يذكر عالم الاجتماع العراقي علي الوردي في كتابه "الأحلام" أن المجتمعات كلما ازدادت لديها نسبة اليأس اتجهت إلى الأحلام والتهاويل وأساليب الوسوسة التي تتغلغل في نفوس المجتمع الحائر الذي لا يدري ماذا يصنع بأيامه أو بمستقبله، ولا يعرف كيف يتخلص من الأوهام التي تحاصره. مع كل حدثٍ أو حتى مباراة تتصاعد حالات تفسير الأحلام. في مباراة الأهلي الأخيرة مع أولسان الكوري، عشرات الأحلام فسّرت بأن الأهلي سيفوز، ولا أدري إن كان الفريق الفني في نادي الأهلي أتاح للاعبين الاطلاع على هذه المعلومة أم لا. أحلام النوم هي "أضغاث" والذين يبنون حياتهم عليها ينتهون إلى الوهم والخرافة والوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس. نحتاج فعلاً إلى تطبيق أحلام اليقظة لا إلى تفسيرها! سأتفق هذه المرة مع الشيخ غازي الشمري الذي طالب عبر صحيفة "الشرق" قبل أيام "وزارة الشؤون الإسلامية بالتدخل لضبط مفسري الأحلام، على خلفية تنبؤ أحد مفسري الأحلام بفوز الأهلي في النهائي الآسيوي على فريق أولسان الكوري، الذي جاءت نتيجته عكسية. وقال:(عندما يتدخل مفسر الأحلام في الكرة ويجزم بفوز الأهلي ويحشر العلم الشرعي في أمور لا تفيد، لذلك حان الوقت لضبط مفسري الأحلام تحت وزارة الشؤون الإسلامية لتمحيصهم.. إن إحدى الفتيات رفضت الزواج لكل من تقدم لها لأن مفسر أحلام جاهلاً فسر لها أن إمام الحرم السديس سيتقدم لها حتى وصل عمرها أربعين عاماً)". الأحلام أيها السادة يُستأنس بها ولا يستند عليها، وقد ذكر علي الوردي في كتابه الرائع أن مجموعة من الضغوطات يمكن أن تتدخل في تشكيل نمط الحلم، فحين تكون بحاجةٍ إلى دورة المياه تأتيك أحلام في هذا الإطار، وحين تفكر بشخصٍ قبل النوم ربما حلمت به، وحين تمر بضائقة مالية تأتيك أحلام بأنك ربحت مليون ريال، أو بأن شرطة تداهم منزلك لتقبض عليك وتعيد أموال الذين استدنت منهم! *بآخر السطر، علينا أن نزيد من أحلام اليقظة لنطبّقها لا أن نجلب أحلام النوم لنجعلها هي التي تسيّر واقعنا، فالأحلام تتدخل فيها ضغوطات الحياة واحتياجات الجسد، ولا معنى لأن نفسر كل شيء بالحلم، أخشى ما أخشاه أن يكون فريق الأهلي قد سمع بالأحلام واتكأ عليها إلى أن جاءت الضربات الثلاث الكورية فاستفاق، ولله في خلقه شؤون.