يقول أحد العارفين في مجال التسويق العقاري؛ و(المضاربة) في أراضي المنح؛ أن أحد ملامح قراءتنا للتداول أراضي المنح – وهي تماما مثل اسهم شركات المضاربة في سوق الأسهم (الخشاش) – متابعة الإعلانات المبوبة خاصة في صحيفة «الرياض» نهاية الأسبوع؛ وهي من محددات العرض والطلب؛ بإعلان ( أرض للبيع ) أو/و ( مطلوب أراضي ).. وفي واقع المشهد هي تجارة يحددها الطلب والعرض.. ولكن المتمعن في واقع التسويق العقاري يدرك أنه يعتمد في العموم على أسلوب واحد؛ يتمثل في ركوب أي شخص يبحث عن منتج عقاري السيارة؛ وبدء رحلة البحث بنفسه.. وكل ما يطرح من أساليب تسويق عقاري حالية؛ أما أنها لا تواكب واقع الطلب؛ أو أن ضعف المصداقية – أحياناً – يجنبنا الاعتماد عليها؛ أو أن تلك الجهات ضعيفة؛ وكذلك افتقاد جهات التسويق لضمانات البيع.. أو كل ذلك.. ولكن ماهو حال السوق.. لقد دخل السوق العقاري في السعودية مرحلة جديدة من بعض الدخلاء، وذلك بإطلاق سعر جديد تحت مظلة السوق لا يعبر في جميع الأحوال عن السعر الحقيقي للأراضي، وهذه المرحلة اختراع جديد يختلف عن أساليب التسويق المتعارف عليها لأنها في النهاية تدخل تحت مظلة التضليل، ويأتي ذلك في ظل احتياج السوق إلى تنظيمات حديثة تعتمد على الثقة أولاً واستخدام التقنية في البيع والتسويق وما يتبع ذلك من تأهيل للعاملين في هذا المجال. غياب العلم وقصور التأهيل ومكاتب (بعد العصر) أجبرت المستهلكين على البحث بأنفسهم عن المنتجات العقارية حسناً إليكم أحد الأساليب المتبعة خاصة في تسويق الأراضي داخل الأحياء المأهولة؛ او أراضي المنح الحكومية المتداولة.. هذه الأساليب يقودها تكتلات لمكاتب عقارية تخصصت في (تسويق بعد العصر).. يلجأ كل مكتب إلى غرس لوحة الأرض مطلوبة – مع علمهم بصاحب الأرض ورغبة في البيع – وعند الاتصال بأحد تلك الأرقام يقول الأرض ليست للبيع لكن (اذا عندك سومة نشاور صاحبه) لتبدأ مرحلة المزايدة على المتر.. في المقابل عندما تتحول لوحات( الغرس) إلى (الأرض للبيع) فإن الصوت الآخر يقول (صاحب الأرض مستعجل عطنا شيك ونشاور) وبالتأكيد كلمة مستعجل يقصد بها بخس قيمة الأرض لدفع صاحبها للبيع.. تلك هي الخطوط العريضة لرسم عمليات البيع أو الشراء الموجه؛ مع التأكيد أن أساليب ليست منتشرة وأعمم فيها الحكم.. إنما هي قائمة. وتعرض السوق بذلك إلى (صنع) مؤشرات لنقله إلى أعلى سعر، أو على الأقل (توجيه السوق)، من خلال إطلاق البيع الوهمي من قبل بعض الأفراد المغمورين أو المكاتب الصغيرة بحيث (تزرع) لوحات.. للبيع؛ أو الأرض مطلوبة، وأحياناً على غالبية قطع الأراضي بأنها مباعة – وهي في الأصل ليست مباعة - في محاولة لجذب انتباه العملاء وإدخالهم في مرحلة من التفاوض على السعر الذي يحددونه. ومثل هؤلاء يدخلون السوق – ولو جزئياً – في مرحلة فوضى سعرية وترفع بعدها قيمة الأراضي أو العقارات أو تخفضهما. ولتجنب ذلك لابد من تقنين هذه المكاتب للخروج بنتائج مجدية وكبيرة، خصوصاً ونحن مقبلون على إقرار منظومة التمويل العقاري التي ينتظر صدورها في وقت يعتقد أنه قريب، وبالتالي دخول السوق العقارية مرحلة جديدة من التداول؛ والأستثمار؛ وبالتأكيد