لا تخفى على أحد أهمية الأدوار التي تؤدّيها الإدارة العامة للمرور، والأثر البالغ لأنشطتها على الحياة اليومية للمواطن والمقيم على حد سواء، وفي الوقت الذي نشهد من خلاله نمواً مضطرداً يشمل توسعة الطرقات وإقامة الجسور وشق الأنفاق وتنظيم مسارات السير في الاتجاهات المختلفة، إلاّ هذا النمو يعاني في كثير من الأحيان شبهُ غياب لمنسوبي هذا الجهاز وآلياته في معظم طرقنا ومياديننا، وإذا كان هناك تواجدٌ فإنه بصراحة بسيطٌ لا يواكب كثافة السير التي تشهدها شوارعنا وطرقنا والازدحام الذي تعاني منه؛ الأمر الذي يجعلنا نقضي ساعات لنتنقّل من مكان إلى آخر للقيام بعمل ما أو زيارة أو غير ذلك. نعلم جميعاً أن بعض المهام التي كانت تقوم بها هذه الجهة قد تحولت إلى جهات أخرى، ومنها مهمة متابعة الالتزام بالسرعة المحددة على الطرق إلى (ساهر)، وانتقال مهام متابعة حوادث السير إلى شركة نجم، إلاّ أن ذلك لم ينعكس على الاستفادة من الأفراد والآليات في المساهمة في تطوير حركة المرور بصفة عامة، بل إلى مزيد من الفوضى المرورية والازدحامات التي تشهدها المدن والطرقات. صحيح أن هناك جهودا يبذلها القائمون على هذا الجهاز ولكن واقعنا يتطلّب المزيد منها لحماية الأرواح والممتلكات وما قد يترتب على فقدانهما من خسائر تعود على الاقتصاد الوطني ممّا يزيد الأمر سوءً،ولعل من أهم العوامل التي غفلت عنها إدارة المرور، وكانت سبباً في حدوث الفوضى المرورية، وقلّلت من فعالية الدور الميداني لها، هي أن الحصول على رخصة القيادة متاحٌ لكلّ من يطلبها، لا سيّما من الجاليات الأجنبية الذين يقارب عددهم ثمانية ملايين، ولو افترضنا حصول 20% منهم على أقل تقدير على رخصة قيادة؛ فمن الطبيعي أن يشكِّل كلّ هؤلاء عبئاً على الحركة المرورية داخل البلاد، لذلك يصبح ضرورياً إعادة النظر في شروط منح رخصة القيادة للجاليات الأجنبية والعمالة الوافدة. وبما أن المساهمة في تطوير هذه البلاد المباركة مسؤولية اجتماعية وواجب علينا جميعاً، فإننا نورد بعض الملاحظات آملين أن تجد من المعنيّين بإدارة المرور وعلى رأسهم مدير عام المرور بالمملكة اللواء عبدالرحمن المقبل العناية والاهتمام، ولعلّها بقليل من الدراسة تُسهم بتحسين الوضع القائم؛ ومن ذلك أن الحصول على لوحة سيارة من النوع الطويل تستغرق وقتاً طويلاً بسبب أن إنجازها لا يكون إلاّ بالرياض.. لماذا لا يتم عملها في الدمام أو غيرها من المدن الأخرى؟؟.. أليس في هذا الإجراء اختصاراً لوقتِ وجهد المواطن والمؤسسة؟؟.. وبالتالي توظيفهما في مجالات أكثر أهمية، ومن الملاحظات الأخرى أيضاً ضرورة التعاون والتنسيق مع الشركات الكبرى مثل أرامكو وسابك وغيرهما من الشركات ذات الكثافة البشرية في المنطقة؛ لإعادة النظر في أوقات بدء الدوام وانتهائه لكي نخفف من حركة السير على الطرق وننظمها، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى وبحكم أن جهاز المرور من القطاعات الخدمية التي يحتاجها الجميع؛ فإن تمديد ساعات العمل لفترات أطول هي من الأمور التي يجب أن تؤخذ بالحسبان. ليس هذا كله ما يأمله المواطنون من الإدارة العامة للمرور بل يتعداه إلى تفعيل الدور التوعوي لإدارة المرور لما له من أثر في تكوين الثقافة المرورية لدى جميع فئات المجتمع بما في ذلك طلاب التعليم العام والتعليم العالي، مما يساهم بلا شك في تقليل الحوادث والخسائر، وكذلك تقديم الخدمات الإلكترونية في جهاز المرور وغيره من المؤسسات الحكومية الأخرى، وصولاً إلى الحكومة الإلكترونية مما يجعل استخدام أنظمتها متاحة للمواطنين في إنجاز كافة معاملاتهم. والله من وراء القصد. تويتر: @fahad_otaish