها فقط أحلام يقظة لملاك مثل هذه المشاريع بما يستدعي فعلا تدخل الجهات المعنية لمنع تسويق مشاريع مستقبلية لم يحصل القائمون عليها على تراخيص نظامية لها بعد ولم تبدأ بالواقع الفعلي ولم ترخص من قبل أي جهة حكومية معنية بمنحها تراخيص البيع أو التسويق فكيف تشارك في معرض عام ويعلن عنها؟ كذلك هو الحال للمشاريع العقارية المتعثرة أو القديمة التي ما زالت تعاني من مشاكل وتشارك في المعرض لتصحيح الصورة الإعلامية لها وبهدف تعزيز وضعها أمام الجمهور او تصحيح نظرة الجمهور لمالكيها. وأشارت إلى أن هذه المعارض هي نوافذ تسويقية للشركات العقارية العالمية لجذب أموال السعوديين من الخارج سواء في أوروبا أو أمريكا أو تركيا أو بعض الدول العربية في الوقت الذي يجب أن يحرص على هذه الأموال لتضخ للداخل وإعادة استثمارها في مشاريع عقارية وسياحية تنعش الاقتصاد الوطني وتقدم للمواطن سلعة استثمارية جيدة ومأمونة بدلا من ضياعها بالخارج وخسارة فائدة تدويرها بالاقتصاد الوطني. وبينت الدراسة أنه يلاحظ أن حجم المشاريع العقارية الذي يعلن عنه سنويا في مثل هذه المعارض هو أرقام فلكية وإذا ما استثنيت منه الأرقام الخاصة بمشاريع التطوير العقاري لبعض المخططات السكنية أو الصناعية الذي تنفذه شركات التطوير العقاري المحلية ستجد ان الباقي هو مجرد أرقام لا صلة لها بالواقع في السوق العقاري ولا تعكس أي آثار أو ظل لها بحركة السوق لأنها بكل تجرد ليست واقعية. وتعليقاً على دور المعارض في تنمية سوق المملكة قال المستشار الاقتصادي فادي العجاجي: بدأت تزداد وتيرة إقامة المعرض العقارية في العديد من مدن المملكة الرئيسة، وتتعدد الأغراض من إقامة مثل هذه المعارض لتشمل تسويق مشاريع قائمة أو مشاريع تحدت الإنشاء أو أفكار ومنتجات العقارية أو البحث عن مصادر لتمويل المشاريع الإسكانية. وأضاف «إن مثل هذه المعارض تتيح للمستهلك فرصة المقارنة بين الأسعار في مكان واحد لاسيما للمشاريع القائمة، إلا أن لها سلبيات عديدة أهمها أن معظم ضحايا المساهمات العقارية المتعثرة انجرف تحت تأثير المبالغات التسويقية في بعض المعارض العقارية، مؤكداً على أن بعض المجسمات في المعارض العقارية تكلف مئات الآلاف لجذب المزيد من المستثمرين، بل إن مجسم جزر البندقية كلف ما يزيد عن 5 ملايين ريال في إطار الحملة التسويقية الضخمة لجذب ما يزيد على 15 ألف مساهم». وأشار العجاجي إلى أهمية تركيز المعارض العقارية على مشاريع الإسكان القائمة، والمساهمة في ابتكار وسائل بناء أقل تكلفة لتلبية احتياجات الطبقة المتوسطة، وكذلك شدد على أهمية تقليل الآثار السلبية لإقامة المعارض العقارية التي تركز على تسويق قطع الأراضي السكنية والتجارية، موضحاً أن توسع بعض المعارض في تسويق قطع الأراضي ساهم في تفاقم الفقاعة بالسوق العقارية لاسيما عند إبرام الصفقات العقارية الكبيرة والمتوسطة. وقال العجاجي: بالرغم من أن المعارض العقارية غير مطالبة بعلاج أزمة الإسكان، إلا أن القائمين على الإعداد لمثل هذه المعارض يجب أن يراعوا أهمية تعزيز الدور التنموي للقطاع العقاري وقطاع الإنشاء والتعمير، وهذا يتطلب تشجيع ابتكار منتجات تتناسب مع قدرات الطبقة المتوسطة. صياغة مفهوم المعارض وقال عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض الدكتور عبدالله المغلوث «لم يتوقع الحجم المأمول في المعارض العقارية أن يقدم الشيء الكبير إلى الرواد وطالبي شراء الوحدات السكنية والثقافة العقارية، ولم تصل إلى مستوى كيفية الاستفادة من المعارض وإنما عرض منتجات لم تنفذ بعد ولم تقدم التسهيلات اللازمة إلى طالبي السكن، وكذلك مع الأسف لا يوجد بها ندوات ومحاضرات تفيد المهتم بالسوق العقارية وإنما فقط عرض منتجات من فلل وقطع أراضٍ بأسعار لم تكن بمتناول وإمكانية المواطن، ولهذا نحن بحاجة إلى صياغة مفهوم المعارض العقارية بالمملكة بشكل يرتقي إلى ما نحتاج له مع أن سوق المملكة واعد وناجح «. وأكد المغلوث أن القائمين على هذه المعارض لم يسعوا بكامل جهودهم لجذب الشركات العقارية والتمويل والبنوك لطرح منتجات تخدم زوار تلك المعارض وإنما ظهور أكثر من الواقع. وبين