بعض مفسري الرؤى يرى في نفسه أن الله أعطاه معجزة لم يعطها غيره فيقسم بأغلظ الأيمان مصدقا لنفسه أن ما يفسره ويتجه اليه من آراء حول ما قد يحدث هو بالضبط عين الحقيقة التي ستقع لا محالة، وأن ذلك ما سوف يكون، وذلك لا يخرج في الواقع عن تسويق وبيع حصري للوهم، فهؤلاء لم يطلعوا على الغيب ولم يؤتوا مفاتحه وإنما هي تقديرات قد تصل لدى البعض عند حدود الموهبة وهي هبة ربانية كما لدى ابن سيرين الذي يفسر الرؤى والأحلام وقد يصيب الحقيقة ولكن ليس للحد الذي نبالغ في تصويره بما يجعله قريبا من كشف الحجب ومعرفة الغيب والاطلاع عليه، وحين يضطر أحد مفسري اليوم الذين يتزاحمون على الفضائيات إلى القسم لتأكيد صحة تفسيره فإنه يتم ناقصا لديه وهو أن بعض الناس لا يصدقون ما يقول فيدعم قوله بالقسم. سيطرة المفسرين على النساء تحديدا خطر ينبغي إدراكه قبل أن تهدم بيوت ويسكنها الشك بسبب حلم هو ترجمة لما في العقل الباطن، وقد يكون من قبيل الأضغاث يتجه بها مفسر مدّعٍ إلى غير مسارها فينحرف بفكرة السائلة إلى اتجاه آخر يضرها ويضر من حولهاوفي تقديري أن سلوكيات بعض الأشخاص، ولا أزعم أني ضليع في علم النفس، أن هؤلاء يعملون على السيطرة على طموحات الضعفاء وتعزيز الصورة الذهنية التي يطمحون إليها مما يرون، وإن كان السائل وصاحب الحلم ضعيف الشخصية فإنه في الغالب يكون تحت تأثير هواجسه ومشكلاته في حياته، وذلك لا يصعب على المفسر أن يدركه حتى من نبرة حديثه، فيتعامل معه على هذا الأساس ويقدم له تفسيرا يتناغم مع هواجسه ووساوسه، وحين يصدق ذلك يظن خيرا وإيجابا في المفسر، والساحر يفعل ذات الشيء فهو يخاطب الأوهام الجوهرية في النفس ويتعامل معها بالايحاء واستغلالها لتمرير عمله، وحين يقف على خشبة المسرح ويقدم عروضا تفوق الخيال فإنه في الأصل فكّر في ابتكار ما لا يمكن تصوره وتجهيز بعض الحيل التي يسرقها من انتباه المتابعين ليبدو كالذي يقدم سحرا باهرا. في كل الأحوال هناك استغلال لانتباه الضحايا، والمفسر يتعامل في الحقيقة مع ضعف الشخصية والوهم الذي يسيطر عليها، وتلك هي الخيوط التي يتحرك ويتلاعب بها، وبعض هؤلاء المفسرين الجهلاء هدم مستقبل أسر بتفسير لا يعلم تأويله إلى الله، وسوف أذكر لكم حكاية وقعت لشخص أعرفه تقدم لخطبة فتاة وقد تمت الموافقة وكاد الأمر أن يكون، ولكن تعلق هذه الفتاة المسكينة بهؤلاء المفسرين بائعي الوهم جعلها ترى في المنام حلما سارعت إلى تفسيره ولكن النتيجة من هذا المفسر»الجاهل» بعد أن استمع إلى حلمها استطاع بكلمات قليلة ولكنها كانت كافية لأن ترفض الفتاة من تقدم لها، وهو استغل ضعفها الشخصي وأوهامها، وذلك بالطبع يتنافى مع مبدأ الاختيار الذي حدده الإسلام بدينه وخلقه وحتى مستواه الاجتماعي وكسبه الذاتي لا غير. سيطرة المفسرين على النساء تحديدا خطر ينبغي إدراكه قبل أن تهدم بيوت ويسكنها الشك بسبب حلم هو ترجمة لما في العقل الباطن، وقد يكون من قبيل الأضغاث يتجه بها مفسر مدّعٍ إلى غير مسارها فينحرف بفكرة السائلة إلى اتجاه آخر يضرها ويضر من حولها، وذلك مؤكد لأن بعضهن يكن على قناعة تامة بما يفسره المفسر وعلى قناعة كاملة بما يقوله رغم أنه لا يطلع على الغيب ولا يمكنه ذلك، الحد من هذه الظاهرة يحتاج إلى تضافر جهود المجتمع المدني وعدم اعطائهم الفرصة في التوسع في هذا الباب، فليتقوا الله في السائلين والسائلات ولا يتاجروا بمتاعب الناس ومشاكلهم ووساوسهم فبئس هي تلك التجارة والكسب بأحلام الناس.