بعد جهود مضنية قل نظيرها لناشطين لتطبيق الفحص قبل الزواج صدر المرسوم الملكي عام 1423 بالتوصية بهذا الاجراء كشرط لعقد الزواج. مرت على هذا الاجراء ما ينيف على العشرة أعوام مع توسع محدود في تطبيقاته وسعة انتشاره ما يجعل تقييم التجربة ضروري على المستوى الطبي في مجال حجم الانحسار في الامراض الوراثية المفحوصة وايضا تأثير تطبيق هذا الفحص على معالجة المفاهيم الاجتماعية الرافضة له و حجم المستجدات الاجتماعية التي برزت بفعل تطبيقاته. ترك الفحص قبل الزواج آثارا عامة مشجعة على مستوى قناعة الزوجين للبدء بحياة خالية من مخاطر الامراض وبناء أسرة سليمة. تشير صحيفة الرياض في عددها بتارخ 20 شعبان 1433الى ان 60 بالمائة من الذين كشف الفحص عن عدم تطابقهم وراثيا رضخوا للنتائج، وفي جانب آخر تنامي القناعة لدى المقبلين على الزواج لاجراء الفحص رغم عدم الزاميته، ويعود هذا الى تراجع المحذورات الاجتماعية التي واجهها هذا الفحص في سنواته الاولى. إن ابراز العلة الوراثية والكشف عن اصابة بفيروس الايدز أو التهاب الكبد يأتي كالصاعقة على الفرد المنحدر من أسرة مرموقة ولكن الاقبال على الفحص يعني ان الوعي الاجتماعي يشهد نقلة نوعية بتغليب ثقافة الوقاية على مرارة العلاج. إن ابراز العلة الوراثية والكشف عن اصابة بفيروس الايدز أو التهاب الكبد يأتي كالصاعقة على الفرد المنحدر من أسرة مرموقة، لكن الاقبال على الفحص يعني ان الوعي الاجتماعي يشهد نقلة نوعية بتغليب ثقافة الوقاية على مرارة العلاج. الجيل الحاضر لاسيما البنات أكثر واقعية في الكشف عن أسرار الوراثة من الرضوخ للعادات الاجتماعية التي تكلفهم حياة البؤس والتعاسة. يعد الزواج من الاقارب ركنا أساسيا في مجتمعنا العربي القبلي ولم يترك الفحص قبل الزواج اي أثر على تراجع هذا الزواج. في دراسة على حديثي الزواج لمجموعة اثراء للدراسات الاجتماعية عام 1432 ان 60 بالمائة من المشاركين قد تزوجوا اقاربهم رغم اجراء الفحص. هذا الاصرار على الزواج من الاقارب مع اجراء الفحص مازال يشير وسيستمر طويلا الى التناقض الاجتماعي الذي لا علاج له في الافق القريب. قد تكون نتائج أكثر الفاحصين انهم حاملو المورث المرضي ما يجعلهم اقل حذرا ويساعد هذا الاستمرار محدودية الفحص على امراض الدم الوراثية دون اشتماله على امراض لا تقل خطورة عن الامراض المفحوصة. زواج الاقارب متجذر في العرف الاجتماعي ما يجعل توسيع دائرة الفحص لامراض مزمنة في المجتمع السعودي امرا لا مفر منه طال الزمن ام قصر. في مقال مهم يشير الدكتور زهير رهيني استشاري طب الاصفال والطب الوراثي الى ان مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض قام بدراسة (استمرت من 1414ه 1417ه بأخذ عينات دم في اليوم الثاني أو الثالث لكل مولود يولد في ثلاثة مراكز اثنان في الرياض وواحد في جدة، وكان الفحص يشمل ثلاثين مرضاً من أمراض التمثيل الغذائي، وقد تم مسح ثلاثين ألف مولود خلال السنوات الثلاث المذكورة وكانت النتيجة هي إصابة مولود واحد لكل 1400 مولود حي ولوضع معادلة بسيطة وهي ان طفلاً واحداً من ألف وأربعمائة طفل يكون مصاباً بأحد الأمراض الثلاثين التي جرت عليها الدراسة، فكم يكون عدد المصابين إذا عرفنا أن أمراض التمثيل الغذائي المعروفة تتجاوز خمسمائة مرض ؟! وكم تكون الإصابة بأحد الأمراض الوراثية إذا عرفنا أنها تتجاوز الآن أكثر من عشرة آلاف مرض؟ إن أمراض الدم الوراثية تعتبر جزءاً بسيطاً جداً من الأمراض الوراثية الموجودة في المملكة، بل إن كثيراً من الأمراض الوراثية الكثيرة الأخرى أخطر منها وموجودة في مناطق معينة معروفة لذوي الاختصاص. [email protected]