أن أسعار المنتجات المرتفعة بالمعارض العقارية لا تحرك نشاط السوق بل بالعكس تضر بها إذا كانت أكثر من المعدل الطبيعي. العلاقة بين المشتري والبنوك وأشار المهندس أحمد الموسى إلى أن المعارض العقارية أفادت السوق، ولكن هل هذا ما يرجوه المواطن من تعريف حقيقي بالمنتجات العقارية المعروضة بالسوق حتى يكون المشتري البسيط على بينة واختياره هو الأمثل في شراء شقة أو منزل العمر، وقال « إن ما يريده المستهلك هو معرفة كيف يفاضل بين العروض من حيث السعر والجودة وطريقة التسديد، وكذلك المميزات الأخرى، لذا يجب على منظمي المعارض تلمس احتياج المواطن وتطوير العلاقة بين المشتري والبنوك الممولة، والضامن في نفس الوقت». معارض محلية وقال رجل الاعمال خالد العبدالكريم: إن المعارض العقارية بالمملكة تتميز بالمحلية ولا تميل إلى المشاركة في المحافل الدولية، كما أنها أسهمت بحل بعض الأزمات مثل تقليل التكاليف في البناء، وأصبحت مركزا لتجمع كافة المتخصصين الذين يناقشون التطوير والتمويل العقاري أو ما يتعلق بإنهاء الإجراءات الحكومية. وأكد أن تواجد المعارض مهم جدا خصوصا وأن هناك نقصا كبيرا في الوحدات السكنية التي يحتاجها المواطنون وتساعد في عمل شراكات بين المتواجدين بها من ناحية المشاريع وتبادل الأفكار. وبالنسبة لعرض الشركات مشاريع عقارية لم تنفذ منذ سنوات طويلة، أوضح العبدالكريم «ظهرت عدة مشاريع من خلال هذه المعارض، ولكنها كانت أقل من المتوقع وهنا لا نلوم العقاريين لأنهم يواجهون مشكلة التمويل سواء من الجهات الحكومية أو غيرها». وأكد أن أزمة السكن بالمملكة تواصل نموها لعدم وجود تمويل كاف للمواطنين، والمسئولون قاموا بعمل مؤسسة حكومية مناطة بعمل وحدات سكنية بدلا من إعطاء القطاع الخاص الفرصة لعمل هذا المشروع. وبين العبدالكريم أن المعارض العقارية التي تنظم بالمملكة ينقصها الدعم المالي، ودعم الجهات الحكومية مع ان هذه الجهات والمعارض عبارة عن منظومة لنجاح مشاريع تهم الوطن والمواطن وليس فقط في منح التراخيص لإقامتها، موضحا أن لا توجد حتى هذه اللحظة جهة دعم وتطور سوق المعارض في المملكة. مراقبة المعارض من جهته قال الخبير العقاري عادل الدوسري «ليس كل ما يقدم بالمعارض ذو جودة عالية لأن التدليس وبعض التحايل موجود بها لذلك يجب على الزوار الانتباه لهذا الأمر، إضافة إلى صاحب يهتم فقط لتأجير المساحة وليس لما سيقدم للمستهلك»، وليس كل شركة عقارية تسوق منتجا عقاريا أيا كان أم سكنيا أو تجاريا أو أبراجا أنها ذات مصداقية، والمعارض الحالية لا تعطي مصداقية في التعامل وإنما تنوع المطروح أمام الرواد، وهذا لا يعني أن ذلك ذو جودة عالية بل قد يكون خاليا منها وإنما يزين بالديكورات أو بحنكة المسوق»، مشيرا إلى أن المعارض العقارية لا تخلو من الشركات الجيدة والعقاريين أصحاب الخبرة والكفاءة العالية الذين يعرضون منتجاتهم بمصداقية عالية وتصل نسبتهم إلى 35 بالمائة لأن الأغلب يقوم على الدعاية فقط. وأشار الدوسري إلى أنه في معارض سابقة ظهرت شركات تعرض بيع أراضٍ بربح لا يقل عن 50 بالمائة ، وكذلك أغلب المشاريع المتعثرة حاليا ظهرت من رحم المعارض العقارية بنسبة لا تقل عن 75 بالمائة وهذا ليس فقط في المملكة وإنما في دول الخليج العربي أيضا لأن كثيرا من العارضين يأتون من دول الخارج لعرض مشاريع وهمية مثل الزراعية والأبراج بدليل أنه في أحد معارض تم القبض على عارض من جنسية بعد 45 يوم من إقامة المعرض بتهمة نصب واحتيال لأنه يسوق لمشروع وهمي واستولى على أكثر من 30 مليون ريال من رجال أعمال سعوديين. وطالب الرواد بقراءة دليل منتجات العارضين والاطلاع عليها ومشاورة أهل بعيدا عن تأثير مندوب المبيعات أو التسويق، ولكن لا يجزمون بعقد الصفقات من خلال هذه المعارض. وأكد الدوسري أن مراقبة المعارض وحماية المستهلكين يأتي ضمن دور الغرف التجارية وكذلك وزارة التجارة التي تكافح الغش التجاري أن تراقب أيضا المعروض وعندما تجد به مبالغة أو فيه وعود غير صحيحة يجب أن تبادر بإيقافها مباشرة واتخاذ الإجراء اللازم لحماية المستهلك من أي مخادع يستغل المعارض العقارية للتحايل على المستهلكين.