الأسعار.. ويرى الخبراء أن كثيرا من الشركات الكبيرة – وليست الصغيرة - العاملة في السوق العقاري السعودي، نجحت من خلال استراتيجيتها التسويقية المتكاملة، من حيث صناعة المنتج وتسويقه وبيعه، بأساليب تضمن حقوق المشتري وتحقيق أرباحاً مجدية له. وأوضحوا أنه في مجال التسويق العقاري والسمسرة عدد كبير من الشركات والمكاتب والأفراد العاملين في هذا المجال، مشيرين إلى أن النجاح المضمون بدأ ينحصر في الشركات العقارية والمكاتب والافراد، الذين استطاعوا الدخول الى نطاق جديد من التسويق العقاري الحديث في المملكة، وهي الجهات التي عملت على توفير خدمات إدارة العقارات وإدارة المحافظ الاستثمارية العقارية وتولي مسؤولية توفير الارباح المجدية للمستثمرين وتوفير الخيارات المختلفة للراغبين في شراء العقارات، سواء كانت شركات او مؤسسات او حتى على المستوى الفردي، بالإضافة إلى دخول شركات عالمية للسوق العقاري السعودي تعمل على توسيع أعمالها حول العالم والدخول إلى سوق شهد طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، وتم ضخ رؤوس أموال ضخمة في ذلك السوق، الامر الذي دفع الشركات العالمية إلى تهيئة عملها في السوق باحترافية كبيرة تجذب أكبر قدر من العملاء على غرار ما تقدمه من خدمات تساعد العملاء على الدخول معها في نشاطاتها المتوزعة حول العديد من المنتجات العقارية. وتشتد المنافسة على الاستحواذ على أكبر كمية من قبل شركات التسويق المحلية والمتمثلة في المكاتب العقارية، وبعض الشركات الحديثة ذات الهوية المحلية، وشركات التسويق العالمي التي لا تزال تصارع الوقت والمنافسين في طرح ما يتوافق مع بيئة العمل السعودية. ويرى العقاريون إن اغلب الإعلانات التي تطرحها شركات التسويق تخصص للمستثمرين وليس للمستهلكين، في إشارة واضحة لغيابهم من أهداف شركات التسويق العقاري، مشيرين إلى أن المشاريع الإسكانية مقبلة، وفي ظل الضعف الواضح لشركات التسويق العقاري في مخاطبة أهم شريحة يعتمد عليها السوق العقاري التي تتمثل في المقبلين على شراء المساكن. وبينوا أن قطاع التسويق العقاري بحاجة إلى بعض الأدوات التي تساعد شركات التسويق العقاري لنجاحه، كوجود نظام الرهن والتمويل العقاري، بالإضافة إلى شركات التثمين التي تعمل على تثمين العقار بشكل محايد، الأمر الذي يعطي انطباع الطمأنينة لدى المستهلكين. وعلى الرغم من أن المملكة تحتل مكانة اقتصادية كبيرة بين دول المنطقة والعالم وتعتبر واحدة من اكبر الأسواق العقارية إلا أن هذا السوق العقاري لازال يعيش مراحل متأخرة في التسويق العقاري بالمقارنة مع بعض منتجاته العقارية الكبرى، وبأسلوب لا يتناسب مع حجمه وطبيعته. ورغم حجم الطلب في السوق العقاري السعودي، خاصة السكني منه، إلا أنه لا يزال غير قادر على الأخذ بالأساليب الحديثة للتسويق، واقصد الأساليب التي تجمع أطراف الشركات أو حتى الأفراد المنتجين للوحدات السكنية أو حتى الأراضي. ويرجع ذلك إلى رغبة الكثير من شركات التطوير العقاري إلى تسويق منتجاتها بنفسها، من جهة وعد ثقة تلك الشركات وحتى المكاتب بالأنظمة الإلكترونية الكبرى، لأنه لا يوجد تسريع رسمي يؤطر العمولات أو (السعي) الذي يخضع في كثير من الأحيان لاجتهادات وحتى تلاعب، قد تصل أحيانا إلى عدم شرعيتها. وبدأ العقاريون في إنشاء شركات عقارية ذات أبراج أو مبان ضخمة ومداخل فخمة واستقبال كبير وحافل والعمل على تطوير الأراضي كنوع من التسويق العقاري الحديث، وبدأت الشركات الصغيرة تحذو حذو الكبيرة في عملية التسويق حتى ولو بإظهار مكانتها إعلامياً. ويأتي الإعلان واحداً من أهم أساليب التسويق العقاري، الذي أصبح من أهم مؤشرات التداول العقاري، خاصة في مدينة الرياض، وتعيش كثير من الشركات العقارية ومكاتب التطوير العمراني مشكلات كبيرة إذ إنها بنيت على مفاهيم ضعيفة ولا تخضع إلى أية أسس علمية صحيحة تجعلها تتماشى مع التطورات المستقبلية لهذا السوق والمؤثرات التي تنعكس عليه سلبا أو إيجابا. والتسويق العقاري علم مستقل بنفسه يحتاج إلى خبرات كثيرة ويفتقد البعض العلم ويعتمد على الخبرة نظراً لتواجد نوعيات مختلفة من العقارات في منطقة واحدة. ويتمثل الاختلاف إما في النوعية أو نوع الترخيص أو نوع النشاط أو متوسط سعر العقار. واعتمدت بعض الشركات على الإعلان المباشر، وذلك عن طريق وسائل الإعلام كالصحف، والتلفزيون، والراديو، وعرض المشاريع والوحدات والشقق السكنية عن طريق تسهيلات وتمويلات وعروض جذبت وحققت نجاحات في بيع الشقق. وتسعى شركات التسويق العقاري في المملكة إلى اختلاق طرق جديدة غير تقليدية لتطوير عمليات التسويق العقاري، في ظل عدم نجاح أي من التجارب السابقة، حيث عمدت بعض الشركات إلى تطوير متطلبات المرحلة المقبلة في التسوق العقاري. ومع هذا التوجه طرحت عدد من الشركات العقارية أذرع للتسويق العقاري تستخدم أساليب جديدة لجذب اكبر عدد من المستثمرين العاملين في قطاع العقاري، بالإضافة إلى الأفراد في ظل الطفرة المتوقعة التي ستشهدها البلاد في قطاع العقارات خلال الفترة المقبلة. وكانت ندوة التنمية العمرانية الأولى "التطوير العقاري والإسكان المستدام"، التي اقامتها جامعة الدمام وغرفة المنطقة الشرقية؛ أوصت بدعم جهود التواصل بين المؤسسات الحكومية والأكاديمية والتطبيقية والتي تهدف إلى التفاعل مع قضايا المجتمع الملحة، وطرحها ودراستها، والوصول إلى حلول ناجعة لها، ودعت إلى تبني تصور مستقبلي لقضايا العقار والإسكان، بطريقة علمية وواقعية بعيدا عن الاجتهادات الفردية والقرارات العشوائية، وفي إطار إستراتيجي شامل، يضمن التمازج والتناغم بين طموحات قطاع التطوير العقاري من جانب، وتطلعات المجتمع في توفير البيئة الإسكانية المناسبة لكافة الفئات من جانب آخر، مع وجود دور واضح لمشاركة المواطنين في وضع مخططات التنمية على مستوى التخطيط والتصميم والتنفيذ. وشددت التوصيات على ضرورة الارتقاء بنظام تعليمي وممارسة التطوير العقاري، وربطه بالتخصصات والمعارف ذات العلاقة كالعمارة والتشييد، والتخطيط العمراني، وإدارة الأعمال والاقتصاد، وغيرها، ومراعاة الأبعاد الإنسانية للمجتمع وقوى السوق المحلي والعالمي، مع تأهيل كوادر الشباب للعمل في مجال التسويق العقاري، بدلا من اللجوء للشركات الأجنبية واستحداث برامج في التطوير العقاري على مستوى الدراسات العليا والبكالوريوس.