أي برنامج للسعودة، على كثرتها، ينبغي ألا تحتمل سلبيات على القطاعات المختلفة، وما لم تكن متوازنة بين ضرورات التوظيف وتحميل المنشآت ما لا تطيق فإن الفشل سيكون نصيبها، لأنها حين تضع القطاعات الاقتصادية بين مطلوبات سعودة غير مدروسة جيدا فإنها ستتوقف، لأنه ليست هناك جهة يمكنها أن تستمر في نشاطها وتثقل عليها السعودة بما يعوق نموها وتطورها. كل السعوديين وطنيون ويرغبون في التجاوب مع توطين الوظائف، وأجزم بأن كثيرا من رجال الأعمال متى وجدوا السعوديين ذوي الكفاءة والمؤهلين والملتزمين بالدوام والعمل والمساهمة الإيجابية الفاعلة في نمو أعمالهم لن يترددوا مطلقا في توظيفهم والترحيب بهم، بل ومكافأتهم وتحفيزهم لمواصلة عملهم في أفضل بيئة انتاجية، على وزارة العمل أن تكون إيجابية وداعمة لتأسيس مناخ إيجابي للاستثمار ودعم القطاع الخاص وليس حشره في الزوايا الضيقة، وهي بذلك مثل الذي يدفع مكبل اليدين الى البحر ويطلب منه ألا يبتل بالماء، والأمر بحاجة الى إعادة نظر ودراسة حتى لا نجد أنفسنا في خاتمة المطاف في مأزق تنموي بسبب سياسات وزارة العمل وقد أوجدت برامج وزارة العمل لنشر السعودة مناخا منفرا في قطاعات الأعمال، لأنها لم تراع حقوقا في النمو، وبدا الأمر وكأنه «خذوه فغلوه» باعتبار أن الوزارة لديها السلطة والتحكم في النشاط الاقتصادي، ولم تمتلك في ذات الوقت حق مراجعة القرارات وتقويمها وتحقيق التوازن الذي يفيد جميع الأطراف، فلا الوزارة وفرت كوادر تناسب الأعمال، دون أن نغفل عدم تأهيلها، ولا هي تراجعت عن قراراتها الضاغطة، وكانت النتيجة على قياس إعلان 13 مدرسة أهلية في محافظة جدة إفلاسها، لأنها تحت ضغط السعودة ومنح المعلمين السعوديين رواتب تفوق قدرتها وكان من الصعب عليها أن تستمر فهي في نهاية الأمر مشروعات استثمارية تقوم على حسابات اقتصادية بحتة متى اختلت انهارت، لذا ينبغي أن نكون موضوعيين في تعاطينا مع السعودة، وعلى الوزارة أن تبتكر برامج وحلولا واقعية، فالقطاعات الاقتصادية ليست مجرد مكان لرفع «تارجت» الوزارة في توظيف الشباب على حساب مصالحها، فإنها بذلك ستغلق أبوابها نهائيا وقد تهاجر الى الجوار كما حدث من قبل في سوق الذهب الذي هاجرت استثماراته الى دبي ولم يستفد البلد من الأموال التي غادرت ولم يجد الباحثون عن عمل فرصا وظيفية تحشرهم فيها الوزارة. في غالب دول العالم - وعلى حد علمي المتواضع - لا أعتقد أن التوطين يتم بهذه الصورة الضاغطة، فالسوق له قوانينه، وهو قائم على العرض والطلب حتى في الوظائف التي ينبغي ألا يشغلها إلا المؤهل والكفء والمنتج، وتتم العملية بسلاسة متى ما فرض ابن البلد نفسه على العمل فهو مرحب به تلقائيا ولا يجد صعوبة في الوظيفة ، لكن أن يتم الأمر جبرا وغصبا فذلك خلل، ولن تستفيد الدولة أو وزارة العمل حينما ندخل في سلسلة إعلان إفلاس في المدارس وبعدها المقاولات ثم الصناعة ثم وثم بقية القطاعات. على وزارة العمل أن تكون إيجابية وداعمة لتأسيس مناخ إيجابي للاستثمار ودعم القطاع الخاص وليس حشره في الزوايا الضيقة، وهي بذلك مثل الذي يدفع مكبل اليدين الى البحر ويطلب منه ألا يبتل بالماء، والأمر بحاجة الى إعادة نظر ودراسة حتى لا نجد أنفسنا في خاتمة المطاف في مأزق تنموي بسبب سياسات وزارة العمل؛ التي في الحقيقة تعتبر معوقا للتنمية بطرح برامج غير واقعية وليست متوازنة وبها كثير من العيوب الإجرائية والاستثمارية والوظيفية. / maaasmaaas @ : twitter