في الآونة الأخيرة تحولت بعض قنوات تفسير الأحلام إلى ملاذ للحالمين، خاصة أولئك المفزوعين من أحلامهم، فالبعض من هذه القنوات بات موضع شك مما يحصل في كواليسها من استعانة بالجن أو إدخال المتصلين في متاهات لا تحمد عقباها.بعض القنوات الفضائية التي خصصت لديها برامج لتفسير الأحلام تهدف إلى البحث عن المكاسب المادية من دون مراعاة لما ستؤول إليه تفسيراتها للرؤى من هدم للبيوت وطلاق بين الأزواج، حتى أن تخصيص قنوات ومواقع إلكترونية لتعبير الأحلام وتفسيرها صار ضربًا من المنافسة بين أدعياء العلم المتاجرين بالناس معتمدة على المال الذي تتقاسمه مع مفسر الرؤى، وأصبحت للرؤيا تجارة ومكاسب.فعند البحث عن كلمتي "تفسير الأحلام" على محرك البحث العلمي "غوغل" ظهرت 3 ملايين و 800 ألف نتيجة بحث، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كثرة الباحثين عن تفسير الأحلام والهوس الذي ضرب الكثير من البيوت بسبب الجري وراء التفسير والمفسرين الذين يملؤون الفضائيات ويجيبون عن رسائل sms ومكالمات وبريد إلكتروني، لأن الأحلام شغلت عقول كثير من الناس، وبلغ انشغالهم بها حد الهوس وصدقوا كل تفسير له سواء كان من تفكيرهم وتحليلاتهم أو من أفواه مدعي التفاسير المنتشرين على الفضائيات، هناك نفوس جبلت على الشك، ففي حال تكرار المنام ولا سيما أن الشيطان ينتهز النفوس المريضة قد يلجأ الرجل أو المرأة إلى معبّر رؤى لا يمتلك أدوات التعبير الصحيح لتتضاعف المشكلات وتتفاقم الوساوس خاصة بين الأزواج ما يزعزع أواصر الاستقرار العائلي، وربما وقع طلاق بين زوجين وهدم البيت وتفرقت أسرة وتقاطعت أرحام بأسباب هؤلاء المعبّرين الذين لا يحسنون ما يعبّرون ولا يتقون الله فيما يقولون، وأصبح هناك من يدعي التعبير وليس له أهلية لذلك، فالرؤيا شيء وتعبيره شيء آخر. لا يخفى أن ثمة وجود شركات تجارية لتفسير الأحلام، وبتنا نرى تفسير الأحلام عبر الإذاعات والفضائيات بما يشبه المسكنات لمن يشعر بالألم أو القلق من الحلم أو لمن يريد أن يجد تفسيرًا يسعده، حتى أننا نرى كثيرًا من التفسيرات سريعة ومتعجلة ولا تميز بين الصالح والطالح، وأن كثيرًا منها لا تضع التفسير في موضعه الصحيح. لا ننكر الحكم الشرعي لتعبير الأحلام باعتباره من الأمور المباحة والجائزة، ولكن لا تدخل تحت الأحكام التكليفية، ولكن نأسف لدخول كثير ممن لا يحسن التعبير واقتحامهم هذا الباب الخطير في ظل ما ينتج عنه من آثار سيئة بسبب هذا الفضول والعبث من هؤلاء الجهال الذين كدر كثير منهم الصفو وزرعوا الشك وأفسدوا اليقين عند الناس ورموا بعض المستفتين في مضائق الهموم والأحزان والشكوك من خلال تفسير خاطئ لبعض الرؤى والأحلام. أنا لا أستهدف فقط بعض البرامج الفضائية التي تعنى بتفسير الأحلام، وإنما أعني أيضًا الجهال والمتطفلين على موائد التعبير وذلك بسبب ضعف الوازع الديني والشهرة والكسب المادي، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الاستعانة بالجن، ولا شك أن هذا من المسالك الخطيرة.. إن للتعبير والتفسير الصحيح أدوات، منها معرفة كاملة لحال من رأى الحلم كون التفسير يختلف باختلاف الأحوال والسلوكيات والظروف المتعلقة بالحالم والحلم نفسه. باعتباره من أحاديث النفس أو يدخل في نطاق الشيطان أو أضغاث الأحلام، كما ينبغي أن يكون مفسر الأحلام عالمًا باللغة العربية لعلاقتها بتفسير رموز الحلم وعالمًا بالشريعة وضرورة معرفة الشخص الحالم وسلوكياته وأخلاقياته ودقائق حياته كون الكثير من رموز الرؤيا يختلف تفسيرها وفقًا للشخص الذي يفسر له، وينبغي أيضًا أن يتعلم المنهج الشرعي في التعامل مع ما يرى سواء كان مما يسرهم أو مما يسوؤهم والأهم أن يرى صاحب الحلم أو الرؤيا ويتفرس ملامحه، فهذا يساعد على التفسير وفي كل الأحوال ينبغي لكل مفسر أن يتقي الله تعالى ويكون حريصًا على ألا يسبب هذا التفسير خرابًا للبيوت العامرة.