إن من يدفع الفاتورة كاملة هو الأجدر والأحق بالاهتمام، ولن يتحقق ذلك إلا بدراسة احتياجاته وأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسعي لتحقيقها بعيدا عن القرارات الارتجالية والمغالاة في تقديم الحلول التي تخدم المطور والممول والمسوق فقط دون اعتبار للمستفيد النهائي، وهذا يسري على كافة السلع والمنتجات والأسواق. كنت في حوار قبل عدة سنوات مع إدارة إحدى الشركات العقارية الكبرى عند وضع خطتها التسويقية، وكان النقاش حول القطاعات المستهدفة للشركة وكيفية الدخول الى السوق, وكان التركيز على جلب المستثمرين والممولين للمساهمة في المشاريع، وكان خلافي بان اهم قطاع يجب ان ينظر إليه وتدرس احتياجاته قبل التواصل مع المستثمر او الممول هو المستفيد النهائي او من يشتري المنتج بهدف الاستخدام وليس من يستثمر فقط، لأن المستثمر لن يدفع الا اذا وجد من يدفع الفاتورة!!. هناك مشاريع يخطط لها وتسوق على المستثمر والممول وفي أحيان كثيرة يشرع في التنفيذ، قبل دراسة احتياجات المستفيد النهائي او مستخدم العقار – فيما يخص السعر والموقع والجودة ووسائل التمويل التي تساعده على التملك. لازلت متمسكا بأهمية دراسة حاجات المستفيد النهائي كأهم قطاع مستهدف وفي أول خطوة يقوم بها المطور، لأن من يحرك السوق العقاري وأنشطته المساندة المستفيد النهائي وهو الحلقة الأقوى في دفع العجلة الاستثمارية للبيع والشراء والاستثمار. ولو توقف المستفيد النهائي إجباريا او اختيارياً او تباطأ في الشراء والتداول فإن السوق سيتوقف وتتعطل الحركة الاقتصادية لأي قطاع كان، عقاريا او تجاريا او صناعيا. في تصريح لأحد مسؤولي معرض سيتي سكيب دبي الذي عقد مؤخرا افاد بان المعرض حقق أهدافه رغم الأزمة المالية، وأنه لم يتاثر كثيرا لانه يعنى بشريحة رجال الأعمال والمستثمرين والمطورين – Business to Business- وأنه لايركز على المستفيد النهائي للتواجد والحضور أثناء فعاليات المعرض. هذا الكلام صحيح نظرا لان مثل هذا المعرض يجمع المستثمرين والمطورين وجهات التمويل العالمية والباحثين عن الفرص الاستثمارية المجدية والمربحة وليس معرضا معنيا بقطاع التجزئة ويخص المستفيد او المشتري النهائي. نعم حضر المستثمرون والمطورون والممولون جميعا، ولكن من يحرك السوق كان غائبا منذ بداية الأزمة العالمية وهو المشتري النهائي او المستهلك والذي عندما يتوقف تتعطل الحركة الاقتصادية وهذا مايحدث حاليا في دبي. لو نظرنا الى معظم المشاريع الكبيرة والصغيرة وحتى الفردية على مستوى الوحدة السكنية الواحدة، نجدها لاتغطي حاجة المستفيد كاملة وانما تغطي جزءا أو عدة أجزاء من احتياجه مثل التصميم والمساحة والموقع والجودة وأخيرا الأسعار التي عادة ماتكون هي الفيصل في أي مشروع وغالبا ماتكون النتيجة عدم الاستطاعة والعزوف عن الشراء اجباريا. أي سوق او مركز تجاري كبير لن يعمل مهما كان شكله او تصميمه او موقعه بدون المتسوق او المشتري الذي يرتاده لذا تطورت الأفكار واصبحت المراكز تركز على الفعاليات والبرامج وتوفير المواقف والخدمات المضافة لجذب كافة افراد الاسرة بمن فيهم الأطفال للتسوق والأكل والترفيه، ولو غاب المستهلك لأقفل السوق، أليس كذلك؟