في الصورة الأولى والتي التقطت في العام 1959م أشاهد عشرات الطالبات الخريجات يصطففن لأخذ الصورة مع بعضهن البعض ، وبمعية رواد الجامعة ، وأعضاء هيئة التدريس فيها . غير أن جميعهن في هذه الصورة قد تبرجن بزينة ، ولبسن الزاهي ، والقصير . في الصورة الثانية والتي التقطت في العام 1978م أرى عشرات الطالبات الخريجات يصطففن لأخذ الصورة مع بعضهن البعض ، وبمعية رواد الجامعة أيضا ، وأعضاء هيئة التدريس فيها ولكن ثمّة اختلافا– هذه المرّة - بيّناً ، وأمراً غريبا . أرى من بين خريجات هذا العام فتاتين بحجاب خجول تُطل من خلال تفاصيله المعقدة بعض الشعيرات الجانبية . أما ثالثة الصور فهي التي أُرّخت بتأريخ 1995م وفيها تظهر نصف خريجات تلك الجامعة وقد كسرن قاعدة التبرج آنذاك فارتدين الحجاب بكامله . وتزينّ به فخرا دون خجل ، واعتزازا لا يشوبه انكسار . والعجب .. رأيته في الصورة الرابعة والتي التقطت في العام 2004م . لقد جاءت هذه الصورة لتفاجئنا بعدد ضئيل لا يتجاوز الأربع عشرة طالبة لم يضربن بخمرهن على جيوبهن ، أو يدنين عليهن من جلابيبهن كبقية زميلاتهن اللائي ملأن الصورة حجاباً ، وسترا . ولأمانة النقل ، ودقّة الوصف فإن النسوة الأربع عشرة أولئك قد تملكت الحشمة ملبوساتهن رغم اختلافهن عن بقية زميلاتهن ، وخلافا لأخواتهن خريجات الستينات ، والسبعينات . فتحت إحدى رسائل الإيميل فإذا بأربع صور فوتوغرافية التُقطت لطالبات إحدى الجامعات العربية العريقة في سنوات متفاوتة . صورٌ تلتقطها تلك الجامعة كل عام لطالباتها ، وطلابها الخريجين كي تصبح في ذاكرة زمن أولئك الطلبة ، وتلك الطالبات ، وأساتذتهم . ما دعاني للتأمل ، والتساؤل معا وأنا أُقلب النظر ( البريء ) في تلك الصور هو : اختلاف تلك الصور ، وتغيّر أحوال أصحابها ، وتبدّل المفاهيم لدى تلك العقول بين تلك العقود ، والحقب . استُعمرت أوطان تلك الشعوب بقوة الحديد لكنها لم تسلم عقولها ، وأفئدتها لمستعمرها ليشرّق بها ، أو يغرّب . هذا وإن حدث هذا فإنها ترجع ، وقد رجعت ، وسترجع . والرسالة لهواة طمس الهويات ، ومحترفي إمالة المعتدل في أزمنتنا هذه تقول تلك الصور : حنانيكم يا هؤلاء فإن لأمة اقرأ عقولاً لا زالت تتشبّث بثوابتها ، وعلى النواجذ تعضّ . بَيد أنها تذهب مع من يحب التغيير فتنزع إلى المتغيرات لتغيّر دون المساس في الثوابت ، والمُسَلَّمات. حقيقة تلك الفوتوغرافات هي : أن أمة محمد عليه السلام ودود ، ولود . أوّابةٌ منيبة . إن كبَت نهضت ، وإن مالت اعتدلت ، وإن أخطأت رجعت .. هكذا قراءتي لتلك الصور ، وللجميع الحق في اختيار قراءات أُخر . [email protected]